السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سيناريو يوم القيامة

18 نوفمبر 2009 02:14
يستحيل تقريباً التعبير عن المستوى الراهن لليأس الفلسطيني، إلا أن الإعلان الأخير باحتمال استقالة عباس، واحتمالات أن تتبعه بقية قيادة السلطة الفلسطينية، الأمر الذي يحلّ السلطة الفلسطينية فعلياً، قد يعطي فكرة ولو محدودة عن ذلك. ويبدو أن تعليقات هيلاري كلينتون في إسرائيل، والتي بدت وكأنها تعني ضمنياً نوعاً من القناعة الأميركية بالموقف الإسرائيلي، شكلت القشّة التي قصمت ظهر البعير. القيادة الفلسطينية مستعدة للاستسلام لأنها تشعر بأنها فعلت كل شيء ممكن لتقبّل عملية السلام التي وضعها المجتمع الدولي، ولكنها لم تحقق شيئاً، نتيجة لحرمانها من أصغر إنجاز سياسي تستطيع أن تشير إليه كمقياس لمستوى نجاح سياساتها، من الواضح أنها بدأت تشعر أنه لا يمكن إلا للإجراءات الجذرية فقط أن توصِل يأسها السياسي إلى العالم الخارجي. ويبدو أن موقف العديد من الفلسطينيين العاديين وتوجهاتهم، إن صح القول، أكثر قتامة. بالنسبة لهم، فقد عَنَت فترة 16 سنة من محادثات السلام 16 سنة أخرى من الاحتلال وبناء المستوطنات، ومصادرة الأراضي وخيبة الأمل المرّة، والحرمان من الحقوق الإنسانية الأساسية والحقوق الوطنية. وبالإضافة إلى لوم إسرائيل والمجتمع الدولي يُلقي الفلسطينيون باللوم كذلك على قياداتهم من فتح وحماس على حد سواء، لعدم توحدهم من جديد بعد الانفصال العنيف عام 2007، ويلومون جميع الأطراف للكارثة الإنسانية المستمرة الناتجة عن حصار غزة. تحت هذه الظروف، يجب أن يكون أمراً مفهوماً وبسهولة أن فكرة عملية سلام قادرة على البقاء تبدو الآن مثل نكتة غير مستساغة للعديد من الفلسطينيين؛ هذا هو المضمون السياسي الذي يتوجب على القيادة الفلسطينية أن تعمل من خلاله: جمهور يزداد شكاً وتشاؤماً يوماً بعد يوم، ولاعبون دوليون يبدو أنهم لا يفهمون حدود الصبر الفلسطيني. ويبدو أخيراً أنه حتى الملتزمين بالمفاوضات إلى أبعد الحدود قد توصّلوا لنتيجة أنه يتوجب إما تغيير هذه الدينامية أو التخلي عنها. من وجهة نظر المشروع الوطني الفلسطيني، فإن التهديد الأكثر خطورة الذي تشكله الأزمة الحالية وبوضوح هو للدولة الفلسطينية وبرنامج بناء المؤسسات الذي اقترحه فياض. يمكن للخطة أن تحرّك مقاومة دينامية من طرف واحد، غير عنفية وبنّاءة في وجه الاحتلال، الأمر الذي يوجد الإطار الضروري للاستقلال الفلسطيني ويشكّل تحوّلاً درامياً في البيئة الاستراتيجية لصالح كل من المصالح الفلسطينية واحتمالات السلام. وحتى يتسنى لتلك الخطة أن تنجح، فسوف يتطلب ذلك ليس فقط الدعم المالي والفني من المجتمع الدولي -وخاصة الولايات المتحدة- إنما حماية مباشرة سياسية نشطة كذلك. سوف يكون من الصعب جداً لإسرائيل أن تقف في وجه المشروع إذا كان تحت حماية سياسية عالمية، ومن المستحيل تقريباً التدخل في مشاريع محددة تتم متابعتها بشكل مشترك بتعاون أميركي وأوروبي ومشاركة فعلية. بغض النظر عن النتيجة التي ستفضي إليها الأزمة الحالية، من الأساس أن تستمر مؤسسة بناء الدولة هذه؛ إنها الشيء الوحيد في الأفق الذي يوفّر سبيلاً جاداً إلى الأمام نحو إنهاء كل من الاحتلال والنزاع، ويمكنها إيجاد أمل في وسط اليأس وانعدام الأمل. زميل رئيس في فريق العمل الأمريكي من أجل فلسطي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©