الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فريدوم هاوس».. وحرية الصحافة في أميركا اللاتينية

7 مايو 2014 23:57
أندريس أوبنهايمر كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية يحتوي تقرير جديد حول حرية الصحافة في العالم على رقم مخيف، حيث يشير إلى أن 2 في المئة فقط من الأميركيين اللاتينيين يعيشون في بلدان تتمتع بحرية الصحافة، غير أنني أتساءل ما إن كان التقرير يرسم صورة دقيقة حول حقيقة الأوضاع في المنطقة. ولكن قبل أن نخوض في ذلك، لنلقي نظرة أولاً على الخلاصات الرئيسية لتقرير «حرية الصحافة 2014: مسح عالمي لاستقلال وسائل الإعلام» الذي أنجزته منظمة «فريدم هاوس»، وهي واحدة من أقدم وأكثر المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان تأثيراً في واشنطن. فحسب التقرير، فإن حرية الصحافة في العالم تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عقد من الزمن، بسبب تراجع كبير في مصر وليبيا والأردن، وانتكاسات أقل دراماتيكية ولكنها مهمة عبر المنطقة. غير أنه حتى في الولايات المتحدة، التي تُعتبر واحدة من البلدان القليلة في الأميركيتين التي ما زالت منظمة «فريدم هاوس» تصنفها باعتبارها «حرة»، كان هناك تحول إلى الأسوأ، حيث يشير التقرير إلى أن الممارسات التجسسية للحكومة التي كشف عنها المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي أميركي إدوارد سنودن، ومراقبة هواتف صحفيي وكالة «أسوشييتد برس»، تمثل أسبابا تدعو للقلق. في هذا التقرير الجديد، حصلت الولايات المتحدة على مجموع 21 نقطة على مقياس من 1 إلى 100، الذي يمتد من الأكثر حرية (1) إلى الأكثر قمعا (100). أما البلدان الأميركية اللاتينية الثلاثة الوحيدة التي تشكل فئة «حرة»، فهي كوستاريكا (18) وأوروجواي (26) وسورينام (28). ومن بين البلدان «الحرة جزئياً» في أميركا اللاتينية، هناك شيلي التي تحتل المرتبة الحادية والثلاثين، وتفصلها مرتبة واحدة فقط عن المجموعة المصنفة باعتبارها «حرة»، هذا في حين تحتل بيرو المرتبة الرابعة والأربعين، وبنما المرتبة الخمسين. وجاءت البرازيل في المرتبة الخامسة والأربعين بسبب الهجمات التي تستهدف الصحفيين، والدعاوى القضائية ضد مدونين، والإجراءات الحكومية لإزالة محتويات من شركات إنترنت. أما الأرجنتين، التي جاءت في المرتبة الحادية والخمسين، فما زالت «بلداً يدعو للقلق» بسبب الهجمات الشفوية المتواصلة على الصحفيين المنتقدين. ومن بين البلدان الأميركية اللاتينية التي صنفت باعتبارها «غير حرة» هناك إكوادور (62)، حيث مررت الحكومة قوانين لإسكات وسائل الإعلام، وهندوراس (64) والمكسيك (61)، حيث يجبر عنف تجارة المخدرات والجريمة المنظمة جزءا كبيرا من وسائل الإعلام على التزام الصمت، كما يقول لتقرير. ثم تأتي في المراتب الدنيا، التي تشير إلى البلدان الأقل حرية بكثير، فنزويلا (78)، التي قامت حكومتها بشراء آخر ما تبقى من المؤسسات الإعلامية المنتقِدة مثل «جلوبوفيجن» عبر مقربين من السلطة، وكوبا (90)، التي تُعد واحدة من أكثر البلدان القمعية. ولكنني أتساءل ما إن كان تقرير «فريدم هاوس» يرسم صورة دقيقة عن حريات الإعلام في أميركا اللاتينية. فهل من العدل وضع كوبا، التي يُحظر فيها وجود وسائل إعلام غير حكومية، في نفس الفئة – «غير حرة» – التي وضعت فيها المكسيك؟ أو وضع وسائل الإعلام الوطنية في البرازيل، التي تفضح الفساد الحكومي بشكل يومي، مع وسائل الإعلام المحلية التي يتم إخراسها في كثير من الأحيان من قبل حكام الولايات وعمد المدن؟ الواقع أنه إذا ذهب المرء إلى ساو باولو أو بيونس آيرس أو مكسيكو سيتي، سيكون من الصعب عليه حقا أن يصدق أن هذه البلدان تعيش في بيئة إعلامية غير حرة. ذلك أنه في العديد من هذه الأماكن، هناك وسائل إعلام مستقلة نشطة تقوم بعمل أفضل في أحيان كثيرة بخصوص كشف انتهاكات وتجاوزات الحكومة والشركات مقارنة مع وسائل الإعلام الأميركية السخيفة على نحو متزايد. وعلى سبيل المثال، فإذا ذهب المرء إلى البرازيل، سيجد عناوين عريضة كثيرة في وسائل الإعلام الوطنية حول الفضيحة المالية لشركة النفط الوطنية «بيتروبراس» التي تلاحق الرئيسة ديلما روسيف. كما فضحت وسائل الإعلام الوطنية في البرازيل - خاصة مجلة «فيخا» وصحف يومية مثل «فولها دي ساو باولو» و«أو إيستادو دي ساو باولو» – فضيحة الرشى التي دفعتها حكومة الرئيس السابق «لولا لولا دا سيلفا» لبعض المشرعين، والتي أدت إلى عقوبات سجنية لمساعدين سابقين لـ«لولا». وفي الأرجنتين، ورغم محاولات الرئيسة كريستينا فيرنانديز دي كرشنر إخراس وسائل الإعلام، فإن الصحفي التلفزيوني «خورخي لاناتا»، ندد بالفساد الكبير الذي يعتري عقود حكومة «كرشنر» مع رجل الأعمال «لازارو باييز»، بينما كشف صحفي التحقيقات في صحيفة «لاناثيون» اليومية «هيوجو ألكونادا مون» عن عدد من العقود الحكومية التي تحوم حولها الشكوك. وشخصياً، أعتقدُ أن مؤشر «فريدم هاوس»، يمثل جهدا جديرا بالإشادة والتقدير، ولكنه يخلط الحابل بالنابل، إذ لا يجوز وضع البلدان التي تعاني من الرقابة الحكومية في نفس السلة مع بلدان أخرى تحاول فيها عصابات المخدرات والجريمة المنظمة إخراس وسائل الإعلام. ذلك أن الأمر يتعلق بمشكلتين مختلفتين تتداخلان أحيانا، ولكنهما في الغالب الأعم تتطلبان حلولا مختلفة. ومع ذلك، فمن العدل القول إن أميركا اللاتينية تعاني مشكلة متزايدة فيما يخص حرية الصحافة. صحيح أن عدد الأميركيين اللاتينيين الذين لديهم إمكانية الوصول بسهولة إلى صحافة مستقلة ربما يتعدى 2 في المئة بقليل، إلا أنه من دون شك أقل من مستواه قبل عشر سنوات. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©