الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجرد خلافات رقمية

مجرد خلافات رقمية
21 ابريل 2012
شاهدت برنامجا على إحدى الفضائيات الوثائقية، يبين للمشاهد بالتفصيل الممل كيف يتم بناء نموذج كامل لسفينة التايتانيك العملاقة الفخمة التي غرقت عام 1912، وذلك عن طريق مراجعة الفواتير وشراء واستخدام ذات المواد التي صنعت منها السفينة بكل ما فيها من زجاج وخشب وحديد ونحاس وذهب وحمامات وثريات وكنبايات ومماسح وشطافات... وخلافه. تخيلوا أن يضطروا الى البحث في الفواتير عن الورشة التي صنعت المرساة مثلا، والتأكد عن طريق الفواتير من كميات الحديد والمواد المضافة، وتصنيعها مرة ثانية بذات الطريقة، وان لم يجدوا ذات الورشة يبحثون عن ورشة مشابهة، ويعدون المواد بذات الأسلوب القديم، لكأننا نعيد استنساخ التايتانيك من ذات الشيفرة الوراثية. وتخيلوا أيضا لو أردنا في بلادنا أن نعيد تصنيع أي شئ لدينا بالعودة الى الفواتير القديمة. الفكرة بحد ذاتها مضحكة، لأن الفواتير.. فواتيرنا «ما غيرها»... لا تعبر على الإطلاق عن واقع الحال والأحوال، بل تعبر عن مجموعة من الكومشنات والمصالح المعقدة، والعلاقات التوظيفية والتعيينية والشرائية التي تجعل الواقع مجرد فكرة باهتة عن الخيال ..الخيال في التفنن بسرقة الميزانية والدولة بموافقة الجميع وبتواطؤ من الجميع.. بلا استثناء. ?لن تجدوا في معظم البلاد العربية، ما يطابق بين حساب القرايا وحساب السرايا، فكلنا في الهوا شرق. حيث إن الاعتداء على المال العام سنة، وليس عيبا، واشتراع فوق التشريعات وفريضة فوق القانون، والسرقة ليست عارا بل شطارة، ومن يقترفها أو من يعين المئات من أقاربه في الوظائف على حساب الدولة هو المحترم الفاضل الذي لا ينسى أصله وفصله. لذلك أتمنى على كل من يريد إعادة إنتاج الماضي على شكل مشاريع عامة، أن يبحث عن آلية أخرى للتنفيذ.. غير نسخ العطاءات وأساليب التلزيم وفواتير المواد المستخدمة، ناهيك عن عدد المستخدمين وطبيعة عملهم. الأفضل لنا جميعا، أن نعيد إنتاج التايتانيك. ??? وليس آخرا... لبست النظارات، حيث لم تفلح جميع وسائل الاحتيال على العيون في تجاهل حقيقة حاجتى لعوينات من أجل القراءة، وهي بالمناسبة أول عوينات أرتديها حتى الآن، مع أني وهن العظم مني، وبلغت من العمر عتيا وكشتي بيضاء، مثل ليّة الخروف، منذ قرون خلت. شكى والدي في عامه الثامن والثمانين من ضعف النظر بالقول إنه لم يعد يرى جبال شيحان من فوق سطح بيتنا، مما أصابنا بالإحباط آنذاك، لأننا لم نر قط جبال شيحان من هنا، حيث إنها تبعد عنا أكثر من 70كم على الأقل. نعالج بعد النظر، في حين أن العالم يعتبره ميزة لا يحصل عليها إلا المثقفون والمصلحون والفلاسفة - حاشانا الله-. ولأننا من أصحاب بعد النظر، فإننا نسعى الى قراءة الصحف والمجلات من الصفحة الأخيرة، ربما لأننا نستبق النتائج، وهذا ما استطاعت شهرزاد أن تمنعه عن شهريار الذي كان سيقتلها لو عرف نهاية القصة، ونجحت في النهاية في الانتصار عليه، وسجلت أول فوز أنثوي على عنجهية الذكر وغروره المستتب. لعل من أوائل الشخصيات الساخرة التي ابتكرها يعقوب صنوع في مصر، هي شخصية «أبو نظارة» التي تم تحويلها الى شخصية كاريكاتيرية كانت من أوائل هذه الشخصيات المبتكرة منذ نهايات القرن قبل الماضي، إذ يعتقد الناس أن من يستخدم النظارة يرى أكثر من غيره وبدقة أكبر، ويستطيع أن يعلق على الأحداث بذكاء جارح..... وهذا اعتقاد لم نستطع إثباته عن طريق مصادرنا قط. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©