بدء أكبر تجربة لمعرفة سر نشأة الكون

انطلقت صباح أمس ما وصفت بأنها أكبر وأغلى تجربة في تاريخ العلوم بعد أن أقام علماء منشأة تحت الأرض تكلفت عشرة مليارات دولار لمحاكاة نظرية ''الانفجار الكبير'' بهدف معرفة أصل المادة وأسرار نشوء الكون، وقام العلماء بتشغيل أكبر نظام لتسريع الجزيئات في العالم· وجرى تسريع شعاع الجزيئات حول نفق هائل أو ''حلقة'' محيطها 27 كيلومتراً على عمق مئة متر، وهو ما يعرف بمعجل هاردون التصادمي قرب جنيف على الحدود الفرنسية السويسرية· وهتف علماء المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية استحساناً فيما كان يضيء الشعاع الأول بنجاح في بداية سلسلة من التجارب التي ستمتد لسنوات، وقال العلماء: إن جهاز ''صادم الهدرون الكبير'' نجح في إجراء أول تجربة رئيسية بإطلاق أول شعاع من جسيمات تسمى البروتون في أكبر محاولة من نوعها لفهم كيفية نشوء الكون· وقال مدير المشروع لين ايفانز: ''بعد ضخ الحزمة كان علينا أن ننتظر خمس ثوان للحصول على المعطيات''· ويوفر الجهاز الضخم للعلماء قوة أكبر من ذي قبل لتهشيم مكونات الذرات في محاولة لرؤية ما يشكلها· والتمعت نقطتان على شاشة أحد أجهزة الكمبيوتر، مشيرة إلى أن البروتونات وصلت إلى النقطة النهائية المحددة لها· وبعد أقل من ساعة من بدء التشغيل، كانت الحزمة قد قامت بدورة كاملة في الطوق، وحققت بذلك الهدف الرئيسي للعلماء في اليوم الأول· وهذه الخطوة سيليها ضخ حزمة ثانية في الاتجاه المعاكس· وسيتم التصادم الأول للبروتونات -الذي يفترض ألايجري قبل أسابيع عدة- بطاقة تبلغ 450 ''جيجا الكترون فولت ''أي أقل بقليل من نصف قوة ''فيرميلاب'' في شيكاجــــــو، الذي كان أكبر جهاز للتســـــريع في العالم· ويفترض أن يســــــمح تصادم الجزيئات داخل النظام بكشف جزيئات إضافــــــية لم ترصد حتى الآن من بينهـــــــا ذرة هيجـــــــز الحلقة المفقودة في نموذج الجزيئات الثانوية التي تتألف منها المادة· وانتظر نحو 9 آلاف عالم فيزيائي في مناطق مختلفة من العالم بشغف انطلاق التجربة، ومن المقرر أن يشاركوا في تحليل معطيات وبيانات التجربة على أمل معرفة أسرار مكونات الذرات من خلال تهشيمها· وقال المدير الفرنسي للمنظمة التي أنشئت قبل 54 عاماً: ''صمم جهاز الصادم ليغير بصور مثيرة رؤيتنا للكون''، وأضاف: ''مهما كانت الاكتشافات التي ستتمخض عنها التجربة، فسوف تثري بدرجة هائلة فهم الإنسان لأصول عالمنا''· وعبر بعض منتقدي هذه التجربة عن خوفهم من أن تصادم البروتونات ببعضها بعضاً قد يحدث ثقباً أســـــود يؤدي إلى نهاية العالم، لكن علماء الفيزياء الذين أجروا التجــــربة رفضوا هذه المخاوف، ويعتقدون أن جهاز الصادم يمكن أن يقدم المفاتيح لفهم طبيعة هذه ''المادة'' الغامضة·