الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجنب الحرب مع كوريا الشمالية

3 يوليو 2017 22:14
على ما يبدو أن مصير الطالب الأميركي «أوتو وارمبير»، الذي توفي هذا الأسبوع بعد عودته لبلاده من كوريا الشمالية التي كان معتقلاً فيها، لم يثن المدافعين عن سياسة التعاطي مع بيونج يانج، عن الاستمرار في الدعوة لتلك السياسة. فهم يرون أنه مهما كان النظام في كوريا الشمالية بغيضاً، فإن الدبلوماسية هي الطريقة الوحيدة لإيقاف برنامجيه الصاروخي والنووي اللذين يتقدمان بوتيرة سريعة. ولكن تجربتنا الأخيرة، تدل على أن محاولة الحديث مع الرئيس كيم جونج أون، هي مجرد مضيعة للوقت. ففي هذا الشهر، كنا جزءاً من مجموعة من المندوبين من الولايات المتحدة، واليابان، والصين، وكوريا الجنوبية، التقت في السويد مع ممثلين عن كوريا الشمالية، لاستكشاف السبل الممكنة لاستئناف المحادثات السداسية التي انهارت في عام 2009. وبعد عدة ساعات من المحادثات، غادرنا مكان المحادثات، ونحن أكثر تشاؤماً مما كنا عليه قبلها. وخلال تلك المحادثات، أوضح المسؤولون الكوريون الشماليون بوضوح لا يحتمل أي لبس، أن بيونج يانج لن تتوقف عن زيادة ترسانتها النووية، أو عن إجراء تجارب على إطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات. ولم تكن هناك أي مؤشرات على مرونة، أو استعداد للمفاوضات من جانبهم حول هذين البرنامجين، وكانت رسالتهم طيلة المحادثات هي أن نزع الأسلحة النووية ليس خياراً مطروحاً على الطاولة. وقد حاولنا مراراً وتكراراً التأكد مما إذا كان يمكن لأي مزيج من الحوافز الاقتصادية والدبلوماسية، أو الضمانات الأمنية، إغراء بيونج يانج بالتقيد بالتزاماتها المتفاوض عليها مسبقاً، والتماشي مع قرارات الأمم المتحدة، بيد أن الإجابة التي تلقيناها على تساؤلنا، كانت «لا» قاطعة. واستشهد ممثلو كوريا الشمالية بالمصير الذي انتهى إليه صدام حسين في العراق، ومعمر القذافي في ليبيا، ليؤكدوا لنا المرة تلو الأخرى، أن برنامجهم النووي هو الضمانة الأخيرة لتأمين النظام. وطرح محاورونا الكوريون الشماليون علينا خياراً جلياً، يقولون لنا من خلاله «اقبلونا أولاً كدولة نووية، وبعد ذلك سنكون مستعدين للحديث عن معاهدة سلام أو نذر خوض الحرب، علماً بأننا جاهزون لأي منهما». ولم يقل الكوريون الشماليون إنهم سيبدأون الأعمال العدائية، ولكنهم أكدوا أنهم سيقاتلون إذا ما تعرضوا للاستفزاز. وكان الاختلاف الملحوظ في سلوك الكوريين الشماليين هذه المرة، مقارنة بالمرات السابقة، هو الثقة بالنفس، التي تكاد تصل إلى درجة الغرور، والتي كان سببها على ما يبدو، هو النجاحات الأخيرة للبرنامجين النووي والصاروخي لبلادهم. كما أوضح الكوريون الشماليون كذلك، أن برنامجهم النووي هو رد فعل على «سياسة الولايات المتحدة العامة المعادية لبلدهم». وعلى هذا الأساس يمكن القول إن أي شيء يمكن أن تعرضه سيؤول، لن يغير التزام كوريا الشمالية بالسعي نحو تعظيم ترسانتها النووية، بل إنهم لن يأبهوا حتى بالتفاوض مع الكوريين الجنوبيين! ويعني ذلك، أن الرئيس الكوري الجديد «مون جاي- إن» سيصاب بخيبة أمل كبيرة، إذا ما حاول إحياء «سياسة الشمس المشرقة» القائمة على التعاطي غير المشروط مع كوريا الشمالية، والتي اتبعها الرؤساء الكوريون السابقون خلال الفترة من 1999 حتى 2008. وكان الرئيس دونالد ترامب، قد وضع آماله على الوعود الصينية لتنفيذ عقوبات الأمم المتحدة بشكل كامل، ولكنه يعترف الآن، بأن ذلك الأمر لم ينجح. وحول هذا الأمر غرد ترامب يوم الثلاثاء الماضي قائلًا: «في حين أنني أقدر أقصى تقدير ممكن جهود الرئيس تشي جينبينج، والصين من أجل المساعدة في موضوع كوريا الشمالية، إلا أن هذه الجهود لم تنجح. ولكنني أعرف على الأقل أن الصين قد حاولت». ومع أنه قد انتقد سياسة الرئيس السابق باراك أوباما في التعامل مع كوريا الشمالية المعروفة بسياسة «الصبر الاستراتيجي» ووصفها بأنها ضعيفة وغير فعالة، إلا أن الملاحظ أن سياسة «أقصى ضغط» التي ينتهجها هو في التعامل مع تلك الدولة لا تختلف كثيراً، في صفتها ونتائجها، عن سياسة سلفه حيث ما زال يحجم عن اتخاذ إجراءات قوية، كما يرسل إشارات متناقضة حول ما إذا كانت إدارته ستتفاوض مع كوريا الشمالية، أم أن هناك احتمالاً لشن هجوم عسكري! وتوجيه ضربة عسكرية وقائية لكوريا الشمالية، سيكون بمثابة فكرة سيئة للتعامل مع دولة تمتلك أسلحة نووية، إضافة إلى 10 آلاف فوهة مدفع موجهة نحو سيؤول. وفي محادثاتنا الأخيرة، أكد المسؤولون الكوريون الشماليين أنهم لم يكافحوا من أجل الحصول على الأسلحة النووية، كي يروا أنفسهم وهم يهلكون، قبل أن يقوموا باستخدامها. وكان التهديد المبطن الذي يقصدونه بقولهم هذا هو أنه إذا ما استخدمت الولايات المتحدة القوة العسكرية ضد كوريا الشمالية، فإن بيونج يانج ستنتقم مما يؤدي لخسائر بشرية بمئات الآلاف، أو ربما بالملايين. وبدلاً من محاولة إجهاض برنامج الأسلحة النووية الكوري الشمالي، سيكون من الأفضل لإدارة ترامب، أن تعمل على تعزيز العقوبات المفروضة على بينج يانج، وفرض عقوبات أخرى ثانوية. فهذا الإجراء، سيرتب جزاءات على كوريا الشمالية، من دون المخاطرة بإشعال شرارة حرب - ويمكن، كما هو متصور، أن يقرّب اليوم الذي ينهار فيه نظام كيم. وتعزيز العقوبات ضد كوريا الشمالية قد لا يكون إجراءً دراماتيكياً،ولكنه بالتأكيد خطوة أكثر واقعية، من محاولة أخرى للتفاوض مع نظامها. * محللان سياسيان أميركيان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©