ضمن خطة لتطوير سوق دلما، وإقامة المزيد من الأنشطة الثقافية والترفيهية وتنشيط السياحة الداخلية، يقدم سيرك مونت كارلو العالمي، عروضاً يومية بالقرب من دلما مول، تستمر إلى بداية مايو المقبل، استقطبت جمهوراً كبيرة نظراً لتنوع فقراته التي تمزج بين التشويق والكوميديا وترويض الحيوانات المفترسة التي قدمتها فتاة من داخل قفص به 5 أسود ونمر، بالإضافة إلى فنون التعامل مع الحيوانات الأليفة، وركوب المخاطر من مشي على الحبل وغيرها من الفقرات التي تتجاوز 14 فقرة في كل عرض، بواقع عرضين في كل يوم، يقدمها مجموعة من الفنانين من دول عدة.
تم ترتيب فقرات السيرك التي أمتعت الجمهور بكل دقة وحرفية لتحقق المتعة والتشويق، بحيث تشهد استعراضات سلسة ومرنة من خلال حركات بهلوانية تؤديها فرق من العارضين الشباب تعكس مدى لياقتهم البدنية الكبيرة وقدرتهم على التوازن، منها استعراض المشي على الحبال، قيادة الدراجات الهوائية على الحبال، الدوران داخل أسطوانات كبيرة وخارجها، إضافة إلى بعض الفقرات الطريفة أبطالها بعض الحيوانات الأليفة، وتواجد المهرجون بين الجمهور، الذي تفاعل مع الأداء الحركي وصفق بحرارة.
كما أبدى الحاضرون إعجابهم بعروض خفة اليد، بالإضافة إلى فقرة استعراض الأسود التي قادتها المدربة «أنوسة كوتة» 23 سنة، التي أضفت المزيد من التشويق والإثارة.
وفي هذا الإطار قال مدير تطوير الأعمال في شركة «ذا ديفلوبرز» المسؤولة عن المشروع تامر الغرباوي، نهدف من وراء تطويرنا لمركز التسوق «دلما مول» إلى تقديم أفضل الخدمات لسكان أبوظبي والمدن المحيطة بالمول بدءا من مدينة محمد بن زايد وخليفة أ وب ومنطقة بين الجسرين وسكن الضباط، حيث يتميز دلما مول بموقع استراتيجي لسهولة الوصول إليه في بضع دقائق من المدن المجاورة، وهو ما يضمن النجاح لمختلف الفعاليات الترفيهية والثقافية، لافتاً إلى أن تنظيم عروض «سيرك مونت كارلو» في هذه الفترة تحديداً من العام نظراً لطقس أبوظبي الجميل، لذلك ستستمر إلى الأسبوع الأول من مايو المقبل.
عروض شيقة
من جانبه يقول سهيل عبيد صاحب سيرك مونت كارلو، الذي يعمل في مجال السيرك لمدة 30 سنة، إنه يعمل على تجويد السيرك، عازماً على تغيير مفهومه، وما علق به من شوائب، فيما يتعلق بإشاعات عدم توافر سجادات أو شباك تلتقط الفنانين في حال سقوطهم، لافتاً إلى أن ذلك يفسد متعة التشويق والإثارة.
ويضيف عبيد: أعمل على جلب العروض الشيقة في العالم إلى أبوظبي، بحيث ننتقي من آلاف الفقرات فقرة واحدة، وذلك لإصرارنا على تقديم سيرك حقيقي، يشد الناس ويقنعهم ويستقر في ذاكرتهم، ولذلك استقطبنا سيرك مونت كارلو ليقدم فقراته بطريقة سلسلة، تعتمد على تخطيط ودراسة، كي لا يمل المتلقي، موضحاً أن المقاطع المتنوعة يجب أن تكون قصيرة وهادفة ولا تحتمل التكرار، مشيراً إلى أن رواتب فناني السيرك مرتفعة نظراً لما يعتريها من مخاطر كبيرة، حيث تصل إلى 30 ألف دولار في الشهر، مؤكداً أن الفنان عندما يوقع العقد يتحمل كل مسؤولياته تجاه المخاطر.
ومر عبيد بتجارب كبيرة وذكريات سعيدة ومحزنة ارتبطت بالسيرك على مدار مدة عمله، يقول عن أهم حدث في حياته وفاة مدربة أسود أمام أعين الجمهور وزوجها نتيجة هجوم أسد عليهما وقضم جزء من رأسها، وكان الحدث في حديقة بدولة خليجية عام 1994 حين كانت المدربة مع الأسد في القفص أثناء فقرة استعراضية، تتضمن مشهد الأسد يمر فوقها، فضرب بمخلبه على رقبتها، مما فجر الدم، وكانت ردة فعله أن هجم عليها وافترس جزءا من رأسها نتيجة إصابته بهيجان شديد،، وأذكر أن زوج المدربة كان يعمل مساعداً لها، وتدخل لإنقاذ زوجته، لكن لفظت أنفاسها قبل أن تصل إلى المستشفى.
فتاة و5 أسود
وانبهر الجمهور بعرض محاسن كوتة 23 سنة الملقبة بـ «أنوسة كوتة» حاصلة على بكالوريوس حقوق دبلوم قانون دولي، ومستشارة التحكيم الدولي، التي تذيل فقرات سيرك مونت كارلو، حيث تستغرق فقرتها أكثر من 25 دقيقة وسط قفص من حديد يضم 5 أسود ونمور، بواقع حصتين في اليوم، وأظهرت أنوسة التي تنحدر من عائلة مروضة للأسود وتعتبر جدتها من المؤسسين للسيرك في مصر، مهارة كبيرة في التعاطي مع الحيوانات المفترسة، بحيث تؤكد أنها تشرّبت هذه المهنة منذ كان عمرها لا يتجاوز أربع سنوات حين بدأت تداعب الثعابين العاصرة، إذ تذكر أنها تعرضت للخطر نتيجة لذلك، حيث عضها ثعبان في شفتيها، وهي تحاول تقبيله أمام الجمهور، مما أحدث خدوشاً وجروحاً على مستوى فمها، كما تشير أنوسة إلى أنها تعرضت لسقوط أسد عليها وهو يمر فوقها خلال فقرة استعراضية ونتج عن ذلك عدة خدوش وجروح، مؤكدة أنها احترفت التعامل مع العديد من الحيوانات منها الحصان والشامبانزي، ثم بدأت مع الأسود والحيوانات المفترسة في مرحلة لاحقة، ورغم مهاراتها في الدراسة، فإنها تخلت عن ذلك لفائدة هوايتها التي تحولت إلى مهنة، موضحة أن تدريب الحيوانات المفترسة التي تتوفر على عشرة منها تحقق لها السعادة الكبيرة.
وتضيف: «تعلمت من هذه الحيوانات، التي أعتبرها أولادي وأعز أصدقائي الشموخ وعزة النفس والكبرياء، خاصة من الأسد»، وأنا أؤمن بمقولة مصادقة الحيوانات والخوف من البشر، التي يعتمدها العديد من مروضي الأسود على الأخص، وتقول إن ذلك صحيح بنسبة عالية لسبب بسيط جداً.
وتتابع: أثناء تعاملك مع الحيوان عليك أن تكون في حالة حذر لأنك على دراية بطبيعته لأنه في النهاية متوحش لديه مخالب وأسنان حادة، والافتراس جزء من غريزته، ويستطيع أن ينقض عليك وينهي حياتك في أي لحظة، وتتعامل معه على هذا الأساس، موضحة أنها تفخر بمصادقة الحيوانات المفترسة رغم ما يعتري الموضوع من خطورة، حيث إنها درست وتعلمت الكثير في جانب سيكولوجية التعامل معها.
عناية خاصة
وعن استعراضها في سرك مونت كارلو، لفتت أنوسة إلى أن عرضها كان به خطورة كبيرة نظراً لجمعها لأصناف مختلفة من الحيوانات المفترسة من أسود ذكور وإناث ونمور، في قفص واحد، ومنهم، منويلا، وكنز، وبشرى، ونعيمة ونالة، مؤكدة ضرورة توافر مهارة عدم إظهار الخوف والرهبة للحيوان، الذي له القدرة على معرفة أحاسيسها ومشاعرها.
وتضيف: يجب التعامل بحذر كبير مع هذه الحيوانات، إننا نعيش الخطر في كل لحظة، لكن يجب أن لا نشعرهم بذلك، رغم أنني أكن معزة لهذه الحيوانات وأعتبرها كأولادي أشعر بمشاعرها، وبحزنها وسعادتها، وأحتفظ بهم في مزرعة في بيتي أطعمهم بنفسي وأهتم بنظافتهم، وأتبع خطوات تغذيتهم، كما يزورهم طبيب مختص لمراقبة صحتهم، ومنهم من ينام بجواري على السرير وهو أسد صغير عمره سنة، ونطلق عليه اسم كوتة.
ومن خلال خبرتها في تربية الأسود، تقول أنوسة إن أجملها ينحدر من شمال أفريقيا، وأسود الأطلس من أجمل وأوسم الأسود، كما أن أسود الأسر تعيش أقل من أسود الغابات رغم العناية التي يتلقاها الأسد في القفص من تغذية وتمريض.
من جهة أخرى تقول أنوسة التي أولت نفسها لهذه المهنة التي تمتعها إنها مستعدة لتكوين أسرة بشرط أن لا تتخلى عن مهنتها وأن يقدر زوجها المستقبلي لحياتها مع الأسود والحيوانات المفترسة، موضحة أنها شاركت في العديد من الأفلام والمسلسلات سواءً بمفردها أو في لقطات مع الأسود، بالإضافة لمشاركتها في مقالب ستعرض في رمضان المقبل.
عدد اليوم
