الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المايسترا زهيّة...

المايسترا زهيّة...
20 ابريل 2011 20:25
زهيّة زيواني Zahia Ziouani جزائرية تعيش وتقيم في فرنسا، ألفت كتابا باللغة الفرنسية عن سيرتها الذاتية وتجربتها عنوانه: “قائد الاوركيسترا”. والمؤلفة هي اليوم قائدة فرقة اوركيسترا مختصة في عزف الموسيقى السيمفونية، علما بأن قائدات الفرق السيمفونية النّساء في العالم يعدون على أصابع اليد الواحدة. واليوم فإن المايسترا زهيّة هي إحداهن، وهي إمرأة لم تتجاوز الثانية والثلاثين من عمرها، وجاء في كتابها انها ولدت ونشأت في مدينة “بانتان” PANTIN الفرنسية، وبفضل إصرارها وذكائها وكفاءتها فإنها إرتقت لتصبح قائدة الفرقة السيمفونية بهذه المدينة الفرنسية. وتؤكد زهية ان هذه المهنة في الغرب هي مهنة رجالية، وإذا كان الرجال قائدو الفرق السمفونية معروفون بنرجسيتهم وتضخم “الأنا” عندهم بسبب “الهالة” الكبيرة التي تحيط بهذه المهنة المتميزة والفريدة والتي تخرج عن المألوف، فإن زهيّة متواضعة، وعندما قيل لها أن نجاحها يعد استثنائيا باعتبارها ابنة مهاجرين يعيشون فيما يعرف في فرنسا بـ”الضواحي”، كان جوابها بأنها تكره هذا التصنيف وانها ورغم انتمائها لوسط إجتماعي متواضع فإنّ والديها مغرمان بالموسيقى، وهي تبدو في كتابها غاضبة لان سكان ما يعرف بـ”الضّواحي”، وهم عموما من العرب المهاجرين والمسلمين والأفارقة السود، محرومون من الثقافة والفنون نتيجة ظروفهم الاجتماعية، اما الموسيقى الكلاسيكية فهي بالنسبة لهم بذخ لا يطالونه، ورغم أن زهية تتمتع بالجنسيتين الفرنسية والجزائرية إلا أنها تريد أن يتم التعريف بها كفنانة فقط دون اعتبار لأصولها. ورغم اعترافها بفضل فرنسا عليها في تكوينها إلا أنها لا تنفي وجود العنصرية وعدم تكافؤ الفرص والحظوظ بين الفرنسيين الأصليين والفرنسيين من شتى الأصول الأجنبية وخاصة العربية والمغاربية، ولذلك فهم يرون أن الموسيقى الكلاسيكية “ليست لهم” فهم منشغلون بكسب قوت يومهم وضمان توفير فرص للعمل وسط أجواء العنصرية المتنامية. الثقافة للجميع تذكر المؤلفة انه تمت دعوتها للجزائر وتكريمها وتكليفها بقيادة فرقة الأوركيسترا الجزائرية في شهر أكتوبر الماضي، ولكن زهية ترى أن مهمتها الأساسية تتمثل في سعيها إلى مساعدة شبان “الضواحي” الفرنسية على الإندماج عبر حب الموسيقى وعبر الثقافة، ولها مشروع يتمثل في تقريب الموسيقى الكلاسيكية من أطفال المهاجرين العرب. هي اليوم في فرنسا إحدى النساء النادرات اللاتي يمتهن قيادة فرقة سمفونية، ورغم أنها لم تتجاوز الثانية والثلاثين من عمرها إلا أنها استطاعت أن تقتلع مكانها في مهنة بقيت دائما حكرا على الرّجال، والفرقة التي تديرها تضم 80 عازفا وهي تكشف ان طريقها لم يكن مفروشا بالورود ولكنها تعترف في الكتاب الذي ألفته عن تجربتها أنها وجدت السند والمساعدة من بعض أساتذتها، وهي اليوم تريد أن تبث في الناس فكرة : “الثقافة للجميع”، وتدافع عن حق الجاليات العربية المهاجرة في أن ترتقي ويكون بإمكانها النهل من نبع الثقافة والإرتواء بالفنون الراقية ليخرجوا من الغيتو الذي هم محبوسون فيه اليوم في ضواحي المدن الفرنسية، فضواحي المدن الكبرى الفرنسية يسودها ما اسمته المؤلفة “فقر ثقافي” وتعاني من إنزواء سكانها وأصبحت مرتعا لمروجي المخدرات، ولأنواع شتى من الجرائم، ومظاهر الظلم والخوف والتمرد كرد فعل على الظروف القاسية التي يعيش فيها أغلب المهاجرين في فرنسا. رسالة الى المهاجرات وتريد المايسترا الجزائرية الأصل أن تبلغ عبر تجربتها رسالة إلى المغتربات العربيات بأنه بإستطاعتهن إذا أردن أن ينتزعن مكانهن اللاتي هن جديرات بها في فرنسا بالذات. والحقيقة انه ليس هينا لفتاة من أصل عربي أن تفرض نفسها في مجال قيادة الفرق الموسيقية المختصة في الموسيقى الكلاسيكية ولذلك فان بروز زهية أثار الفضول والاستغراب، لأن قادة الفرق السمفونية هم عموما رجال ثم هم فرنسيون وحتى وإن كانوا أجانب فهم من أوروبا الشرقية واليابان أو دول أخرى غربية. ان زهية كانت تحلم بأن تصبح ماسترو منذ ان كانت في الثالثة عشرة من عمرها. تقول: “ان المتأمل في أصولي العربية ونشأتي في ضواحي إحدى المدن الفرنسية يرى إني كنت مهيأة لأن أكون حلاقة مثلا، ولكني أردت ان أثبت انه اذا تسلح المرء بالعزيمة فان كل شيء يصبح ممكنا”. لقد درست زهيّة بجامعة “السّربون” وفي المدارس العليا المتخصصة في الموسيقى، ونالت عديد الجوائز، وسمحت لها موهبتها بقيادة فرق سمفونية في عديد مدن العالم وفي عديد المهرجانات الدولية، وعام 2007 نالت أهم جائزة تقديرية في الموسيقى من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وقد تم إعداد شريط وثائقي عن مسيرتها وتجربتها وتم بثه في قناة أرتي ARTE (الفرنسية الألمانيّة المشتركة)، كما تحصلت على وسام الشرف الفرنسي. ويبلغ معدل حفلات زهيّة حوالي 60 حفلة في العام، وقد أدت خلال حياتها الفنية حتى اليوم ما يزيد على 500 حفلة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©