الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المهمة الأفغانية... ومواعيد أوباما غير الواقعية!

2 يوليو 2010 21:42
ترى، ما قصة أوباما والمواعيد غير الواقعية؟ فمرة، يحدد أجلا لإغلاق معتقل جوانتانامو بحلول يناير 2010، ولكن المعتقل ما زال مفتوحاً حتى الآن، وتفيد صحيفة "نيويورك تايمز" بأن البيت الأبيض قد تخلى أساساً عن فكرة إغلاق المعتقل قبل نهاية ولاية أوباما. وبدلا من أن يتعلم من تلك التجربة، حدد أيضاً موعداً آخر غير موفق - هذه المرة، للشروع في انسحاب أميركي من أفغانستان بحلول يوليو 2011. والواقع أنه سواء أدرك الرئيس ذلك أم لم يدركه، فإنه سيضطر إلى التخلي عن ذلك التاريخ أيضاً في نهاية المطاف -على أنه كلما أسرع في القيام بذلك كلما كان أحسن لأنه إذا كانت مهلة جوانتانامو قد كلفته بعض الإحراج المؤقت فقط، فإن الإعلان عن تاريخ الانسحاب من أفغانستان يمكن أن يكلفنا حرباً بحذافيرها. من جانبه، في جلسة تثبيته في منصبه التي جرت يوم الأربعاء، تعرض الجنرال بترايوس لضغوط للإجابة عن سؤال صعب: هل يمكن لاستراتيجية محاربة التمرد في أفغانستان أن تنجح في وقت أعلنت فيه الولايات المتحدة سلفاً عن تاريخ للانسحاب؟ ذلك أن ثمة قلقاً متزايداً بين "جمهوريي" الكونجرس الذين يخشون أن يكون الجواب على هذا السؤال هو: لا. فحتى الأسبوع الماضي، بدأت بعض مؤشرات التمرد تظهر على بعض أعضاء مجلس الشيوخ الذين أيدوا أوباما حول زيادة عديد القوات في أفغانستان، ولكنهم خلصوا إلى أن تحديد أجل يمكن أن يتسبب في إخفاق الجهد الحربي في أفغانستان برمته. ولئن كان تعيين بترايوس قد أخمد هذا التمرد في الكونجرس في الوقت الراهن، فإن القلق بشأن احتمال عجزه عن إخماد التمرد في أفغانستان نفسها في حال لم يحرر الرئيسُ يديه ما زال قائماً بقوة. وقد صدق سيناتور ولاية ميزوري "كيت بوند" إذ قال إنه في حال تم الإبقاء على تاريخ الانسحاب، فإن أوباما إنما "يُعِد (بترايوس) للفشل". والحقيقة أن تحديد أجل للانسحاب هو أكثر من مجرد خطأ تكتيكي؛ إنه إساءة حساب استراتيجي تُضعف كل عناصر جهدنا في أفغانستان تقريباً. ذلك أن تحديد تاريخ للانسحاب يُضعف الأساس الذي تقوم عليه استراتيجية محاربة التمرد -أنه بحماية السكان، نستطيع أن نفوز بثقتهم ونجعلهم يساعدوننا على استئصال الإرهابيين والمتمردين. وكما يشرح كاتب العمود "تشارلز كروثامر"، فإن السكان لن يجازفوا بالانضمام إلينا في الحرب إذا رأوا أن أميركا ستتخلى عنهم قريباً وتتركهم تحت رحمة "طالبان". بل إن الضرر أعمق من هذا بكثير، ذلك أن الهدف المعلن لتحديد تاريخ للانسحاب هو ممارسة الضغط على كرزاي من أجل القضاء على الفساد وزيادة شرعية الحكومة الأفغانية وفعاليتها. غير أنه بدلا من ذلك كان لهذا الهدف تأثير عكسي هو خلق حافز لدى كرزاي للانفتاح على "طالبان" وإبرام الصفقات للبقاء في السلطة حتى يستطيع تغطية رهاناته عندما يغادر الأميركيون. ثم إن تحديد أجل يُضعف تحالفنا أيضاً. فمن المعلوم أنه من الصعب الآن إقناع بلدان "الناتو" بالمساهمة بقوات أكثر في أفغانستان؛ وبالتالي، فعندما يعتقد حلفاؤنا الأطلسيون أن أميركا بدأت تحزم حقائبها، فإنهم سيبدأون هم أيضاً في حزم حقائبهم. وقد أعلنت كندا أن مهمتها في أفغانستان ستنتهي في 2011. وفي فبراير الماضي، أعلن الهولنديون أنهم سيسحبون قواتهم بحلول ديسمبر المقبل. وفي الأسبوع الماضي، أعلنت بولندا أنها ستسحب جميع قواتها من أفغانستان بحلول ...2012. لماذا؟ قال رئيس مكتب الأمن القومي البولندي إن أفغانستان تسير نحو "كارثة استراتيجية"، وبولندا في حاجة إلى "البحث عن مخرج من هذا الوضع". وبالتالي، فإن أوباما لا يستطيع حمل الحلفاء في "الناتو" على البقاء في حال لم تلتزم أميركا نفسها بذات الشيء. زد على ذلك أن تحديد تاريخ للانسحاب يبعث أيضاً بالرسالة الخطأ إلى باكستان؛ فمن المعلوم أيضاً أن بعض عناصر الاستخبارات الباكستانية لطالما حافظت على بعض العلاقات مع "طالبان" ومجموعات متشددة أخرى واستعملت هذه العناصر لزعزعة استقرار أفغانستان والهند. ومعلوم أن أوباما يضغط على باكستان من أجل قطع هذه العلاقات ومساعدتنا على تفكيك هذه الشبكات -وهو جهد أساسي بالنسبة لنجاح مهمتنا في أفغانستان وحملتنا ضد "القاعدة" في المناطق القبلية الباكستانية. غير أنه إذا رأى الباكستانيون أن أميركا ستغادر، فلماذا سيستجيبون لمثل هذه الضغوط؟ ثم إن تاريخ الانسحاب يقوي أيضاً "طالبان"، ومثلما قال سيناتور أريزونا "جون ماكين"، فإنه "لا يمكننا أن نقول للعدو متى سننسحب في حرب، ونتوقع أن تنجح استراتيجيتنا". ولئن كان المدافعون عن أوباما يشيرون إلى حقيقة أن بترايوس حدد جدولا زمنيّاً للانسحاب في العراق؛ فإنهم ينسون -أو يتناسون- أن الجدول الزمني إنما وُضع بعد تسعة أشهر على بدء الزيادة في عديد القوات، عندما بات من الواضح أن العراق قد اجتاز منعطفاً حاسماً. والحال أننا لم نجتز منعطفاً حاسماً بعد في أفغانستان. وعلاوة على ذلك، فقد عارض بوش في أوج الزيادة في عديد القوات مشروع قانون كان سيحدد تاريخاً للانسحاب -مرسلا بذلك إشارة واضحة على تصميم أميركا على الانتصار، وذلك خلافاً لأوباما الذي يسير اليوم على ما يبدو على طريق غير طريق النصر. وفي قمة العشرين، اشتكى أوباما مما وصفه بـ"الهواجس الكثيرة" التي تنتاب البعض بشأن هذا الموضوع، وحاول توضيح بعض الفروق بشأن تاريخ الانسحاب، حيث قال إن الشروع في سحب القوات في غضون عام لا يعني أننا "سنغلق الأبواب ونطفئ الأضواء". والحال أن أوباما لا يملك ترف أن يكرر في أفغانستان ما فعله في جوانتانامو -ترك الأجل قائماً لأشهر بعد أن عرفت إدارته أنه موعد لا يمكن احترامه. ولذلك فإن "الهواجس" لن تنتهي حتى يقطع أوباما مع تاريخ الانسحاب بشكل واضح لا لبس فيه. بيد أن إزالة الموعد لوحدها لا تكفي، فعلى الرئيس أيضاً أن يبدأ في إظهار قوة التصميم والعزيمة. فعندما كان مشروعه لإصلاح الرعاية الصحية يواجه المشاكل، جاب أوباما البلاد طولا وعرضاً يلقي الخطابات كما لو أن رئاسته تتوقف على ذلك -موضحاً التحديات وعواقب الإخفاق، ولماذا لن يقبل بالهزيمة. واليوم أيضاً عليه أن يبدأ في القيام بالأمر نفسه بخصوص أفغانستان -ليشرح التحديات وعواقب الإخفاق، ولماذا لن يقبل بالهزيمة. فإذا كانت أفغانستان حقاً "حرب ضرورة" مثلما يقول، فإن أمن بلدنا يعتمد عليها، ورئاسته تتوقف عليها أيضاً. مارك إيه. ثيسن زميل بمعهد "أميركان إنتربرايز" ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©