الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

كيف نقتل أصحاب الفضائيات؟

14 سبتمبر 2008 03:05
عائشة سلطان ayya_222@hotmail.com لعلماء الدين مرجعياتهم التي يبنون عليها أحكام الفتاوى التي يعلنونها على الناس في العالم الإسلامي، ومع ذلك هناك كثير من هذه الفتاوى لم تجد الاستجابة المتوقعة، بل على العكس فقد ووجه بعضها بالهجوم والرفض بل والسخرية أحياناً، كتلك المتعلقة بإرضاع الموظفة زميلها في العمل كي تحلل خلوتها به! أو إباحة رجم الصحفيين الذين لا يلتزمون بالدقة! أما فتوى جواز قتل أصحاب الفضائيات الهابطة أو مثيرة الفتن فقد حظيت بجدل واسع جداً!! لا أحد يختلف على أن الفتنة شر نائم لعن الله موقظه، وأن بعض الفضائيات تفسد أكثر مما تفسد المراقص وملاهي الليل، وأن مواجهة فسادها مطلوب من الجميع، تلك مواجهة مطلوبة لأنها تتبع منهج العقل والمنطق والقانون فنحن في دول تحتكم للقانون وعلى القانون أن يأخذ مجراه، كما على قنوات الرقابة المجتمعية أن تفعل أدوات التوعية لديها وأسلحة المواجهة التي بين يديها وبخاصة الإعلام والنوادي والمجالس والجمعيات والمدارس وغيرها· إن اللجوء لفتاوى إباحة القتل يبدو أمراً صعباً في عالم أصبح مبتلى بالتطرف وشيوع القتل لأتفه الأسباب، خاصة أننا أمة من محيطها إلى خليجها متهمة بالإرهاب والتخلف السياسي ومطالبة بالإصلاح والديمقراطية وإعلاء شأن الحريات خاصة حرية الرأي والتعبير، وحين نصدر فتاوى بإباحة قتل صاحب فضائية مثيرة للفتنة، أومصادرة كتب مؤلف تجاوز فيه المحرم الديني أو السياسي، أو تجريم شاعر أو مخرج سينمائي، نكون قد زدنا الطين بلة و جعلنا الطريق نحو الحريات صعب العبور، ففي الوقت الذي تعمل الحكومات ليل نهار على تأسيس المزيد من الصحف والسماح بإطلاق العشرات من الفضائيات وإقامة معارض الكتب والمسارح ومؤسسات الثقافة المختلفة ناهيك عن مهرجانات السينما الضخمة التي بدأت تشهدها مدننا الخليجية، نقوم بإصدار هذه الفتاوى ما يوقعنا في تهمة التناقض وعدم الجدية أمام العالم! إن الحياة الثقافية والفنية والإبداعية تستدعي الحرية فالحرية هي الأساس، والأحرار محصنون بالوعي وبالقوة وكراهية الفساد والإفساد، الحرية هي الطريق لكنس عفن الفساد والمفسدون في الفضائيات وغير الفضائيات أما فتاوى القتل والتحريم والمنع والمصادرة فقد أثبتت عبر التاريخ عدم جدواها منذ أن تمت مصادرة أفكار سقراط وقتله وحرق كتب ابن رشد وجاليليو والغزالي ونزار قباني! ان الحكم بالقتل في هذا الزمن الملتبس الذي تقاس فيه الأمة يومياً طولاً وعرضاً، وتُختبر وتُفحص ويتم تحليل دمها ليل نهار للتثبت من أننا متحضرون وغير إرهابيين ·· هذا الحكم يحتاج لمراجعة ليس رأفة بأصحاب هذه الفضائيات ولكن لأن الحكمة ضالة المؤمن ومن الحكمة ان نعرف بأن الوعي يحتاج الى حرية لا إلى فتاوى القتل، وعلى الحكومات إذا أرادت أن توجه مساوئ الفضائيات أن تصدر قوانين رادعة وواضحة وأن تحتكم إليها إذا كان ذلك ممكنا في زمن الفضاء المفتوح لأننا لو قتلنا أصحاب الفضائيات عندنا اعتمادا على فتوى معينة ، فبأي منطق سنقتل أصحاب آلاف الفضائيات المنهمرة علينا من الفضاء الخارجي؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©