السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المراكز التجارية.. أسواق «معلّبة» تسرق الوقت وتبدّد المال

المراكز التجارية.. أسواق «معلّبة» تسرق الوقت وتبدّد المال
12 ديسمبر 2009 00:54
يطلق عليها اسم الأسواق «المعلبة» كونها أماكن «مغلقة» تفتقر للشمس والهواء، ورغم أن البعض لا يحبذ فكرة إنشائها ولا حتى الدخول إليها إلا أن الجميع متفق على أنها أصبحت أمرا واقعاً لا مفر منه في العالم كله وفي بلادنا العربية أيضا، لا سيما في الإمارات حيث ترتفع درجات الحرارة صيفا بشكل يستحيل معه التنزه في الأماكن العامة والمفتوحة. إنها المراكز التجارية التي يزداد عددها يوما بعد يوم، كما يزداد عدد مرتاديها كونها تضم كل ما يمكن للفرد أن يحتاجه من مقاهٍ ومطاعم ومحال للعب الأطفال، وأخرى للتسوق وشراء مختلف الحاجيات التي تخصّ المنزل والأسرة بكافة أفرادها * الشباب يجدون فيها كلّ ما تشتهي أنفسهم من ألعاب الفيديو إلى البولينج والبلياردو وأحدث أفلام السينما العالمية، فضلا عن أنها مكان للتجمع والالتقاء في ظل عدم وجود أندية اجتماعية خاصة بهم، وفي ظلّ ضيق الوقت وضيق مساحات الشقق والتي تمنع من تزاورهم في البيوت، في حين تجدّ الفتيات كل ما تحتاجه من ملبوسات على الموضة. وترتاد وجدان جلال، المراكز التجارية مع نهاية كلّ أسبوع لتلتقي بعض الصديقات وتتسامر معهن، أما في بداية الشهر فترتاده وحدها أو برفقة صديقة لتشتري أحدث الموديلات من الألبسة والأحذية، وتنفق فيها أكثر من نصف راتبها الشهري. تقول وجدان: «المولات هي المكان الأفضل للتسوق في جميع الأوقات، كما أنها المكان الأفضل للالتقاء بين الأصدقاء والصديقات، فالزيارات العائلية أصبحت قليلة جدا، وإذا أردت أن تزور أحدا فربما يكون مشغولا وعليك أن ترتب موعدا قبله بأيام في حين أن «المول» يستقبلك في أي وقت ويمكنك أخذ مكانك في المقهى بدون حجز موعد مسبق». ويغري تنوع المعروضات ووفرتها وأسلوب عرضها في المراكز التجارية جميع من يفد إلى إليها ويخلق داخله رغبة في الاستهلاك وشراء ما لا يلزمه، كما يجد نفسه متورطا في الرغبة بالتجديد وشراء الموديلات الأحدث. وهو ما تؤكده سامية حسون، معترفة بأن المراكز التجارية قد غيرت من سلوكها الاستهلاكي بحيث أصبحت تلقي بقائمة الاحتياجات المعدة سلفا عرض الحائط بمجرد الدخول إلى «المول» لتشتري أشياء أخرى ليست من ضمن القائمة ولا تحتاج لها، أما الميزانية المرصودة لمشروع التسوق فتصبح أضعاف ما كان مقررا. وترى حسون أن المراكز التجارية جيدة كونها تجمع أغلب المحلات والماركات العالمية المعروفة تحت سقف واحد، وهو أفضل من التجول في الشوارع من محل لآخر، كما أنها تحتوي على أماكن للعب الأطفال وتسليتهم. فقدان الإحساس بالزمن غير أن البعض لا يحبون دخول المراكز التجارية إذ تفقدهم القدرة على الإحساس بالزمن في ظل عالم نهاري مصطنع، ومنهم محمد قداح الذي يقول: «أنا لا أحب المولات لأنها تحجب الهواء ولا أرتادها إلا للضرورة فأحصل على حاجتي ثم أغادرها بأسرع ما يمكن». مضيفا إن المراكز التجارية تتشابه جميعها من حيث سطوة إغراء المعروضات، وهو ما ينتج حالة من النهم الاستهلاكي تجعل الفرد أسيرا لرغبة قوية في الشراء، كما أنها تتحول إلى أماكن للتعارف والمعاكسات بين الشباب والشابات، الذين يقضون فيها أوقات فراغهم بالفرجة على المعروضات وعلى من يتفرجن عليها من الفتيات والنساء، ولا يتوقف الأمر عند المعاكسات، بل يمتد إلى التعارف وتبادل أرقام الهواتف عند البعض. من جهة أخرى فلا تشبه «المولات» تلك الأسواق التقليدية القديمة التي اشتهرت بها المدن الكبرى لا سيما في المدن العربية، حيث كانت تتجلى قيم المشاركة من بيع وشراء ومقايضة، وكانت هذه الأسواق تعرف بأنها ساحات ثقافية يلتقي فيها الشعراء والخطباء والعلماء. أما اليوم فتحوّلت المدن إلى سوق كبير ولم يعد للمدينة مركز محدد بعد أن أصبح لكل حيّ مركزه التجاري الخاص. يقول عبد الله المنصوري: «الأسواق الشعبية هي تراثنا وتقاليدنا العربية، ولكن لعدم وجود البديل فنحن مضطرون لارتيادها من أجل الأطفال الذين يجدون فيها كل ما يشتهون من تسلية وترفيه سواء من حيث بعض العروض الترفيهية التي تستضيفها المراكز أنفسها أو من حيث الألعاب الترفيهية التي تحتويها هذه المراكز». إلا أن كبار السن والناضجون يرفضون الاعتراف بهذه الأسواق التي تفقدهم الإحساس بالزمن، يقول الوالد عبد الله الزعابي: «هذه المراكز لا تناسبنا نحن الكبار، فهي تفتقر للتهوية والإضاءة الجيدة، وفيها يضيع الشباب والنساء وقتهم دون فائدة ترجى كما يبددون نقودهم بشراء ما لا يلزم». معاكسات المراكز التجارية - ضبطت إدارة التحريات والمباحث الجنائية في شرطة أبوظبي 92 معاكسا، خلال العام 2008 وقد بلغ عدد قضايا المعاكسة خلال الربع الأخير من العام الماضي 18 حالة معاكسة مقارنة بـ33 حالة في الفترة نفسها من العام2007 وذلك بانخفاض نسبته نحو 83?، ذلك أن فاعلية إجراءات الشرطة والضبط الجنائي في الأماكن العامة قد أسهمت في تراجع ظاهرة المعاكسة وانخفاض معدلات ارتكابها، إضافة إلى ارتفاع مستوى الالتزام السلوكي لدى الجمهور. وكشفت وقائع جرائم المعاكسة أن المراكز التجارية تعتبر أكثر الأماكن المفضلة لدى فئات المعاكسين حيث وقعت أغلبية الحوادث بداخلها، وتم اكتشافها عبر كاميرات المراقبة داخل تلك المراكز وفي وقت قصير بعد ارتكاب الجريمة، إذ تم ضبط مرتكبيها متلبسين بما لا يدع مجالا للتشكيك. ويواجه المتهم بالضلوع في جريمة المعاكسة بعقوبة الحبس شهرا إضافة إلى الإبعاد في حال كان المعاكس غير مواطن، إذ يعاقب التشريع القانوني للدولة على جريمة خدش حياء أنثى في مكان عام وتنص المادة 359 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1973 على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، بغرامة مالية لا تزيد على 10 آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول أو الفعل في طريق عام أو مكان مطروق. - كثرت المراكز التجارية في الدولة بحيث صارت لا تخلو أي بقعة من وجود مركز تجاري، على الرغم من عدم الحاجة إلى كل هذه المراكز التجارية في الدولة، ويوجد في مدينة أبوظبي وحدها أكثر من عشرة مراكز تجارية كبرى ناهيك عن الأسواق والجمعيات الصغيرة، في حين يوجد في مدينة دبي وحدها ما يربو على الأربعين مركزا تجاريا
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©