الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الترجمة تنطوي على شكل من أشكال الهدم

الترجمة تنطوي على شكل من أشكال الهدم
17 أغسطس 2016 22:24
عصام أبو القاسم (الشارقة) نظم بيت الشعر التابع لدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، مساء أمس الأول، ندوة ثقافية تحت عنوان «ترجمة الشّعر.. الآفاق والتحديات»، أدارها الشّاعر السوري نوزاد جدعان، وشارك فيها النّاقد العراقي غانم السامرائي، والشّاعر والمترجم الإماراتي الدكتور شهاب غانم. وفي مستهلّ الندوة استدعى المقدم بعض الآراء والأفكار المتنوّعة حول مسألة ترجمة الشّعر، منفتحاً على متون عربية وأجنبية، قديمة وحديثة، ومن ثمّ طرح جدعان مجموعة من المحاور حول راهن حركة التّرجمة الشّعرية في البلاد العربية، مشيراً إلى أن هناك ما يشبه الرّكود في هذا الجانب، وأن المتلقي العربي لم يتعرّف بعد إلى شعريات أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. وتحدث الناقد العراقي غانم السامرائي، رئيس قسم اللغة الإنجليزية وآدابها في جامعة الشارقة، عن الإشكاليات التي لاحظها، انطلاقاً من عمله في هذا الحقل سنوات ليست بالقصيرة، وقال: «التّرجمة الوحيدة الممكنة هي النقل الإبداعي»، متبنياً الرأي القائل إن «الترجمة خيّانة»، وزاد مبيناً أن «هناك إشكالية كبيرة في ترجمة الشّعر، فالتّرجمة بشكل عام إشكالية، سواء كانت ثقافية أو سياسية أو اجتماعية، وهي تنطوي على شكل من أشكال الهدم، وتظل إشكالية مهما كان مستوى النص المترجم. وفي الأدب على وجه الخصوص يبدو أمر التّرجمة معقداً، وهو أكثر تعقيداً حين يتعلق الأمر بالشّعر، لما لهذا الجنس الإبداعي من خصائص لغوية وتقنية مختلفة من لغة لأخرى». وتابع السامرائي: «التّرجمة صعبة، لكنّها ممتعة، ولهذا لم يتوقف حراك الترجمة منذ العصور القديمة عن نقل كل صنوف المعرفة». وتطرق إلى مسألة «ركود الترجمة الشعرية من وإلى العربية»، مشيراً إلى أن «الترجمة الغائبة هي الرصينة»، في إشارة إلى ازدحام المجال بترجمات ضعيفة. وأقر السامرائي بصعوبة نقل سمات وثقافة لغة ما إلى أخرى، دون أن تفقد اللغة الأصلية المترجم عنها بعض مزاياها الجمالية والتقنية، حيث استعاد جملة من الاستعارات والمجازات من اللغتين العربية والإنجليزية، مبيناً المزالق التي يمكن أن تقع فيها الترجمة الدقيقة للكلمات والمصطلحات والمفاهيم، نسبة لاختلاف دلالات بعض التّعبيرات الثّقافية بين اللغتين، داعياً إلى ترجمة واعية وملهمة. كما تحدث السامرائي عن طرائق عدة في ترجمة الإبداع الأدبي، كأن يعتمد المترجم لغة تفسيرية، لكن مثل هذا الاختيار، كما قال، يوقع صاحبه في اختبارات شائكة، إذ يمكن «أن يجد عبارة قصيرة في الإنجليزية تستعصى على الترجمة إلا في عدد كبير من الكلمات في اللغة العربية»، كما تكلّم عن اضطرار بعض المترجمين إلى حذف بعض التعبيرات والمقاطع، خصوصاً في الشعر، أو تجنّب بعض الاصطلاحات ذات المفاهيم المختلفة في اللغة التي يترجم إليها، ممثلاً بتجربة الشّاعرة العراقية الراحلة نازك الملائكة في خمسينيات القرن الماضي، حين كان المجال الثقافي العربي ميالاً إلى الغنائية والجمالية، ما اضطرها إلى مراعاة ذلك. ومضى السامرائي مستعرضاً العديد من أشكال التّرجمة التي عرفتها الشّعرية العربية، متوقفاً بصفة خاصة عند ترجمات منجزة لنصوص بدر شاكر السياب وأدونيس، مبرزاً كيف أن بعضها تسبب في الإخلال بمضامين نصوصهما. من جانبه، تحدث الشّاعر شهاب غانم عن تجربته الشخصية في ترجمة الشّعر، من وإلى العربية، وقال إنه دخل المجال من باب الإدارة والاقتصاد، لأنه أحبه، مشيراً إلى أنّه أنجز حول 25 ترجمة لمجاميع شعرية، وقال صاحب (أصداف ولآلئ 1996) إنّ «ترجمة الشعر لا تعود للمترجم بأية عوائد مادية، مقارنة بترجمة كتب القانون والإدارة، ولكنها تمتعني». واستعاد مشواره مع الترجمة منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، مبيناً أنّه من أوائل من تولوا أمر ترجمة الشعر الإماراتي إلى الإنجليزية، وقال إنه يعمد إلى أن ينتقي نصوصه التي يترجمها، وأنّ النّص الشعري الذي يستهويه هو الذي يطلق عليه «النص العابر للغات»، لمرونته وطواعيته في الترجمة، كما ذكر أنه يؤمن بأن هناك العديد من المشتركات الحضارية والثقافية بين شعوب المعمورة، وأن الترجمة تتيح لنا إعادة اكتشاف ذلك، وتحضّنا على المزيد من التواصل والتفاعل. كما نقل صاحب «مع الحبارى والبجعات 2005» بعض المواقف الدالة على أهمية ترجمة الشعر العربي إلى اللغات الأخرى، لما ينطوي عليه هذا الشعر من ثراء موضوعي وجمالي، وقال إن أهمّ ما حصل معه، خلال مسيرته مع الترجمة، اكتشافه لثراء الشعر الهندي، مشدداً على أهمّية أن يتمكن المترجم من لغته الأم واللغة التي يترجم منها أو إليها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©