الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رئيسة تحرير في إيطاليا··· بين الثقافة والفساد

رئيسة تحرير في إيطاليا··· بين الثقافة والفساد
21 سبتمبر 2008 01:50
عندما أصبحت ''كونشيتا دي جريجوريو'' رئيسة تحرير صحيفة ''ليونيتا''، قالت إنها تريد التركيز على السياسة والأخبار اليومية، حيث كتبت ضمن أول افتتاحية لها في السادس والعشرين من أغسطس تقول: ''لدينا ما يكفي من التعليقات؛ أما اليوم، فنحن في حاجة إلى الأخبار''؛ وقد جاء تعيين ''جريجوريو'' مفاجئاً بالنسبة للعديد من الإيطاليين غير المعتادين على رؤية امرأة تشغل مثل هذا المنصب القوي، إذ تعد صحيفة ''ليونيتا''، التي أسست عام 1924 من قبل الفيلسوف الشيوعي ''أنتونيو جرامشي'' وتربطها اليوم علاقات بالحزب الديمقراطي، إحدى ألمع وأشهر الصحف الإيطالية· غير أن البعض انتقد تعيين ''جريجوريو'' في هذا المنصب، مرجحين أن يؤدي ذلك إلى إضعاف سمعة الصحيفة؛ وفي هذا السياق كتب ''باولو جووتزاني'' -كاتب العمود والمشرع المحافظ- في صحيفة ''إيل جورنالي'' ذات التوجه اليميني يقول: ''سنرى (في الصحيفة) العديد من الوصفات السهلة بالنسبة للأمهات العاملات والنصائح حول كيفية التصرف مثل غانيات حين يعود أزواجهن إلى البيت''· يذكر أن إيطاليا تحتل المرتبة الثانية من حيث التأخر من بين بلدان أوروبا الغربية، متبوعة بالبرتغال، بخصوص مواضيع حقوق المرأة والوضع الاجتماعي، وذلك حسب مؤشر ''الأم'' لمنظمة ''سيف تشيلدرن'' (أنقذوا الأطفال) لحقوق الإنسان، والذي يقيّم ظروف المرأة والأطفـــال في العالم بناء على الدخل والمشاركة السياسية والصحة؛ وفي هـــــــذا السيــــــاق ينظـــــــــر إلــــى المنصب الجديد لـ''جريجوريو'' على أنه مؤشر على تغير ثقافي؛ وفي هذا الإطار تقول ''آنا مازوني'' -رئيسة تحرير مجلة ''فورميش'' الشهرية-: ''لقد تفاجأت كثيراً؛ ذلك أن (تعيين جريجوريو) يعد حقاً مؤشراً على أن الظروف قد تغيرت، وأن إيطاليا باتت أكثر قرباً من المعايير الأميركية والأوروبية الغربية''؛ وتضيف صحفية تعمل في ''ليونيتا'' ولا ترغب في الكشف عن اسمها قائلة: ''في إيطاليا لدينا تصور يرى أن الصحف السياسية يفترض ألا تغطي حقوق النساء أو المواضيع الاجتماعية''· ومثلما حمّس خبر التعيين بعض موظفي ''ليونيتا''، فإنه حمّس أيضاً قارئاتها؛ وفي هذا السياق تقول ''ماريا آنا سابيلي'' -طبيبة في ميلانو تواظب على قراءة ''ليونيتا'' منذ ثلاثين عاماً-: إنني سعيدة لرؤية امرأة تدير الصحيفة''؛ غير أن ''جريجوريو'' نفسها تميل إلى التقليل من شأن الحدث؛ حيث قالت الشهر الماضي في مقابلة مع إحدى المحطات الإذاعية: ''الأمر لا يعني أنني سأنتج صحيفة ''وردية''· ويعد تعيين ''جريجوريو'' في منصب رئيسة تحرير ''ليونيتا'' جزءاً من اتجاه أكبر لنساء إيطاليات ينجحن في وسائل الإعلام الوطنية؛ ففي 2000 أصبحت ''فلافيا بيرين'' أول رئيسة تحرير لصحيفة ''إيل سيكولو ديطاليا'' اليمينية المتطرفة، وفي 2002 أصبحت ''دانييلا هاموي'' أول امرأة تترأس مجلة ''ليسبريسو'' الإخبارية؛ ويقول ''فرانكو آبروزو'' أستاذ الصحافة في معهد ''كارلو دي مارتينو'' في ميلانو: ''إن الصحافة هي الميدان الذي سنصل فيه قريباً إلى المساواة بين الجنسين''؛ ويضيف أن 45 في المائة من الصحفيين المحترفين في ميلانو هم من النساء، متوقعاً أن ترتفع هذه النسبة قريباً على اعتبار أن 50 في المائة من المتدربين الشباب هم من الإناث· والواقع أن منحى تطور عمل النساء في وسائل الإعلام في إيطاليا، يشبه إلى حد كبير نظيره في بلدان أوروبية أخرى، ففي بريطانيا على سبيل المثال عينت ''روزي بويكوت'' رئيسة تحرير لصحيفة ''ذي إيندبندنت'' في 1998؛ وحالياً ترأس امرأتان صحيفتين بريطانيتين كبيرتين هما ''ذا صن'' و''ديلي ستار''· وإذا كانت لا توجد في إسبانيا صحف تديرها نساء، فإن ''إيل موندو'' و''إيل باييس'' لديهما نائبتا رئيسي التحرير· غير أن مؤشرات أخرى بخصوص المساواة بين الجنسين في مكان العمل، تبدو مختلطة وغير واضحة، فحتى عهد قريب، كانت إيطاليا تحتل مرتبة متدنية بخصوص مشاركة النساء في السياسة؛ ولكن البرلمان ضاعف في غضون ست سنوات نسبة المشرعات من 9,8 في المائة في 2002 إلى 21,1 في المائة اليوم، وهو ما يتماشى مع المعدل في أوروبا الغربية؛ ومع ذلك، فإن عمل النساء بصفة عامة يظل متدنياً مقارنة مع أماكن أخرى في أوروبا؛ ذلك 45,1 في المئة فقط من النساء الإيطاليات يعملن خارج المنزل، حسب أرقام أفرجت عنها في 2006 مؤسسة ''يوريسبيس'' البحثية، وهو ما يتباين مع إسبانيا وفرنسا، حيث المتوسط هو أكثر من 50 في المائة، ومع الدانمارك والسويد، حيث أكثر من 70 في المائة من النساء يعملن خارج المنزل، وحسب دراسة نشرت نتائجها في مايو صحيفة ''لاريبوبليكا''، فإن 2 في المائة فقط من المناصب التنفيذية العليا تشغلها نساء في الشركات الإيطالية· وتعتقد ''مازوني'' أن قلة النساء ضمن اليد العاملة له علاقة بالنظام الاقتصادي الإيطالي، الذي ينخره الفساد والمحسوبية، أكثر من علاقته بالثقافة؛ فحسب استطلاع للرأي أجري في ،2007 أفاد نحو 40 في المائة من العمال الإيطاليين أنهم حصلوا على وظائفهم عبر المحاباة و''الواسطة''؛ كما ترى ''مازوني'' أن النساء مظلومات بسبب نظام يتغاضى عن الكفاءة، على اعتبار أن 98 في المائة من المدراء التنفذيين للشركات هم رجالا، إذ تقول: ''الناس هنا لا يكترثون لمدى الجدية التي عملت بها، إذا كنت توظف الناس وترقيهم لأنهم أصدقاءكم، فإنك بالطبع ستختار الذكور''· آنا موميليانو- إيطاليا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©