السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكايات من التراث

حكايات من التراث
12 سبتمبر 2008 00:49
خرج النعمان بن المنذر إلى الصيد ومعه عدي بن زيد، فمرا بشجرة، فقال له عدي بن زيد: أيها الملك، أتدري ما تقول هذه الشجرة؟ قال: لا، قال: تقول: رُب ركب قد أناخوا عندنا يشربون الخمر بالماء الزُّلال عصف الدهـر بهم فانقرضـوا وكذاك الدهر حالاً بعد حال ثم جاوز الشجرة فمر بمقبرة، فقال له عدي: أيها الملك، أتدري ما تقول هذه المقبرة؟ قال: لا، قال: تقول: أيها الركب المخبون على الأرض المجدون فكما أنتم كنا وكما نحن تكونون فقال له النعمان: إن الشجرة والمقبرة لا تتكلمان وقد علمت أنك إنما أردت عظتي، فما السبيل التي تُدرك بها النجاة ؟ قال: تدع عبادة الأوثان وتعبد الله، وتدين بدين المسيح عيسى ابن مريم، قال: أوفي هذا النجاة؟ قال: نعم، فتنصر يومئذ! الفزع قال العباس بن عبدالمطلب: خرجت في تجارة إلى اليمن، في ركب منهم أبوسفيان بن حرب، فقدمت اليمن، كنت أصنع يوماً طعاماً وأنصرف بأبي سفيان وبالنفر، ويصنع أبو سفيان يوماً، فيفعل مثل ذلك· فقال لي في يوم الذي كنت أصنع فيه: هل لك يا أبا الفضل أن تنصرف إلى بيتي وترسل إلى غدائك؟ فقلت: نعم، فانصرفت أنا والنفر إلى بيته وأرسلت إلى الغداء· فلما تغدى القوم قاموا واحتبسني فقال لي: هل علمت يا أبا الفضل أن ابن أخيك يزعم أنه رسول الله؟ قلت: وأي بني أخي؟ قال أبوسفيان: إياي تكتم! وأي بني أخيك ينبغي أن يقول هذا إلا رجل واحد! قلت: وأيهم هو على ذلك؟ قال: محمد بن عبدالله· قلت: ما فعل! قال: بلى قد فعل! ثم أخرج إليّ كتاباً من ابنه حنظلة بن أبي سفيان فيه: ''إن محمداً قام بالأبطح غدوة فقال: أنا رسول الله أدعوكم إلى الله''· قلت: يا أبا حنظلة، لعله صادق! قال: مهلاً يا أبا الفضل؛ فوالله ما أحب أن تقول مثل هذا، وإني لأخشى أن تكون على بصر من هذا الأمر· ثم قال: يا بني عبدالمطلب، إنه والله ما برحت قريش تزعم أن لكم يمنة وشؤمة، كل واحدة منهما عامة، فنشدتك الله يا أبا الفضل هل سمعت ذلك؟ قلت: نعم· قال: فهذه والله إذن شؤمتكم· قلت: فلعلها يمنتنا! فما كان بعد ذلك إلا ليال حتى قدم عبدالله بن حذافة السهمي بالخبر وهو مؤمن، ففشا ذلك في مجالس أهل اليمن يتحدث به فيها، وكان أبو سفيان يجلس إلى حبر من أحبار اليمن، فقال له اليهودي: ما هذا الخبر الذي بلغني؟ قال: هو ما سمعت، قال: أين فيكم عم هذا الرجل الذي قال ما قال؟ قال أبوسفيان: صدقوا، وأنا عمه· قال اليهودي؛ أأخو أبيه؟ قال: نعم· قال: حدثني عنه· قال: لا تسألني، فما كنت أحسب أني دعي هذا الأمر أبداً، وما أحب أن أعيبه وغيره خير منه· قال اليهودي: فليس به أذى؛ ولا بأس على يهود وتوراة موسى منه· قال العباس: فتأدى إليّ الخبر فحميت وخرجت حتى أجلس إلى ذلك المجلس من غد، وفيه أبوسفيان والحبر· فقلت للحبر: بلغني أنك سألت ابن عمي هذا عن رجل منا يزعم أنه رسول الله فأخبرك أنه عمه؛ وليس بعمه، ولكنه ابن عمه وأنا عمه أخو أبيه· فقال: أخو أبيه؟ قلت: أخو أبيه· فأقبل على أبي سفيان فقال: أصدق؟ قال: نعم صدق· قال: فقلت: سلني عنه، فإن كذبت فليردد عليّ· فأقبل عليّ فقال: أنشدك الله، هل فشت لابن أخيك صبوة أو سفهة؟ قلت: لا وإله عبدالمطلب، ولا كذب ولا خان، وكان اسمه عند قريش الأمين· قال: فهل كتب بيده؟ قال عباس: فظننت أنه خير له أن يكتب بيده، فأردت أن أقولها، ثم ذكرت مكان أبي سفيان، وأنه مكذبي وردا عليّ، فقلت: لا يكتب· فذهب الحبر وترك رداءه وجعل يصيح: ذبحت يهود! قتلت يهود! قال العباس: فلما رجعنا إلى منزلنا قال أبوسفيان: يا أبا الفضل، وإن اليهودي لفزع من ابن أخيك· قلت: قد رأيت ما رأيت! فهل لك يا أبا سفيان أن تؤمن به، فإن كان حقاً كنت قد سبقت، وإن كان باطلاً فمعك غيرك من أكفائك؟ قال: لا والله ما أومن به حتى أرى الخيل تطلع من كداء! فقلت: ما تقول؟ قال: كلمة والله جاءت على فمي ما ألقيت لها بالا، إلا أني أعلم أن الله لا يترك خيلاً تطلع من كداء· قال العباس: فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ونظرنا إلى الخيل قد طلعت من كداء، قلت: يا أبا سفيان، أتذكر الكلمة؟ قال لي: والله إني لذاكرها! فالحمد لله الذي هداني للإسلام!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©