الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قلاع العين مراكز للاصطياف وقاعات للاحتفالات

18 سبتمبر 2008 23:50
لم تقتصر وظائف القلاع والحصون التاريخية في مدينة العين على مجرد كونها حصوناً دفاعية، ومراكز لإدارة شؤون الأمن، ولكنها كانت في كل مراحلها تضطلع بالعديد من المهام الأخرى التي لا تقل أهمية·· وتضم العين أكبر عدد من القلاع منها قلعة الرميلة، مزيد، الجاهلي، سلطان، المويجعي، المريجب والمربعة· وقد لعبت القلاع في الماضي دور المحاكم، حيث كانت ساحات للتقاضي يتم فيها الفصل في القضايا وتنفيذ الأحكام، باعتبارها مقاراً للسجون، كما شكّلت مراكز للإغاثة والتجارة والاصطياف وإدارة النشاط الزراعي وساحات للاحتفالات· وتقع العين وقلاعها على ملتقى شبكة من الطرق التجارية المهمة، فهي تتوسّط المسافة بين دبي وأبوظبي ومزيد والشويب في الإمارات، وصحار ومسقط في سلطنة عمان، مما أهلّها لأن تلعب دوراً مهماً في توفير الأمن للقوافل التجارية التي تعبر تلك المناطق، وتأمين تنقلها بين مختلف مناطق الإمارات· ولطالما كانت قلاع وحصون العين التاريخية تحتضن القضايا والنزاعات التي تنشأ بين الأهالي، وليتولى الفصل فيها الحكّام من شيوخ آل نهيان، ويعتبر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان خير مثال للحاكم العادل، الذي كان يجلس للاستماع إلى المتخاصمين في هدوء في مجلسه بقلعة المويجعي، ثم يصدر حكمه ليخرج المتخاصمون من عنده وعلى وجوههم علامات الرضا والقناعة· ولم يمنع امتلاك الحاكم سلطات الحكم المطلقة في القضايا باعتباره القاضي الأعلى، وجود قضاة للفصل في بعض القضايا، دون أن يعني ذلك وجود هيكل قضائي منتظم، حيث كانت السلطات القضائية للحاكم هي التي تتمتع دوما بصفة الثبات· وكانت الشريعة الإسلامية أولا، ثم العادات والتقاليد والأعراف القبلية السائدة هي المصدر الذي يستند إليه الحاكم في أحكامه، إلى جانب اجتهاده الشخصي·· ولم يكن المغفور له الشيخ زايد يصدر أحكامه بشكل منفرد، بل كان يحرص، طيب الله ثراه، على وجود هيئة استشارية تضّم عدداً من شيوخ القبائل، من أهل الثقة وأصحاب الدراية والحنكة، وكان، رحمه الله، يتداول معهم في القضايا المطروحة قبل أن يصدر حكمه· ولم يتوقف دور القلعة، كساحات للتقاضي، عند حدود إصدار الأحكام، بل شكّلت أيضاً السجن الذي يجري فيه تنفيذ هذه الأحكام بحقّ المحكومين، فقد كانت القلعة، أبراجها خاصة، مزودة بسجون تم تخصيصها لهذا الغرض· وتعتبر قلعة سلطان أو''الحصن الشرقي'' خير دليل على ذلك، حيث ما زال سجن القلعة موجوداً كما هو في احد أبراجها حتى الآن· كذلك لعبت قلاع العين دوراً في تدعيم النشاط الزراعي في المنطقة الشرقية من إمارة أبوظبي، حيث كان التخطيط للإدارة الزراعية يتم في القلاع، فالمغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان خطّط لحفر فلج الصاروج في قلعة المويجعي، واستمر يشرف على أعمال الحفر بنفسه لمدة طويلة من مكان إقامته في القلعة نفسها· وكان يقوم على أعمال الزراعة مزارعون يطلق عليهم ''البيادر''، وكان المحصول ينقل للقلعة للتخزين، إن لم يتم بيعه أو توزيعه·· وكان إنتاج المزارع يشكّل مردوداً مالياً يساهم في مساعدة الحاكم على القيام بأعباء الحكم· وارتبطت القلاع والحاكم دوما في تاريخ المنطقة الحديث بعملية تقديم الإعانات للأهالي، وكانت تسمى ''الشرهات''، أي المعونات المالية للمحتاجين، وكانت القلعة تمتلئ بأصحاب الحاجة الذين يتقدمون بمطالبهم شفاهياً، أو من خلال قصائد في المديح والشكوى فيقدم لهم الشيخ ''الشرهات''، حسب تقديره لظروف كل شخص وأحواله، كما كانت تُقدّم الوجبات المجانية للمحتاجين· ولم يتوقف دور القلاع والحصون التاريخية في العين عند حدود المهام والوظائف الأمنية والإدارية، وتلك التي تتعلق بشؤون الاقتصاد والزراعة، بل كان الأهالي يتخذون من الساحات الفسيحة مقابل القلاع قاعات لاحتفالاتهم في المناسبات المختلفة، حيث تؤدي فرق الفنون الشعبية المحلية العروض والرقصات الشعبية المختلفة مثل ''العيالة'' و''الحربية'' و''النعاشات''، إضافة إلى الأهازيج والرقصات الخاصة بعمال البحر مثل ''البانيس'' و''الليوه'' و''الدانيان''·· وكان يتخلل الاحتفالات إطلاق بعض الأعيرة النارية مقرونة بقرع الطبول وسط أجواء من البهجة والفرح
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©