الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حقوق الإنسان في الصين... أولوية

22 نوفمبر 2009 23:50
خلال رحلته إلى الصين في الأسبوع الماضي، تفاوض الرئيس أوباما مع الحكومة الصينية حول موضوع التغييرات المناخية وقضايا أخرى مثل التعافي الاقتصادي، وتنظيم سعر صرف العملة، ونزع السلاح النووي؛ وأوضح خلال اجتماعه في مقر بلدية شنجهاي، بأنه يتعين على الولايات المتحدة والصين قيادة العالم لخفض انبعاثات الكربون، وأنه ما لم يتفق البلدان على القيام بخطوات مشتركة، فإنه من غير المرجح أن يبذل باقي العالم جهده الخاص. وإذا كان أوباما قد تحدث بفصاحة عن احترام أميركا لحرية التعبير، وسيادة القانون وغيرها من مظاهر حقوق الإنسان وتجلياتها، معتبراً أنها قيمة "كونية"، إلا أنه أشار ومعه وزيرة خارجيته "كلينتون"، إلى أنه لا يريد إقحام موضوع حقوق الإنسان في القضايا الكبرى التي تهم البلدين مثل التغير المناخي الذي يستدعي التعاون الصيني؛ وكانت كلينتون قد عبرت عن هذا الفصل الواضح بين حقوق الإنسان والموضوعات الأخرى في بكين خلال شهر فبراير الماضي، فيما قدم "أوباما" تنازلا ملموساً إلى حكام الصين عندما قرر تجنب استقبال الدلاي لاما في واشنطن خلال شهر أكتوبر الماضي. لكن المقاربة التي تتبناها الإدارة الأميركية خاطئة في العديد من جوانبها، فالحكومة الصينية لا تبادل الطرف الآخر نفس التعامل عندما تحصل على تنازلات بدون مقابل، لأنها ببساطة تمضي قدماً ولا تلتفت إلى الوراء، وقد لا يعرف الأجانب هذه الحقيقة لكن الأمر بالنسبة للصينيين واضح مثل الشمس. والأكثر من ذلك ليست حقوق الإنسان في مجتمعنا الصيني بمنفصلة عن باقي القضايا ولا يمكن تنحيتها جانباً وانتظار أن تتقدم باقي مناحي الحياة، كما أن حقوق الإنسان ليست مجرد قضية إنسانية تهدف إلى الإفراج عن المعارضين من السجون الصينية، بل هي مشكلة منهجية مرتبطة بالانفتاح وسيادة القانون والمراقبة الشعبية للحكومة، فضلا عن قيم أخرى مهمة تحدث عنها "أوباما" في شنجهاي، لذا سيكون التقدم أسهل منالا لو احتُرمت حقوق الإنسان وتمت صيانتها بالطريقة المفترضة؛ ولنأخذ مسألة التغير المناخي كمثال، كيف يمكن للعالم أن يثق في احترام الحكومة الصينية لتعهداتها في مجال الاحتباس الحراري؟ في حين أن ما حصل في الألعاب الأولمبية ببكين خلال السنة الماضية ينبهنا إلى ما قد يحدث مستقبلا؛ فقبل الألعاب تعهدت بكين بتخصيص "مناطق حرة للتظاهر" للمحتجين الصينيين، لكنها سرعان ما قامت باعتقال المواطنين الذين صدقوا تلك التعهدات وعبروا عن معارضتهم، وحتى التعهد الذي قدمته السلطات الصينية بخلق أجواء خالية من التلوث تلاعبت به عندما غيرت أماكن أجهزة مراقبة الأجواء ونقلتها إلى أماكن أقل تلوثا. وفيما أكدت الحكومة عزمها على ضمان حرية التنقل للصحفيين الأجانب صعدت من إجراءاتها المقيدة لوسائل الإعلام، لا سيما الصحفيون الصينيون، فكيف يمكن الوثوق بالتعهدات الجديدة التي تطلقها السلطات الصينية بشأن خفض انبعاثات الكربون؟ أليس من الأفيد لجهود مكافحة التلوث أن يمنح الصينيون حرية التعبير والإبلاغ عن أي مظهر من مظاهر التلوث التي يرصدونها دون قيود؟ تنامى الوعي الشعبي بالمشاكل البيئية التي تزايدت حدتها في الصين خلال السنوات الأخيرة، بسبب وتيرة النمو الاقتصادي المرتفعة، فالصينيون وعلى غرار باقي الشعوب لا يحبون العيش في أجواء ملوثة، ومياه غير نظيفة، أو في كوكب ذي درجة حرارة مرتفعة، لكن المشكلة تتمثل في قمع كل من يجهر بصوته للتنبيه إلى التلوث؛ كما أن المسؤولين الحكوميين الذين غالباً ما تتلاقى مصالحهم الشخصية مع مصالح القطاع الصناعي المسؤول عن التلوث، يتأففون من سماع الشكاوى التي يعبر عنها المواطنون بشأن التلوث. وعلى سبيل المثال بدأ المزارع "و لينهونج" في محافظة "جيانجسو" بالإبلاغ عن وجود نفايات صناعية تُلقى في بحيرة "تاي" منذ مطلع التسعينيات، وعندما رفض التزام الصمت كما أمرته بذلك السلطات حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة تافهة قيل إنها الابتزاز؛ وفي السنة الماضية اشتكى "تانج زيهروج" في محافظة "هونان" بوجود تسرب يتدفق من مصنع للألمنيوم فكان أن حكم عليه بقضاء 18 شهراً في السجن بتهمة إعاقة عمل المسؤولين. وعندما احتشد مجموعة من المحتجين في شهر مايو من العام الماضي بمحافظة "سيشوان" للتعبير عن رفضهم لبناء منشأة كيماوية بالقرب من حيهم تعرض الصحفي "تشين دواجون، الذي حاول تغطية المظاهرة إلى الاعتقال وأودع السجن بتهمة "التحريض من أجل تخريب سياسة الدولة". وليست هذه بالحالات المعزولة لأنها تحدث بشكل متكرر في مختلف المناطق الصينية، وهي الحالات التي قرر "أوباما" و"كلينتون" التغاضي عنها بإعلانهما رغبتهما في عدم إقحام حقوق الإنسان في القضايا الأخرى المشتركة بين البلدين. وإذا كان "أوباما" قد تحدث في شنجهاي بصراحة ووضوح عن القيم الكونية، وعن حقوق الإنسان باعتبارها أمراً جيداً في حد ذاته، فقد كان عليه في الوقت نفسه الربط بين حقوق الإنسان وبين التحديات التي يسعى إلى مواجهتها مع الحكومة الصينية، ذلك أنه على المدى البعيد لا يمكن استبعاد دور حقوق الإنسان في خلق الشريك الصيني المناسب الذي تسعى أميركا للتعامل معه. زانج زهوا وجيانج كيشين أحد الموقعين على ميثاق 80 الذي يدعو إلى إقرار الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في الصين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©