الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

انتعاش صناعة السيارات المكسيكية على حساب البرازيل

انتعاش صناعة السيارات المكسيكية على حساب البرازيل
21 ابريل 2012
كشف النزاع حول تجارة السيارات عن مواقف مغايرة لمفهوم العولمة في أكبر اقتصادات أميركا اللاتينية. ويدور جدل كبير في وسط المسؤولين في كل من البرازيل والمكسيك حول مستقبل اتفاقية 2002 التي تسمح بحرية تجارة السيارات بينهما. وسارت الاتفاقية حسب ما هو مخطط لها لمدة عقدين ولمصلحة البرازيل أن تقوم شركات صناعة السيارات في المكسيك بإنتاج السيارات الكبيرة، بينما تقوم نظيرتها في البرازيل بصناعة الصغيرة. وحققت المكسيك وفقاً للاتفاقية نمواً قدره 40% في السنة الماضية إلى 2 مليار دولار، في حين لم تتجاوز صادرات البرازيل من السيارات سوى 372 مليون دولار فقط. وبفتح أبواب أسواقها بموجب اتفاقية “نافتا” مع أميركا وكندا واتفاقيات ثنائية مع دول أخرى، تحولت المكسيك إلى مركز تصدر منه شركات صناعة السيارات إلى الأميركيتين ولبقية دول العالم. وتقوم “فولكس فاجن” مثلاً بإنتاج كل موديلات “بيتلز” و”جيتا” في المكسيك. وعلى الرغم من أن شركة “نيسان” تنتج بعض موديلاتها في مصنع “رينو” بالبرازيل، إلا أن معظم السيارات التي تبيعها في أميركا الجنوبية، تأتي من مصانع في المكسيك. وتم في العام الماضي تصدير نحو 2,1 مليون سيارة من مجموع 2,6 مليون تمت صناعتها في المكسيك. وبالمقارنة، فإن الهدف الرئيسي في البرازيل هو حث الشركات على تعزيز المصانع المحلية بغرض تحقيق الاكتفاء الذاتي للسوق المحلية الضخمة، حيث لم تتجاوز صادراتها من جملة 3,4 مليون سيارة صنعت محلياً، 540,000 سيارة لا غير. وتذهب ثلاثة أرباع صادرات البرازيل من السيارات إلى الأرجنتين. وتطلعت سوق أميركا الجنوبية العامة “ميركسور” ولوقت طويل، لموازنة تجارة السيارات وقطع الغيار بين البلدين. ويتخوف البرازيليون من زيادة حجم الواردات الذي بدأ بالفعل، حيث يعود ذلك نسبياً إلى قوة الريال الذي ارتفع بنحو 33% مقابل الدولار منذ بداية 2009. كما ارتفعت واردات السيارات بنسبة قدرها 30% خلال 2011 وبنحو 10 أضعاف هذه النسبة من الصين. ولجأت الحكومة في ديسمبر الماضي لفرض زيادة في الضريبة قدرها 30% على استيراد السيارات التي لا تملك مصادر إنتاجها مصانع تابعة لسوق “ميركسور” أو في المكسيك. ويتخوف المسؤولون من الاتفاقية المبرمة مع المكسيك التي يرون أنها تحولت إلى قناة لاستيراد سيارات للبرازيل تابعة لشركات عالمية مثل “فولكس فاجن” و”جنرال موتورز” تتم صناعتها في شرق آسيا. وتخطط البرازيل إلى تغيير هذه الاتفاقية من خلال ثلاث طرق. أن تتضمن السيارات التي تستفيد منها 40% من المحتوى المحلي. وتدعي أن المكسيك فشلت في الإيفاء بالمتطلبات الحالية القاضية بأن لا يقل المحتوى المحلي عن 30%، الاتهام الذي لم تقره المكسيك. وترى المكسيك أن سوق سياراتها هو جزء لا يتجزأ من منظومة سوق السيارات العالمية، حيث يصعب عليها رفع المحتوى المحلي بالسرعة المطلوبة منذ أن ذلك يستدعي تغيير القواعد التي تستند عليها استثمارات الشركات. وفي المقابل، أصبحت صناعة السيارات في البرازيل قطاعاً موحداً يتضمن قدرا كبيرا من المحتوى المحلي. وتود البرازيل مد الاتفاقية لتشمل الشاحنات والحافلات التي تتمتع فيهما بمقدرة تنافسية كافية. وتوافق المكسيك على ذلك شريطة أن يتم بالتبادل. وفي الوقت الراهن، تقوم البرازيل بصناعة محركات وفقاً لمعايير الاتحاد الأوروبي الخاصة بانبعاثات الكربون، بينما تستند المكسيك بالإضافة إلى ذلك، إلى المعايير الأميركية. وفي حين توافق المكسيك على استيراد كلا نوعي المحركات، تستورد البرازيل التي تستوفي معايير الاتحاد الأوروبي فقط، الشيء الذي تطالب المكسيك بتغييره. وأخيراً، تسعى البرازيل لوضع حد للواردات المعفية من الرسوم من خلال تحديد كمية شبيهة بتلك المفروضة على تجارة السيارات في سوق “ميركسور” وذلك في محاولة للتصدي لزيادة الواردات. ويعكس موقف المكسيك مدى انفتاح اقتصادها للتجارة في السلع على الأقل، حيث يصل متوسط رسومها الجمركية على ضوء دمج وارداتها نحو 5,5%، مقارنة مع البرازيل التي تبلغ نحو 10,4%. ويُذكر أن ما يقارب ثلثي وارداتها في 2010، دخلت البلاد دون جمارك، مقارنة بما يفوق الربع في البرازيل. وكانت المكسيك تعاني خللاً كبيراً في قطاعها الصناعي عندما تم تكوين “نافتا” في 1994. وشهدت قبل عقد هجرة مئات الآلاف من الوظائف التي تعمل في قطاع مصانع التجميع في الصين. لكن انفتاحها على المنافسة العالمية جعل مصانعها تتميز بكفاءة عالية، مما مكن الإنتاج الصناعي من معاودة النمو خلال العامين الماضيين ليظل نصيب الصناعة من الناتج المحلي الإجمالي مستقراً بين 17 و18% منذ 2003. وفي المقابل، ترى الحكومة البرازيلية في سوقها المحلية واحدا من الأصول التي ينبغي حمايتها. كما أدت قوة الريال إلى جعل السلع الصينية أقل سعراً ما يشكل تهديداً حقيقياً لقطاع صناعتها المحلي. ويقول وزير الصناعة البرازيلي فيرناندو بيمنتل، “أصبحت المنافسة الشرسة التي استشرت في مختلف أنحاء العالم، تشكل نوعاً من التهديد للاقتصاد الإقليمي. وأن الدول النامية هي تلك التي تملك قطاعات صناعية ونحن سنقوم بحماية صناعتنا المحلية”. ومع ذلك، ينتج عن تزايد الحمائية في البرازيل وقوعها تحت وطأة تكاليف كبيرة، حيث تعاني البلاد من مشكلة التنافسية وليست التجارة. وتراجع نصيب الصناعة من الناتج المحلي الإجمالي من 17,2% في 2000، إلى 14,6% في 2011. نقلاً عن: «ذي إيكونوميست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©