الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحلقة المفقودة في النقاش حول إيران

الحلقة المفقودة في النقاش حول إيران
12 سبتمبر 2008 23:58
من الصعب إن لم يكن من العبث محاولة التنبؤ بما ينتظر إيران في المستقبل القريب، فالتضخم ضرب أرقاماً قياسية والاضطرابات الداخلية آخذة في الازدياد، لكن مع ذلك تظل القيادة السياسية متفقة على دعم البرنامج النووي لبلادهم وتأييده دولياً؛ ولأن تقييم الأخطار ووضع الخطط الحربية يقوم بالأساس على تخمين القدرات والنوايا، فإن الأمر بالنسبة لإيران ينطوي على صعوبات كبيرة دون أن يعني أننا لا نستطيع اكتشاف بعض الأمور، فبالنظر إلى المعلومات المتوفرة لدينا وأفضل التخمينات الموجودة يبدو أن إيران قطعت 80 بالمائة من الطريق في اتجاه الوصول إلى أسلحة نووية قابلة للاستخدام، وهذه المرحلة من تشغيل الأسلحة النووية تستدعي أولا الحصول على المواد الأولية وتصنيعها، وبالطبع لا بد من معالجة تلك المواد من خلال التخصيب الذي يعتبر الجزء الأصعب من امتلاك السلاح النووي، فإلى أين وصل البرنامج النووي الإيراني؟ ليس الأمر واضحاً تماماً، لكن نعرف يقيناً أن طهران وضعت يدها على المواد الانشطارية· لقد استوردت إيران كميات مهمة من اليورانيوم الخام من الصين في العام ،1991 كما حاولت إنتاج مواد تدخل في صناعة الأسلحة من خلال إجراء عمليات تخصيب سرية، فضلا عن امتلاكها لتصميمات ونماذج لأجهزة طرد مركزية تعمل بالغاز وموجهة لتخصيب اليورانيوم من شبكة عبد القدير خان؛ ولا ننسى أيضاً أنه على مدار 18 سنة الماضية طور الإيرانيون أجهزة طرد مركزية حديثة وتقنيات متقدمة للتخصيب، وإذا ما شُغلت أجهزة الطرد الستة آلاف التي بحوزة إيران طيلة عام فإنها تستطيع إنتاج خمسة أسلحة نووية، وحسب أفضل التقديرات أمام إيران من عامين إلى أربعة أعوام قبل الانتهاء من مرحلة التخصيب؛ أما في المرحلة التالية فسيكون على إيران تحويل المواد الانشطارية إلى معدن ثم تخزينه، وهنا أيضا أحرزت طهران تقدماً ملحوظاً، وما يتبقى هو إنتاج تلك العناصر بأعداد كافية ودمجها في تصميم هندسي يضمن قدرتها على العمل وتثبيتها في الصواريخ؛ وإذا كانت هذه المراحل قد باتت معروفة للجميع فإن الأسئلة المرتبطة بالنوايا الحقيقية لإيران ومدى التقدم المحرز على مسار تلك المراحل مازال في علم الغيب· ولعل الأجزاء المفهومة من البرنامج النووي لإيران هي تلك التي تم اكتشافها مثل رصد المفتشين التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية لنماذج من اليورانيوم عالي التخصيب، وعمليات فصل للبلوتونيوم بكميات أكبر مما أقرت به إيران، فضلا عن اكتشاف تصميمات للأسلحة، وبناء مفاعل نووي يعمل بالماء الثقيل، ونماذج لصواريخ صممت لحمل رؤوس نووية؛ وفي حال تأكدت صحة هذه الأنشطة فإن ذلك يعني أن إيران تسير بسرعة أكبر نحو امتلاك قدرة إنتاج السلاح النووي مما تشير إليه الحقائق على الأرض، بحيث يستغرق استكمال 20 بالمائة من العناصر المفقودة في البرنامج النووي الإيراني حوالي عام إلى عامين بدل الأربـــع إلى ثماني سنوات في حالــة عـــدم توفر الباقي· وبرغم أننا نعرف عن إيران أكثر مما كنا نعرف عن العراق قبل حرب الخليج وحروب العراق، إلا أن هناك أسئلة تفتقد للجواب مثل المدة الزمنية التي ستستغرقها إيران إذا قررت امتلاك السلاح النووي، وحجم المساعدات الخارجية التي تلقتها والأطراف الأجنبية المشاركة في ذلك، وما إذا كانت إيران تتوفر على منشآت ومرافق نووية سرية، ثم القدرات الصاروخية لإيران ووسائل إيصال السلاح النووي، وأخيرا ترتيبات التحكم والمراقبة في السلاح النووي ضمن السلطة الإيرانية، وما موقع الرئيس أحمدي نجاد في ذلك؟ لعل ما يزيد من حدة التوترات هي النظرة التي تتبناها إيران نحو العالم والقائمة على الخوف من الآخرين والاعتقاد بأن عليهم تنظيم أنفسهم بطريقة تقلل من قوة الدول التي تمثل تهديدا على أمنهم، وفي هذا السياق لم تكن إسرائيل قط الخطر الأمني على إيران، بل كانت الولايات المتحدة على الدوام مصدر التهديد؛ وفي تقديري المتواضع أن إيران تتحرك بقوة نحو امتلاك القدرات التي تساعدها على تصنيع السلاح النووي، لكن إذا اعتقدت إيران أن ضربة عسكرية باتت وشيكة من الولايات المتحدة وليس من إسرائيل فإن ذلك قد يدفعها إلى تعليق العمل في الجزء المكشوف من برنامجها النووي· ومع ذلك لن يكون هذا التعليق سوى خطوة تكتيكية مادام الهدف الاستراتيجي هو اكتساب الأسلحة النووية لمواجهة ما تراه تهديداً أميركياً قائماً، إذ يبدو أن إيران تعتقد بأن أميركا غير مستعدة لقبول الطبيعة الثورية للدولة الإيرانية· بالطبع ليس إيران وحدها من تلعب في الساحة، بل هناك الأولويات الاستراتيجية لكل من أميركا وإسرائيل، بالإضافة إلى الذاكرة التاريخية ودور ذلك في تحديد مسار الصراع؛ ويبقى أن نشير إلى أن السياق العام الذي تتفاعل فيه تلك الأولويات والقرارات يحدده عاملان أساسيان، الأول هو الارتفاع الكبير في أسعار النفط الذي أغنى إيران من جهة وأوصل رسالة واضحة للغرب من جهة أخرى عن التداعيات السياسية والاقتصادية الخطيرة لقطع إمدادات النفط، أما العامل الثاني فيتمثل في الاعتقاد الإيراني بأنها ربحت استراتيجياً من التورط الأميركي في العراق، ومن الخطأ التكتيكي الكبير الذي اقترفته إسرائيل بتدخلها العسكري الفاشل في لبنان· ديفيد كي رأس فريق التفتيش الأممي لدى البرنامج النووي العراقي بعد حرب الخليج الأولى ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©