الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التصوير السياحي يجمّد لحظات تشارك في صنع المكان

التصوير السياحي يجمّد لحظات تشارك في صنع المكان
20 نوفمبر 2009 00:00
جاء في مقال تحت عنوان «أبوظبي.. الراحة تجاه التاريخ» للكاتب محمد المزروعي نشر مؤخراً في صفحة «الاتحاد» الثقافية»: تختلف أبوظبي المدينة والعاصمة الآن، اختلافاً جذرياً عما كانت عليه مقارنة بالصورة الفوتوغرافية التي أخذت لها من طائرة عام 1959، وهي الصورة التي تم تجسيمها بمساحة صغيرة وعرضها بالمجمع الثقافي. تُظهر الصورة هذا القِدم الأليف للمكان، وصغر حكايته المعمارية. فغير «قصر الحصن» الأعتق زمناً، هناك اسطبل، إدارة شرطة، 27 مسجداً، ثلاث مقابر، مدرسة، سوق، عدد قليل من الفلل، وأكواخ أو عشش من الطين والحجارة المرجانية وسعف النخيل والجبصين». وبقي قصر الحصن وتغيّرت الأمكنة حوله، إنما تبقى لحظة هناك في الصور السوداء والبيضاء ترصد التحولات أفقيا وعاموديا والتقاطع بينهما، لحظة تسجلّها دهشة من الصعب أن تأتي من غير السائح الباحث عن كل جديد بالنسبة إلى عينيه ومعرفته بالأماكن وما تحويه من قصص. فمن يعيش في المكان، وإن انتابه حنين لركن أو شاطئ سجلت عليه أقدامه ثلّة من ذكريات الطفولة والمراهقة والنضوج بمراحله المتعددة، وإن سجّل في ذاكرته قصص للأماكن في تلاقيها مع حياته، تزول عنه الدهشة لأنه يألف الأمكنة ويرقب التحولات وإن أتت متسارعة كما في الإمارات، فلا يلاحظ أو يهتم بما يشكل الدهشة لدى السائح. السائح يدور بكاميرته التي تكون في الغالب كاميرا عادية، وإن كانت محترفة، تبقى لعينيه ورؤيته الخاصة للأمكنة ملكة تفاعل الدهشة في نفسه، فيعيد تشكيل الصورة من جديد لعينيّ المقيم. المرور اليوم بجانب قصر الحصن ليس بالأمر الذي يجدر ذكره لذلك المتوجه صباحا إلى عمله أو لأي عابر سبيل شبه منتظم في دائرة إقامته في المدينة، لكن للسائح نظرته الخاصة لأنه يبحث عن هذا القصر وعمّا يندرج في إطار الهيكلية العمرانية الأقدم من تلك الحديثة، وللذي يتوجه إلى المول مثل المارينا مثالاً بمحاذاة القرية التراثية لن تعني له القرية وإن لم يكن قد زارها بعد على الرغم من أنها من ضمن دائرة إقامته أو انتمائه، مثلما تعني للسائح. وعلى الرغم من أن التصوير الفوتوغرافي لدى السياح ليس بالتصوير المحترف، فإن توفرت الإضاءة والكادر المناسب للصورة انطلاقا من عناصرها التقنية فيها، قد يبلغ مستوى الصور الاحترافية فينافسها ويتقدم عليها. وقبل رواج الوسائل الإعلامية، وقبل اختراع الكاميرا، كان للصورة التي تجسدها وتأخذنا إلى عالمها كلمات الأديب الرحالة في وصفه للأمكنة وانفعالاته حيالها، وكان للرسم البانورامي رصده للتحولات والأماكن، ومن ثم جاء اختراع التصوير وكان تقليديا في البداية من حيث الحرص على ايقاف أفراد عائلة إلى جانب بعضهم البعض مثلاً وتصويرهم ومن ثم توجه التصوير إلى التقاط الصور البانورامية والحركة العمرانية والمشاهد الجيلة للجبال والبحار وللطبيعة بشكل عام. للصورة فعلها على الرغم من أن براعة تشكّلها بقيت الأصعب في يد الأديب والشاعر، فهي ومن دون أن ندري قد تؤرخ في لحظتها الجامدة للحياة المتحركة، وهي وإن التقطت لجعلها مستقبلاً ذكرى بين دفاترنا، قد تتحول إلى أكثر من كتاب وإلى وثيقة تثبت ما كان حيال ما أصبح. وبعض الصور التي التقطت من دون تخطيط عبر كادر رسمته عينا سائح أكثر من ذكرى ورغبة بالاكتشاف، تأريخ للتاريخ في كثير من الأمكنة... حتى أن السائح الذي يلتقط الصور بات هو نفسه مادة لها من خلال عدسة أحد آخر يترصد له.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©