الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانضباط في العهود والمواعيد

الانضباط في العهود والمواعيد
24 سبتمبر 2008 00:41
الإنسان الجاد في حياته، يشعر بقيمة الزمان والمكان وحدودهما، فالمكان الذي يتحرك فيه له حدوده ومسالكه، يحسّها كل أحد مهما كانت ثقافته ومهما سما أو ضعف تفكيره· والوقت مثل المكان الذي يتحرك فيه الإنسان فهو محدود، مشترك بينه وبين غيره تتضارب حوله المصالح وتتنازع الرغبات، ولكي يكون المرء مستفيداً من هذه الحدود الزمانية والمكانية، محققاً لمآربه وتطلعاته يجب أن يكون منضبطاً دقيقاً في تعامله مع الزمان والمكان حين يتعامل مع بني الإنسان· فإذا كان الانضباط شديداً والالتزام سمة سائدة في غالبية أفراد المجتمع، تصبح الحياة ميسرة سهلة مهما تشابكت وتعقدت وتداخلت مظاهر الحضارة مع بعضها البعض·، فكل شيء في الكون منظم منضبط والمكان والزمان قد خضعا لخدمة الإنسان، ولهذا جاءت نصوص الشريعة جازمة التأكيد على الانضباط الصارم تجاه كل ما ينتمي إلى المجتمع فقال تعالى: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا) الإسراء: 34 وقال سبحانه :(يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) المائدة:·1 والعهود والعقود لها أوقات محدودة وآجال مبينة، فإذا التزم الناس بها أدت غايتها وسهلت ما وراءها من التزامات ومعاملات، وإن نكث بها الناس وأخلفوا مواقيتها ارتبكت الحياة واختلت أنظمة المجتمع بكل أنواعها الاقتصادية والمالية، والفكرية والنفسية وبدأت ركائز الثقة بين أفراد المجتمع والتقدير المتبادل بين الناس تنهار واحدة بعد أخرى· إن الانضباط في العهود والمواعيد عنوان الشخصية الناجحة والمجتمع الصاعد المنتج، وينطلق من النفسية الإيجابية التي تفاعلت مع الحياة فاستحقت الثناء والتقدير، ولهذا كانت المسؤولية تجاه المواعيد عظيمة· ولكي يكون كل منا ناجحاً منضبطاً، إيجابياً في حياته بنّاءً يحظى بثقة جميع الناس به، وتكون لكلمته النفاذ والقبول جعل لنا القرآن الكريم ممارسة يومية لا تهاون فيها ولا تنازل عنها عندما قال الحق سبحانه وتعالى:(إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) النساء ،103 أي فرض محدود بوقت معين لا يجوز تأخيره عنه إلا بعذر قاهر قد حدده الشرع الحنيف كذلك أو أمر طارئ يجعل الإنسان عاجزاً عن الوفاء بعهده ويجب عليه إظهاره· وكان عمر بن الخطاب يكتب إلى عماله في الأقاليم والأمصار يوصيهم بالحفاظ على الصلاة في وقتها ويقول لهم: ''إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع'' رواه مالك في الموطأ· و لما كانت الصلوات موزعة بتناسب بين الليل والنهار، فإن هذا التوزيع يجعل الإنسان في غاية الانضباط ويصبح جزءاً راسخاً في حياته وشخصيته· وبذلك يتسم المجتمع كله بالدقة والنظام، ومن خرج عن هذا النظام وخالف العهد والميثاق والموعد فصاحبه غير سوي، وهو آفة المجتمع فقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح (آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب و إذا وعد أخلف وإذا أئتمن خان)· وفي حديث آخر صحيح: (أربع منكن فيه كان منافقا خالصاً، ومن كانت خصلة منهن كان فيه خصلة من النفقات حتى يدعها، إذا أئتمن خان وإذا حدث كذب، و إذا عاهد غدر، و إذا خاصم فجر)· فهل ندرك البعد الإيماني والنفسي والاجتماعي للانضباط في العهود والمواعيد؟! المدير العام للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©