الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

قادة العالم في “قمة كوبنهاجن” أمام فرصة للمساهمة في تحديد مستقبل كوكب الأرض

قادة العالم في “قمة كوبنهاجن” أمام فرصة للمساهمة في تحديد مستقبل كوكب الأرض
13 ديسمبر 2009 22:49
يتاح أمام قادة العالم المجتمعين خلال هذا الأسبوع في كوبنهاجن، فرصة ذهبية للعمل معاً على مواجهة تحديات التغير المناخي واتخاذ قرارات تساهم بشكل أو بآخر في تحديد مستقبل كوكبنا، ويعتبر مؤتمر الأمم المتحدة الحالي بشأن التغير المناخي مؤتمراً استثنائياً هاماً يقرر القادة من خلاله ما إذا كان المجتمع الدولي سيجد طريقة فعالة للتعامل مع هذا التحدي المُلّح. وفي حال نجاح القادة في اعتماد سياسة موحّدة، سيشهد العالم اتفاقاً عالمياً هاماً يتمتع بنهج جديد يسعى للحد من مستوى الغازات الدفيئة المنبعثة في الغلاف الجوي، أما إذا باءت جهودهم بالفشل، فيكون العالم قد أضاع فرصة كبيرة لانطلاقةٍ هو بأمسّ الحاجة إليها نحو مستقبل تقل فيه انبعاثات الكربون. ينعقد مؤتمر كوبنهاجن في مرحلة هامة للغاية بعد سنوات طويلة من العمل الدؤوب لإيجاد حلول مناخية فعالة، ويعكف المفاوضون في كوبنهاجن حالياً على مناقشة اتفاقية جديدة بشأن التغير المناخي تقوم على بروتوكول كيوتو الذي أُبرم منذ 12 عاماً وتعتبر امتداداً له، وقد يتمخض المؤتمر عن اتفاقية سياسية عالمية بشأن النهج المستقبلي الذي سيتم اتباعه بخصوص التغير المناخي والذي سيؤدي بدوره إلى زيادة الوعي بالتحدي القائم على مستوى الحكومات والشركات والأفراد. وللعلم، فقد تمت المصادقة على بروتوكول كيوتو العام 1997، إلا أنه لم يدخل حيز التنفيذ إلا في العام 2005، وقد شكل هذا البروتوكول نقطة البداية الهادفة إلى حث البلدان المتقدمة على تخفيض الانبعاثات فيها لمدة أولية تمتد ما بين عامي 2008 إلى 2012، وتوفير حوافز للبلدان النامية للتقليل من الانبعاثات فيها بشكل طوعي. وبينما لا تزال ملامح مضمون الاتفاقية الجديدة غير واضحة، فإن التجربة الأولية مع البروتوكول الحالي فيها الكثير من الدروس في كيفية التعامل مع العقبات الرئيسية على المستويات السياسية والمؤسساتية والمالية. ومن المرجح أن تتضمن الاتفاقية الجديدة عدة نقاط رئيسية مثل وضع أهداف طموحة للحد من الانبعاثات في البلدان المتقدمة، والتوصل إلى اتفاق بشأن مساهمة واضحة من جانب البلدان النامية المتطورة نسبياً، ومشاركة واضحة من قبل المجتمع الدولي في وضع برامج مالية جديدة ونقل التكنولوجيا ووضع آليات سياسية متنوعة تسهل مشاركة البلدان المتقدمة، وإنشاء إطار عمل مؤسساتي مناسب للحوكمة. المهم بالنسبة لنا في دولة الإمارات العربية المتحدة هو دورنا في هذه الجهود العالمية، ولا بد هنا من التنويه إلى أنه مع النمو السريع المتوقع لاقتصادنا وتعداد سكاننا، ستتسع القاعدة الصناعية والبنية التحتية في الدولة بشكل كبير وخاصة على مستوى النقل والمرافق، كما أن شح موارد المياه الطبيعية في دولتنا يضعنا أمام خيار واحد هو اللجوء لتحلية مياه البحر، ولتلبية حاجة الدولة للماء يجري كل يوم إنتاج ما يقارب 4 ملايين متر مكعب من المياه عن طريق تحلية مياه البحر، ومتطلبات الدولة من الماء بحاجة فعلية لمسايرة تزايدها المستمر، ليس على مستوى التكلفة فقط، بل على مستوى الحاجة للطاقة المطلوبة لإنتاج المياه أيضاً. وبالتوازي مع حاجة الدولة من الطاقة لعملية تحلية المياه، فإن طبيعة الطقس الحار في دولة الإمارات يفرض حاجة ماسة ومستمرة لاستخدام أنظمة تكييف الهواء باعتبارها أحد عناصر الحياة الأساسية في الدولة، وبناء على ذلك فإن حجم الطاقة المطلوبة لتشغيل أنظمة التبريد والتكييف على مستوى الدولة تُعتبر ضخمة واستثنائية. ولكي نتمكن من تلبية احتياجات السكان في ظل النمو المطرد للاقتصاد وعدد السكان، فإن الدولة بحاجة فعلية لتطوير البنى التحتية الاجتماعية خصوصاً تلك المرتبطة بقطاع النقل وعدد من القطاعات الخدمية الأخرى، وبالنظر لطبيعة المناخ الصعبة، فإن التحدي الذي تواجهه دولتنا فيما يتعلق بتزايد الطلب على البنى التحتية والطاقة يعتبر تحدياً كبيراً. على ضوء ذلك، فإن معالجة التغير المناخي في الإمارات ليس بالمهمة السهلة على الإطلاق، ومع ذلك فقد بادرنا إلى مواجهة تحدي تخفيض الانبعاثات والمساهمة في الجهود العالمية الهادفة إلى مكافحة التغير المناخي، وقد أُطلقت العديد من المبادرات في هذا السياق. وقد بدأنا فعلياً في استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وسنعتمد مجموعة من القوانين المحلية لضمان مساهمتها بنسبة كبيرة في مصادر طاقتنا في المستقبل، حيث تعهدت أبوظبي لوحدها بزيادة حصة الطاقة المتجددة إلى سبعة بالمائة بنهاية العام 2020. كما بدأت ملامح مدينة مصدر بالظهور، حيث ستكون مثالاً على التكامل بين التكنولوجيا النظيفة وحلول الطاقة الفعالة لتوفير بيئة صحية خالية من الانبعاثات، مع المحافظة على مستوى حياة جيد، ونأمل أن تقدم مدينة مصدر للعالم مثالاً ناجحاً على الحياة المستدامة. وسيساهم معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا الذي بدأت الدراسة فيه في سبتمبر الماضي بحصته في إعداد الكادر البشري اللازم لدفع عجلة المستقبل الذي تقل فيه انبعاثات الكربون في المنطقة. وثمة مبادرة هامة أخرى تشكل جزءاً من اقتصادنا القائم على النفط وتتمثّل في الشبكة الوطنية لالتقاط غاز ثاني أوكسيد الكربون وتخزينه التي ستجعل عملية استخدامنا للوقود الأحفوري أكثر استدامة، ويتكون برنامج هذه المبادرة من سلسلة من المشاريع لالتقاط غاز ثاني أوكسيد الكربون من محطات الطاقة والمنشآت الصناعية وحقنه في آبار النفط لتعزيز انتاج النفط واستبدال الغاز الطبيعي المستخدم حالياً. ورغم تحدي الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع فهو مستبعد حالياً من بروتوكول كيوتو باعتباره تكنولوجيا مؤهلة للحصول على التمويل، ونعتقد أنه آن الأوان لإقرار صنّاع السياسة الدولية بأهمية مشروع التقاط الكربون وتخزينه بهدف تخفيض الكربون بشكل كبير خاصة عند الانتقال إلى الانتشار الواسع للطاقة المتجددة. وبينما تستمر خطى النمو الاقتصادي الحثيثة والتطور في شتى المجالات داخل الدولة، فإن حرصنا على توفير مستقبل آمن وميمون لأولادنا وأحفادنا، يدفعنا لتحقيق مزيد من أوجه الاستدامة لمجتمعنا، ولتحقيق هدف تخفيض انبعاثاتنا من الغازات الدفيئة، فإننا نجتهد بالعمل ضمن خيارات جديدة في إنتاج الطاقة وتخفيض الانبعاثات على عدد من الجبهات. نجتهد باستمرار في استخدام مزيد من مصادر الطاقة المتجددة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ونعمل على سَنِّ السياسات الصحيحة الكفيلة بترسيخ الطاقة المتجددة كأحد الموارد الهامة وإعطائها الأهمية التي تستحقها باعتبار الدور الريادي الذي ستلعبه بالنسبة لتركيبة الطاقة في المستقبل. وعلى سبيل المثال، فإن العاصمة أبوظبي، قد التزمت بزيادة مستوى الاعتماد على الطاقة المتجددة من درجة الصفر التي كانت عليها في العام 2008، إلى معدل الـ 7 بالمائة مع نهاية العام 2020. والإمارات العربية المتحدة تفخر اليوم باحتضانها للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا)، التي ستلعب دوراً قيادياً على مستوى دعم قطاع الطاقة المتجددة وتشجيع وتمكين استخدامه في كافة أنحاء العالم. لقد حققت دولتنا تطورات اقتصادية رئيسية خلال العقد الأخير، ونحن نواجه اليوم تحدياً يتمثل في ضمان استدامة هذا النمو للأجيال القادمة، وفي مسعانا نحو تشجيع الاستدامة والجيل التالي من الطاقة، نتطلع إلى كوبنهاجن كفرصة للمشاركة في طموحنا لنصبح لاعباً رئيسياً في مستقبل تقل فيه انبعاثات الكربون. إننا إذ نتواجد اليوم هنا في كوبنهاجن، فإننا نؤكد على التزامنا بأن نكون لاعباً إيجابياً فاعلاً في الوصول لأشكال مستدامة جديدة من الطاقة، وستستمر جهودنا لتحقيق مزيد من الإنجازات على مستوى الحد من بصمتنا الكربونية ومتابعة إنجاز العديد من المبادرات التي أطلقناها ضمن هذا التوجه، على الرغم من مختلف التحديات التي تواجهنا والتي تستمد صرامتها من طبيعة مناخنا الحار، والنمو المتزايد للسكان، بالإضافة لمسؤولية تلبية حاجة المجتمع الدولي المتزايدة من الوقود الأحفوري. نأمل أن نتمكن خلال العشرين عاماً المقبلة، من تحقيق إنجازات هامة على صعيد الحد من مستوى الانبعاثات الكربونية، ولتحقيق ذلك نحن بحاجة لنقل التكنولوجيات الحديثة من الدول المتطورة، والحصول على دعم المجتمع الدولي، وفتح الاستفادة من أسواق الكربون العالمية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©