الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيئة التعليم: الاختبار الحقيقي للتسامح

3 يوليو 2010 21:00
اتخذ الاتحاد الوطني للمعلمين البريطانيين في مؤتمر عقده عام 2008 قراراً مفاده أنه يتوجّب على المدارس الحكومية أن تملك المرونة الكافية والقدرة على التكيُّف لاستيعاب الاحتياجات الدينية للأهالي والتلاميذ. لكن، ولسوء الحظ، فإن إجراءات كهذه تتسبب أحياناً بردة فعل عكسية من مجموعات وأفراد عنصريين يرون هذا التحرك على أنه يبلغ تقريباً حد سلب هويتهم الوطنية. ورغم أن غالبية الناس في المملكة المتحدة يدينون الوطنية ذات الحماسة الزائدة التي تبلغ حد العنصرية تجاه الأقليات العرقية، إلا أن مجرد تجاهل هذه المواقف السلبية ببساطة لن يعمل إلا على تفاقم انعدام التسامح لدى بعض الأشخاص. وعلينا بدلاً من ذلك مسؤولية لضمان ألا تتفاقم هذه المشاكل. كان التوجه نحو تشجيع التسامح الديني في التعليم في المملكة المتحدة حتى الآن ثنائياً: أولاً من خلال الطلب من الأساتذة تشجيع التسامح والقبول في المدارس، وثانياً من خلال تطبيق هذا القانون على المؤسسة نفسها، أي الطلب من المدارس توفير سبيل لكافة الطلبة للاحتفاظ بهويتهم الدينية والثقافية أثناء دراستهم. وإذا أخذنا بالاعتبار النتيجة المؤثرة للتعليم والمعلمين، يبدو ذلك على أنه توجه عملي. يجتمع التلاميذ الشباب في العديد من المدارس (الغربية عامة والبريطانية خاصة)، من كافة الثقافات، وبغض النظر عن معتقداتهم الدينية وغير الدينية، مكررين البيئة التي يتوجب عليهم مواجهتها في حياتهم كبالغين في عالم يزداد عولمة. من المفهوم إذن لماذا يؤمن هذا العدد الكبير من الناس بأن احترام التنوع الديني وفهمه يشكّل هذا الجزء الحيوي من تعليم أطفالنا. ومنذ بدء زحف الهجرة إلى مقدمة الإدراك الحسي البريطاني، أصبح يُعطى للأساتذة، وبشكل متزايد، أدواراً اجتماعية إضافة إلى أدوارهم التعليمية ليقوموا بتنفيذها. يتوجب عليهم تيسير بيئات ممكّنة يمكن من خلالها بناء الثقة بين الزملاء والأهالي والهيئة التدريسية. ويمكن أن نعزو هذا التوجه جزئياً إلى بحوث العلوم الاجتماعية والتقارير الإعلامية التي تشير إلى أنه بالرغم من التقدم الذي تم إحرازه في السنوات الأخيرة، فإنه ما زالت هناك عقبات عديدة تواجه بريطانيا متعددة الثقافات. وما تزال الأقليات العرقية أحياناً غير ممثلة بشكل كافٍ في مجالات مثل السياسة والمالية. ولا يشكل المسلمون البريطانيون استثناء لهذه القاعدة. وفي الواقع يبدو أن المسلمين البريطانيين عانوا منذ فترة طويلة من عدم المشاركة بدلاً من الانتماء الوطني. وفي أحد الأمثلة طلب عمدة لندن "كين ليفينغستون" إعداد تقرير تم تقديمه في نوفمبر 2007 توصّل إلى نتيجة مفادها أنه في أسبوع واحد من عام 2006 كانت أكثر من 90 في المئة من المقالات المنشورة في إعلام المملكة المتحدة تشير إلى الإسلام والمسلمين إشارات سلبية. والآن، يجب تغيير ذلك، فالأجيال المقبلة تستحق ما هو أفضل. لكن حتى يتسنى التغلب على هذه السلبية، لا يحتاج التربويون فقط لأن يجهّزوا أنفسهم بالمهارات للتدريس في بيئة متعددة الديانات، وإنما كذلك يتحمل التلاميذ المسلمون وأهاليهم المسؤولية ليتعلموا كيف يتأقلمون معها. وبوجود المدارس البريطانية والمعلمين تحت رقابة أكثر صرامة من أي وقت مضى، قد ينزع الأساتذة أحياناً إلى الموافقة على كل مطلب ثقافي أو ديني من جانب التلاميذ وأسرهم. إلا أن ذلك لا يمكن أن يكون هو الحل. ورغم أن الممارسات والمعتقدات التي تعرّف الجماعات والأفراد ثمينة بالتأكيد، إلا أنها لا يمكن أن تكون الأساس الوحيد للسياسات التعليمية. يبدو أن هذا التوجه سوف يخزّن الحقد، كما أنه يكرس مفارقة ساخرة، وهي عدم التسامح في المستقبل. ليست الثقافة ساكنة وإنما متحركة، وتحتاج المدارس لأن تعكس ذلك من خلال أن تكون مرنة بشكل كافٍ لمعاملة جميع التلاميذ بشكل متساو. وهذا في الواقع هو الاختبار الحقيقي للالتزام بالتسامح والتفاهم. ورغم أنه من الأساسي لأطفالنا أن تتم تنشئتهم كأفراد على علم ومعرفة وأذهان متفتحة، فإنه من الأهمية بمكان كذلك أن يتخذوا الخطوات الضرورية للتأقلم مع مجتمعهم وبيئتهم المدرسية. يشرك جوهر التعددية الثقافية أناساً يعيشون جنباً إلى جنب تحت هوية واحدة مشتركة، بينما يتمسكون بفخر بهويتهم، بحيث لا يشعر أحد بالحقد أو الحسد أو عدم الانتماء. نستطيع من خلال هذا المنظور أن نحارب ضد المجموعات الهامشية التي تصر على أن المسلمين والإسلام غير "متناغمين" مع الديمقراطية الغربية. ويبدأ تحويل هذا المد من خلال تعليم الأطفال، فبتشجيع جميع التلاميذ، بمن فيهم المسلمين، على رؤية بعضهم بعضاً كمتساوين، نستطيع اتخاذ خطوات لتصحيح الانفصال الذي يشعر به المسلمون منذ مدة طالت عن حدها. إذا أصبحت الاشتراطات الدينية أو الثقافية تسيطر على الغرفة الصفيّة، فإننا سنتسبب للتلاميذ البريطانيين في ضرر كبير من خلال امتداح مبدأ التنوع، بينما نفشل في إيجاد بنية ممكّنة للزملاء لأن يكونوا متساوين. يجب تشجيع الاحترام المتبادل والتسامح من خلال السعي لتحقيق المساواة والأمور المتماثلة بين الطلبة، لا التفرقة بينهم. تهمينا كازي مديرة "المسلمون البريطانيون من أجل الديمقراطية العلمانية" ينشر ترتيب مع خدمة "كومون جراوند" الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©