السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هاتف ابني

26 يناير 2016 23:24
«عاد ابني إلى المنزل بعد أن قضى وقتاً ممتعاً مع أبناء عمه في الخارج، دخل عليَّ وفي نظراته كلام كثير أجهل هويته، لكنني أعلم أن في قلبه موضوعاً يريد أن يبوح به إليَّ، انتهيت من أشغالي، لأجلس مع ابني، وأسأله عن يومه وكيف قضاه مع أصدقائه، أخذ ابني في التحدث عن يومه، واسترسل في الحديث، إلى أن وصل إلى ما كنت أريد أن أسمعه، ليقول لي: أمي، جميع أصدقائي يمتلكون هواتف متحركة رغم أنهم في سني، وكلهم يستخدمونها في حلهم وترحالهم، إلا أنا، أمي هل يمكنك أن تشتري لي هاتفاً متحركاً حتى أتمكن من دخول مختلف التطبيقات؟ فأنا لا أريد أن أكون أقل من أحد، أريد أن أتساوى مع أحبابي في كل شيء!». كان من نصيبي أن يباغتني ابني الصغير بهذا التساؤل الذي لم يدر في بالي ولا في حسباني من أن ابني يطمح إلى الحصول على هاتف متحرك. في البداية انزعجت كثيراً من كلامه، لأنه أثار حفيظتي، حيث لم أعتد أن أفرط في التربية إلى درجة التدليل، لذا تعاملت معه باستراتيجية الإقناع والكلام اللين، والتي هي من أهم الوسائل التي يجب أن نتعامل بها مع أبنائنا، فبعد أن تمالكت أعصابي وهدأت، جلست مع ابني وتحدثت معه بكل عقلانية، سألته بداية: لم تحتاج الهاتف؟ قال لي: لأن جميع أصدقائي يمتلكون واحداً منه، علاوة على أن امتلاكه مهم للتواصل معك، فأخبرته: أتعلم أن مخاطر استخدام الهواتف المتنقلة على الصغار أكبر بكثير من الكبار؟ أتعلم أن أغلب الأمراض السرطانية والأورام الخبيثة تظهر بعد استخدام الهاتف المتحرك لفترة زمنية طويلة، خاصة إذا بدأ الاستخدام في سن صغيرة؟ أتعلم أن للهاتف المتحرك سلبيات عديدة، أهمها أن الاستخدام السيئ من الشخص قد يؤدي به إلى مشاكل اجتماعية وسلوكية بسبب التناقلات المشينة للملفات والصور وغيرها؟ سكت ابني الصغير، وأنزل رأسه، مقتنعاً بنسبة 80% من وجهة نظري، لا تزال الـ 20% من الحصول على الهاتف المتحرك عالقة في باله، ولكن مع مرور الأيام، ومع التشجيع الدائم على أن يكون منظماً لوقته، مهتماً بأمور أخرى، نسي فكرة الحصول على الهاتف المتحرك بنسبة 100%. ما أرمي إليه أننا يتوجب علينا أن نحرص على أبنائنا، وعلى توعيتهم وتثقيفهم بالطيب من الحديث والإقناع بالأدلة والبراهين، أعلم أن هذا ليس بالسهل علينا، فنحن الآباء والأمهات والمسؤولين عن تربية الأبناء وعن رعايتهم، نخاف دائماً عليهم، ونحرص على أن نربيهم وننشئهم نشأة صحيحة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©