الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

وليد الشحي: «دلافين» يقدم تنوعاً بصرياً

وليد الشحي: «دلافين» يقدم تنوعاً بصرياً
5 مايو 2014 02:05
إبراهيم الملا (رأس الخيمة)- يعمل المخرج وليد الشحي حالياً على تنفيذ مشروع سينمائي واعد ويمتلك معطيات مبشرة، في فيلمه الروائي الطويل الأول له بعنوان : «دلافين» والذي يعد نافذة مهمة لرصد هذه التجربة السينمائية الطموحة التي يقدمها الشحي وبأقل التنازلات الإبداعية التي يمكن لها أن تؤثر على الزخم الجمالي لسيناريو الفيلم الذي كتبه الشاعر أحمد سالمين، ضمن انتباه سردي نابع من خصوصية المكان وإشكالات الواقع، وأصداء الطفولة وكثافتها أيضاً. مسارات سردية وللتعرف على تفاصيل وحيثيات هذا المشروع السينمائي المهم في مسيرة السينما الإماراتية، استناداً إلى تجارب تمهيدية سابقة خاضت التجربة وتلمسات الطريق في أفق ضبابي وغير احترافي، التقت «الاتحاد» بالمخرج وليد الشحي وهو منهمك مع الطاقم الفني في تصوير المشاهد الختامية للفيلم وسط جبال رأس الخيمة، حيث أوضح أن الفيلم الذي تم دعمه من قبل مهرجان دبي السينمائي، وشركة (آي دبليو سي)، يجمع بين ثلاثة مسارات سردية تبدو أحياناً منفصلة موضوعياً وبصرياً، ولكنها تشتبك في نهاية الفيلم وكأنها تمتزج في مصب واحد ومشترك تتشكل فيه كل المعاني الرمزية ورسائل الألم الموزعة في ثنايا الفيلم، والنابعة من مصدر واحد أيضاً، واستطرد الشحي قائلاً إن هذه المسارات متمايزة في بيئتها ومواقعها، فالمسار الأول ــ كما أشار ــ تشكل أحداثه على شاطئ البحر حيث حلم الطفلين الذي يتجاوز حدود الواقع والجغرافيا معاً، والمسار الثاني يتشكل في المدينة من خلال صراع والدة أحد الطفلين، وهي المطلقة التي تعيش تمزقاً ذاتياً بين المسؤولية الاجتماعية والحرية الفردية المصطدمة مع خوفها الكبير من فقدانها لجمالها وأنوثتها مع تقدمها في العمر، أما المسار الثالث فيتناول قصة والد الطفل المنفصل عن عائلته والذي يعمل سائقاً لسيارة إسعاف، حيث تجمعه الصدف مع رجل يصاحبه في رحلة تأملية وسط الجبال من أجل دفن جثمان أمه وسط إحدى القرى القابعة بين هذه الجبال. تطور النص وعن الشرارة أو البداية التي انطلقت منها كل هذه المسارات السردية في النص المكتوب وفي الفيلم، أوضح الشحي أن الفيلم كتبه السيناريست أحمد سالمين كعمل روائي قصير في البداية، ولكن بعد النقاشات المتعددة بينهما حول النص وأماكن التصوير وخلق شخصيات جديدة في النص، قررا تحويله إلى نص لفيلم طويل، لاحتوائه على مسارات متعددة ومتقاطعة، ورغم أن الزمن الفعلي للحكاية يتناول يوماً واحداً فقط في حياة هذه الشخصيات، إلا أن تأثير الحبكة وتعدد المشاهد المتداخلة والمتسارعة فيه، ساهمت ــ كما قال الشحي ــ في خلق هذا التنوع البصري والإيقاع المشهدي المتصاعد والمشوق الذي لا يستطيع الفيلم الروائي القصير أن يحتوى كافة تفاصيله وتحولاته، سواء على مستوى تطور الأحداث، أو على مستوى الكشف عن الأزمة الذاتية لكل شخصية على حدة. وحول المعايير التي لجأ إليها في اختيار الطاقم الفني والأدائي في الفيلم، أوضح الشحي أنه من خلال مشاهداته المتعددة للأفلام في المهرجانات السينمائية وبالتوازي مع رؤيته الخاصة لتنفيذ الفيلم حسب الأحداث والمواقع والبعد السيكولوجي للشخوص، قرر الاعتماد على طاقم فني من تايلاند، تصدى لعمليات التصوير والصوت والإضاءة، وخصوصاً مدير التصوير الذي شاهد الشحي أحد الأفلام التي نفذها وأعجب كثيراً بأسلوبه في تكوين صورة ناطقة ومعبرة عن القيمة الفنية للمشهد واللقطة، وخصوصاً أن فيلم «دلافين» يتضمن مشاهد كثيرة تدور أحداثها وسط مياه البحر وهي مشاهد ــ كما أشار الشحي ــ تحتاج لخبرة ولحلول إبداعية في مواقف صعبة سبق لهذا الفريق المحترف التعامل معها. وأضاف الشحي بأن الطاقم التايلندي انسجم سريعاً مع الطاقم المحلي ومع الممثلين، وهو أمر ــ كما قال ــ اختصر عليه جهداً كبيراً، وقلل من ثقل مسؤولية إخراج فيلم لا يكون فيه مصوراً ولأول مرة، حيث إنه قام شخصياً بتصوير كل أفلامه الروائية القصيرة السابقة. التمثيل وعن الطاقم الأدائي المشارك في الفيلم قال الشحي إن الفيلم يمزج بين ممثلين معروفين ومن ذوي الخبرة الأدائية في الإمارات ودول الخليج، وبين ممثلين شبان وهواة، ومن الممثلين ذوي الخبرة الفنان الكويتي خالد أمين في دور الأب، والفنانة البحرينية ريم رحمة في دور الأم، والفنان مرعي الحليان في دور ابن العجوز، والفنانة أشجان، بالإضافة إلى بعض الممثلين الشباب كأحمد الجرن، وإبراهيم المنصوري في دور الطفلين اللذين يحاولان تخطي عذاباتهما الشخصية بالذهاب عميقاً نحو واقع افتراضي، وحلم مشترك يجمع بين النشوة والخطر. مشيراً إلى أنه لاقى صعوبة في اختيار عدد من الممثلين بسبب ارتباطهم بالأعمال الدرامية في رمضان، ولأسباب أخرى تمثلت في الشروط التعجيزية التي وضعها البعض فيما يخص أجورهم، وهو ما شكل ــ كما أكد الشحي ــ صدمة شخصية لم يتوقعها من نجوم إماراتيين معروفين في الساحة، وكان عليهم ــ كما قال ــ أن يتنازلوا قليلا عن هذه الشروط من أجل تحقيق طموح وحلم شباب سينمائيين ما زالوا يتلمسون ملامح العمل الاحترافي في فيلم طويل ومنهك تنفيذياً مثل فيلم : «دلافين»، وهي الصدمة أو الخذلان الذي شعر به أيضاً من الشركات الخاصة التي خاطبها ولم تشارك في دعم الفيلم. وعن التحدي الأهم والأكبر الذي واجهه في تنفيذ هذا المشروع السينمائي المرهق، مقارنة بالأفلام القصيرة التي نفذها سابقاً، أوضح الشحي أن التحدي الكبير كان متمثلا في كيفية الحفاظ علي الإيقاعين السردي والبصري، لما يربو على التسعين مشهداً تتوزع فيها كل تفاصيل الفيلم، بحيث لا يفلت أي مشهد عن السياق التراتبي والموضوعي للفيلم، وخصوصاً ــ كما أضاف ــ أنه كان محكوماً بميزانية محددة وبجدول زمني لا يستطيع تجاوزه، ونوه الشحي إلى أن التكنيك الإخراجي في الفيلم الطويل يتطلب الحذر في طريقة التصوير، ومعرفة المشاهد التي تتطلب استخدام الكاميرا المحمولة، وتلك التي تتطلب استخدام الكاميرا الثابتة، وغير ذلك من التفاصيل التقنية التي تناسب كل حدث وكل موقف وموقع في الفيلم، كي تكون عمليات المونتاج اللاحقة أكثر سلاسة وتناغماً مع الإيقاع العام والمخطط له قبل عرض الفيلم بشكله النهائي على الشاشة. تعاون وحول الانطباعات الإيجابية التي رصدها في هذه التجربة الجديدة ، أكد الشحي أن من أكبر المكاسب التي يمكن الإشارة إليها وبقوة في هذا العمل هو مشاركة طلبة وطالبات قسم الإعلام بكليات التقنية برأس الخيمة، ومساهمتهم في تنفيذ الفيلم بجهد وحماس وإخلاص كبير، منوهاً إلى أن وجود هؤلاء الطلبة كمتدربين، أشعره بثقة مضاعفة في تقديم عمل ناضج واحترافي في المستقبل من خلال تكوين جيل ثان من صانعي الأفلام في الإمارات. وأثني الشحي في نهاية حديثه على تجاوب الأهالي وتعاونهم معه في مناطق رأس الخيمة المختلفة مثل الجير وشعم وغليلة، وتجاوب الطاقم المحلي وتفانيهم في العمل، وتعاون المسؤولين وتذليلهم لعقبات إدارية ولوجستية كثيرة أثناء العمل في مواقع التصوير، وهم الشيخ طالب بن صقر القاسمي مدير عام شرطة رأس الخيمة، والشيخ سالم بن سلطان القاسمي رئيس هيئة الطيران المدني، والدكتور طيب الكمالي مدير كليات التقنية برأس الخيمة. يشار إلى أن هذا الفيلم يأتي بالنسبة لوليد الشحي بعد تصديه لإخراج عدة أفلام روائية قصيرة حققت له مكانة خاصة بين صانعي الأفلام في الإمارات، ونذكر منها أفلام مثل: «حارسة الماء» و«ريح» و«باب»، وبعد انحيازه لنسق بصري أقرب للصورة الشعرية وسط اختبارات أسلوبية متعددة في مسيرة السينما المحلية التي انطلقت قبل عشر سنوات تحديداً. قصة متوارية يشير وليد الشحي إلى أن موضوع فيلم «دلافين» يتناول سيرة طفلين في زمن معاصر، وينطوي على قصص متوارية ضمن نسيج اجتماعي تتداخل فيه المأساة الصامتة واختلال العلاقات الأسرية، بإزاء مناخات الطفولة، وبإزاء دهشتها المصطدمة مع تبعات وانعكاسات الأخطاء والخطايا التي يمارسها الكبار المتحكمون في خيوط هذا النسيج أو هذا السياج الفارض لشروطه ولحدوده الخانقة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©