الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانفجار السكاني وغلاء الإيجار يدفعان بالمغاربة لجيرة المقابر

الانفجار السكاني وغلاء الإيجار يدفعان بالمغاربة لجيرة المقابر
16 ديسمبر 2009 00:04
تقلصت المسافة الفاصلة بين المدافن والتجمعات السكينة في الرباط فأصبحت المباني قريبة من المقابر وأحاطت بعض الأحياء بالمدافن وأصبحت الشوارع الرئيسية المؤدية الى المتنزهات والأسواق تحاذي أسوار المقابر. ويعاني سكان هذه الأحياء من الخوف والخيالات والتعليقات المزعجة للضيوف، ويرى بعضهم أن لهذا السكن ايجابيات كثيرة منها الهدوء وانخفاض سعر الإيجار وإدراك حقيقة الموت، والعظة والعبرة من القصص المثيرة لرواد المقابر الذين يقبرون عزيزاً عليهم. واعترف توفيق الرضواني أنه لجأ وعائلته للسكن قرب المقبرة لأنه لم يجد بديلاً عن هذه المنطقة بسبب الظروف الاقتصادية الضاغطة. وقال إن زملاءه في العمل يصفونه بالشبح وبصاحب القلب القاسي والمشاعر المتحجرة بسبب سكنه المجاور للمدافن. وأضاف أنه لم يكن يعر هذه التعليقات أية أهمية بسبب اقتناعه بهذا السكن، إلا أن تكرار عمليات نبش القبور واستخراج الموتى والتطاول على حرمة القبور أثر في نفسيته وجعله يفكر في الرحيل عن المنطقة. وقال: “مشاهد نبش قبور الموتى بشكل عشوائي جعلني أفكر في الرحيل عن المنطقة، فالانتهاكات التي تطال القبور كثيرة وتؤدي غالباً إلى كشف عظام الموتى وهو منظر يصعب تحمله”. انفلات أمني يخرج صلاح بلعربي يومياً من بين الأموات ليلتحق بمكان عمله فيؤكد أن هناك عدة أسباب دفعته إلى التفكير في الرحيل عن منطقة المدافن أهمها لجوء المشردين وأرباب السوابق إلى النوم في المدافن، وأضاف:”أغلب المدافن تعاني من انفلاتات أمنية بسبب لجوء المشردين إليها، والذين يقومون بتجاوزات داخل المدافن ويرعبون سكان المنطقة”. ونفى بلعربي تأثره بالتعليق المزعج لأقاربه وضيوفه من سكنه وسط القبور، وقال إن أكثر ما يزعجه من هذا السكن الإطلالة من الشرفة على المقبرة التي قاربت على الامتلاء وأصوات نحيب الوداع ودعاء أهل الميت ومراسم الجنازة والدفن، خاصة في المساء والليل حيث تأتي الجنائز في مواعيد مختلفة لأن الأموات ليسوا مثل الأحياء يحددون مواعيد عودتهم إلى مساكنهم. ويحكي الناس الكثير من القصص المخيفة عن السكن قرب المقابر ورغم أن الأموات يرقدون جميعاً بسلام، إلا أن ذلك لم يمنع من نسج حكايات مرعبة عن الأماكن التي تجاور المقابر، تسببت في كساد عقارات المناطق المحيطة بالمقابر وانخفاض أسعارها مقارنة مع منازل مشابهة تتواجد في مناطق أخرى. أجواء المقابر قال محمد عالي ولد التراد، حارس عقار مجاور لمدفن، إن “الناس نسجت عدة حكايات من خيالها عن أجواء المقابر ليلاً وأبعاث الموتى والأرواح والأشباح فأصبحت هذه المنطقة مخيفة والسكن فيها مجازفة خطرة لا يقبل عليها إلا الرجال العازبون الذين لا يهابون تلك القصص والحكايات ويستغلون انخفاض أسعار بيوت المنطقة”. وأوضح ولد التراد أن كساد عقارات المنطقة بسبب خوف العائلات من السكن فيها وتحولها إلى ما يشبه مركز المدينة ساعد في إقبال الشباب والعزاب عليها وعودة النشاط تدريجياً إليها. وأضاف:”بعد أن كانت المقابر خارج سور المدن وبعيداً عن محيطها وأقرب إلى المناطق الزراعية، أصبحت اليوم موجودة في وسط المدن بسبب زحف العمران وتوسع الأحياء خارج أسوار المدن وحدودها القديمة، وهو ما نجم عنه تحول منطقة المقابر إلى مركز المدينة فأصبح السكن قرب المقابر بمثابة السكن في منطقة شبه تجارية تحيط بها الأحياء والمراكز الإدارية والتجارية من كل اتجاه”. وأكد البواب محمد عالي أنه يستقبل يومياً عشرات الأشخاص الذين يبحثون عن مسكن في المنطقة ويبدون استعداداً لابتياع منزل أو كراءه بغض النظر عن السعر لكنهم يغيرون رأيهم بعد الإطلالة من شرفة المنزل على القبور وبعد أن يسمعوا من أصحاب الدكاكين والمارة بالشوارع القريبة عن حكايات خرافية تتعلق بالأرواح والأشباح التي تسكن المنطقة المحيطة بالمقبرة. خزعبلات وإشاعات يدعي بعض السكان السابقين للمنطقة أنهم كانوا يسمعون أصوات استغاثة الموتى وشكوى بعضهم من العذاب وأصوات أحاديثهم وأصوات ضحك موتى آخرين وكانوا يشاهدون خلال الليل وميضاً متقطعاً في المقبرة من فترة لأخرى، ويقول العربي ولد الجدين أحد سكان المنطقة: “أنا أسكن مع الأموات وتحيط بنا القبور ولم أسمع أو أشاهد ما يدعيه بعض السكان من سيطرة الأرواح على المنازل المحيطة بالمنطقة”. وأوضح أن السكن في هذه المنطقة يتوقف على الإيمان بالموت والحياة، والتعود بالتدريج على السكن وسط الأموات والقبور ورؤية هذا المنظر الموحش كل دقيقة. وأضاف:” أنا متصالح مع السكن في المقابر ولن أقبل بالرحيل تحت أي ظرف، رغم أن ضيوفي يتخوفون من المبيت عندي بسبب ما يقال عن بيوت المنطقة”.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©