السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العشوائيات والمدن العربية

23 ابريل 2011 20:32
يتجه البشر نحو السكن في المدن أكثر فأكثر ولكن نسبة كبيرة منهم ستبقى تعيش في المناطق الريفية والنائية. ومهما كان ملحاً الاهتمام بالمدن وتخطيطها يبقى الاهتمام بهذه المناطق أولوية من أجل الحاضر والمستقبل، إن لم يكن من أجل خاطر أهلها فأقله من أجل تجنب توليد الكثير من أزمات المدن وتحولها إلى قنابل موقوتة قابلة لتفجير كل ما حولها. وبحسب دراسة “المعهد الوطني للدراسات الديموغرافية” الفرنسي التي نُشرت نتائجها قبل نحو أربع سنوات، كان شخص واحد من بين كل عشرة أشخاص في العام 1900 يعيشون في مدن العالم ومناطقه الحضرية، ثم ارتفع المعدل إلى ثلاثة أشخاص من كل عشرة أشخاص في العام 1950. وفي العام 2007 قفزت النسبة لتتجاوز 50%. ويتوقع أن تصل في العام 2030 إلى 60% وفي الدول النامية في أفريقيا وآسيا إلى 80%. تُدرج هذه الأرقام عادة للتهويل من الازدحام السكاني في المدن، أو لدفع مراكز القرار السياسي والتخطيط المدني نحو الاستعداد لمواجهة متطلباته المستقبلية. لكن ذلك يجب ألا يجعلنا نقلل ولو متأخرين من أولوية الاهتمام بمستقبل المناطق الريفية والنائية التي ستبقى تأوي، استنتاجا من الدراسة نفسها، نحو 40% من سكان العالم. وقلما يتم تناول مشاكل المدن في منطقتنا من زاوية معالجة جوهرها. وبالتحديد، قلما تنال المناطق الريفية والنائية الحد الأدنى من الاهتمام المستقبلي العلمي. وبالتأكيد عندما يهجر أهل الريف إلى المدن سوف يزيد الفقراء منهم أزمة الأحياء الفقيرة، وقد يحولونها إلى مناطق عشوائية. وبدل أن تؤدي أزمة هذه العشوائيات إلى ضغط على قرار الدولة المركزي لحل مشاكل سكانها بشكل يتيح لأبنائهم على الأقل مستقبلا كريما، يتم التعامل السياسي والتجاري معها من زاوية انتهازية مثل تجميع أصوات ناخبين وأتباع وأنصار وتحقيق مكاسب مالية سريعة، ما يسهم في إنعاش الفساد وملحقاته وينتج مشاكل متراكمة يتعذر حل أي منها إلا بقرارات جراحية مؤلمة. والمؤلم أكثر أن منطقتنا مرشحة لمزيد من هذه الظواهر. فمنطقتنا كانت تقع في العام 2007 في الدائرة الأقل من حيث نسبة سكان المدن. ونسبة من لا يسكنون المدن في بعض دولها تصل إلى أكثر من النصف (57% في مصر و72 % في اليمن). وتوقعات نسبة سكان المدن في العام 2030 في الدول النامية في آسيا وأفريقيا ومنها منطقتنا هي 80% من العدد الكلي للسكان، أي أن المدن سوف تتكدس بـ 40% أكثر من السكان ممن سيهجرون المناطق الريفية والنائية إليها. لا شك أن نسبة مهمة من أبناء القرى والريف الذين يتوجهون إلى المدن يسهمون في إنعاشها وفي تنشيط مؤسساتها الرسمية والمدنية لكن هناك دائما من يلجأ إلى الأحياء الفقيرة أو المناطق العشوائية لتتفاقم مشكلتهم ويفاقمون مشكلتها ومشكلة المدينة والدولة. والحل المنطقي والموضوعي يمكن أن يكون سهلا ويتمثل في إيجاد الفرص لهؤلاء في مناطقهم وأريافهم وإشراكهم في التخطيط لمستقبلهم في بيئتهم الطبيعية بما يطور مجتمعهم المحلي ويعفي المدن المكتظة من ضغطهم في آن واحد. ومهما ارتفعت كلفة تنمية المناطق هذه وما تتطلبه من بنى تحتية وتكنولوجيا معاصرة، فإن فاتورتها ستكون بالتأكيد أقل كلفة مما تعيشه الكثير من المدن العربية المكتظة حاليا. بل ستكون كلفة بخسة جدا مقارنة بالثمن الذي ستدفعه هذه المدن مستقبلا. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©