السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«تاكسين» تحت بقعة الضوء في كمبوديا

25 نوفمبر 2009 02:40
في منزل ضيافة فخم، يأخذ مستشار الحكومة الكمبودية الجديد نسخة من كتابه الأخير "مواجهة الفقر"، الذي يتحدث عن كيف يمكن تطبيق دروس من تايلند على بلدان نامية أخرى؛ ويقول "تاكسين شيناواترا" مؤلف الكتاب، متسائلا: "إنني أساعد على محاربة الفقر عبر العالم متى دعيت لذلك، فلماذا لا أساعد بلدا جارا؟". ولكن "تاكسين" -رئيس وزراء تايلندي سابق تمت تنحيته في انقلاب في 2006- ليس مستشارا عاديا – وهو يعلم ذلك. فقد أثارت نجاحات هذا السياسي الانتخابية عداء النخبة الملكية لبانكوك؛ واليوم، يظل "تاكسين" -المنفي في دبي والمطلوب في وطنه لتهم تتعلق بالفساد- لاعبا سياسيا مثيرا للجدل. غير أن تعيينه مستشارا هنا في كمبوديا مؤخرا ضخ عنصرا جديدا، ومزعزعا للاستقرار ربما، تتجاوز تداعياته البلد الأم. فقد أثارت زيارة من خمسة أيام في وقت سابق من هذا الشهر إلى كمبوديا، غضب القوميين في بانكوك، فقد قام البلدان بسحب سفيريهما، وألغت تايلند اتفاقية بحرية وهددت بإغلاق الحدود، حيث يتقابل الجيشان، المتنافسان على معبد هندوسي متنازع عليه، استعدادا للمواجهة. ولاحقا، قامت كمبوديا بطرد دبلوماسي بتهمة التجسس. غير أنه حتى الآن، لم تمتد التوترات الدبلوماسية إلى موقع المعبد، الذي يوجد بواحدة من عدد من المناطق الحدودية غير المرسومة بشكل واضح، والتي تشترك فيها تايلند مع جيرانها وحيث المطالبات بالسيادة تتطور إلى صدامات مسلحة. أما في كمبوديا، فتثير الحدود أيضا ذكريات تسليح تايلند للخمير الحمر القتلة خلال الحرب الأهلية، وفي هذا الإطار يجادل رئيس الوزراء الكمبودي بأنه لا يحق لتايلند المطالبة بتسليم "تاكسين" إليها لأنها كانت تحتضن زعماء كبار من الخمير الحمر. ويذكر هنا أن تايلند وكمبوديا تنتميان إلى منظمة دول جنوب شرق آسيا، المعروفة أيضا بـ"آسيان"؛ ولكن الحكومة التايلندية تقاوم وساطة الكتلة المؤلفة من 10 دول، وهو ما يترك الجارين في حالة خصام بسبب "تاكسين"؛ ومن المتوقع أن تُصدر محكمة في بانكوك حكما الشهر المقبل حول مصادرة أكثر من ملياري دولار من أمواله المجمدة، في قضية منفصلة عن إدانته في 2008. ولكن رئيس الوزراء "هون سين" قدم الملاذ لتاكسين ورفض الطلب التايلندي بتسلمه؛ حيث حظي تاكسين، الذي وصل على متن طائرة خاصة، باستقبال حار في مقر إقامة "هون سين" خارج العاصمة الكمبودية، وفي الثاني عشر من نوفمبر، ألقى خطابا على حوالي 300 موظف كمبودي حول السياسة الاقتصادية وبث على التلفزيون الحكومي. ويقول بعض المحللين إن مشهد استقبال هون سين لتاكسين كـ"صديق دائم" أمر يستغل من قبل منتقديه الذين ينعتونه بالانتهازي الخائن، حيث يحاول رئيس الوزراء التايلندي "أبهيسيت فيجاجيفا" استثمار هذا الغضب الوطني والتحدث بنبرة قوية عن كمبوديا. وفي هذا الإطار، يقول دبلوماسي أجنبي مقيم في بانكوك: "إن إحدى الطرق لتوحيد هذا البلد المنقسم بشكل كبير هي منحه عدوا مشتركا". ولكن الخصومة من غير المرجح أن تؤثر في قاعدة الأنصار الكبيرة التي تدعم "تاكسين"، والتي تنظر إليه كضحية سياسية؛ وقد منح تاكسين أنصاره أملا جديدا في العودة مستقبلا عبر ظهوره في كمبوديا، التي تحد شمال شرق تايلند الموالي لتاكسين؛ وفي مقابلة معه، قال إن منتقديه لديهم "عقلية الحرب الباردة" تجاه كمبوديا، الجار الأصغر، وجادل بأن النجاح الاقتصادي هناك سيفيد تايلند أيضا؛ كما نفى أن يكون قلقا من جهود الحكومة التايلندية الرامية إلى تسلمه إذ قال: "من الواضح أن دوافع سياسية تحركها (توجيه التهمة)؛ ولكنهم كلما حاولوا تسلميه، كلما أساؤوا إلى النظام القضائي وجعلوه يبدو في منظر قبيح". من دبي، يسافر "تاكسين" بشكل دوري كرجل أعمال خاص إلى إفريقيا ومنطقة المحيط الهادي، باستعمال جوازي سفر من نيكاراجوا ومونتينيجرو بعد أن ألغى "أبهيسيت" جواز سفره التايلندي،؛ غير أن زيارة كمبوديا بدعم من زعيمها يعد أمرا أكثر استفزازا، بالنظر إلى القرب الجغرافي والتوتر بين البلدين؛ كما يعد مناقضا لمبدأ "آسيان" المتمثل في عدم تدخل البلدان الأعضاء في السياسة الداخلية لبعضها البعض. يقول "تاكسين" إنه قام أيضا بزيارة غير معلنة إلى ماليزيا، الجار الجنوبي لتايلند، في وقت سابق من هذا العام، وإن لم يلتق رئيس وزرائها. كما أشارت وسائل الإعلام التايلندية إلى زيارات سابقة إلى كمبوديا، ولكن تاكسين نفى قيامه بها. غير أنه أحيانا يبدو أن المخاوف من رد فعل سلبي من قبل التايلنديين يلطف ويخفف من جرأة "تاكسين" واندفاعه. فعلى سبيل المثال، حين سئل تاكسين ما إن كانت كمبوديا ستصبح قاعدة جديدة للعمليات، حرك رأسه نافيا وقال: "إذا كنتُ سأعود، فإنني سأعود في هدوء وليس لمرات كثيرة لأنني لا أريد أن أتسبب في توتر للحكومة التايلندية". غير أن حالة التوتر هذه قد تكون بالنسبة لـ"هو سين" مرادفا للفرصة، كما يقول "نيدهي إيوسيوونج"، وهو مؤرخ تايلندي متقاعد؛ ذلك أنه إذا كان تاكسين يريد البقاء تحت قرص الضوء، فإن "هون سين" يحوّل الانقسامات السياسية العميقة لتايلند لمصلحته إذ يقول "نيدهي" إن "هون سين "يريد تمديد حالة الضعف في تايلند. إنه ذكي جدا". غير أن مراقبا كمبوديا، طلب عدم الكشف عن هويته، يقول إن دافع هون سين في المقام الأول هو الإحباط بسبب عرقلة تايلند لمخططات كمبوديا بشأن المعبد الحدودي. وربما خلص إلى أنه من غير الممكن التوصل إلى حل مع حكومة أبهيسيت إلا إذا تدخل وسطاء دوليون. أما "تاكسين"، فيصف تحالفه مع رجل كمبوديا القوي بكلمات واضحة إذ يقول: "أنا عاطل عن العمل وهو صديقي!". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: فنوم بنه - كمبوديا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©