الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصريون وصوماليون وباكستانيون بين قتلى ومعتقلي «الحوثيين»

مصريون وصوماليون وباكستانيون بين قتلى ومعتقلي «الحوثيين»
17 نوفمبر 2009 00:48
مع دخول العمليات العسكرية للجيش السعودي ضد المتسللين من المتمردين الحوثيين على حدوده الجنوبية الأسبوع الثالث منذ انطلاقتها في الثالث من نوفمبر، مازالت وحدات المظليين السعوديين والقوات الخاصة التابعة للجيش تخوض مواجهات لتطهير أرض المملكة. قتلى “الحوثيين” بالمئات وكشفت معلومات خاصة حصلت عليها “الاتحاد” من مصدر في الجيش السعودي على الخط الأول للجبهة، أن معارك دارت الثلاثاء والأربعاء الماضيين كانت الأشرس منذ بداية المواجهات، سقط خلالها 263 قتيلاً في صفوف الحوثيين، و20 جريحاً من الجيش السعودي إصاباتهم متفاوتة. وأضاف المصدر، طالباً عدم الكشف عن اسمه لعدم امتلاكه صلاحيات التحدث إلى وسائل إعلام، “ان إجمالي القتلى في صفوف الحوثيين منذ بدء المواجهات يعد بالمئات، لكنه لم يحدد عدداً نهائياً بسبب عدم اكتمال تطهير المواقع كافة بعد. وأكد أن القتلى في صفوف الجيش السعودي بلغ خمسة منذ بداية الاشتباكات أحدهم قتل بـ(نيران صديقة)”. وأوضح المصدر أن الغالبية من المقاتلين في صفوف “الحوثيين” هم من الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم الـ18 سنة. وأضاف “انه تم الكشف عبر مقتل واعتقال عدد من عناصر الحوثيين وجود مقاتلين عرب في صفوفهم بينهم سعوديون ومصريون وصوماليون، إضافة إلى باكستانيين، مما يعني، وفقاً لمراقبين، مشاركة تنظيم القاعدة في اليمن في القتال إلى جانب الحوثيين”. 3 محاور للمواجهات وتعتمد القوات السعودية قصف الأماكن التي يستغلها المتسللون للاختباء على الشريط الحدودي لمسرح العمليات في أراضي المملكة، مما ساهم في تقليل عدد محاولات التسلل، لكنه لم يستطع إنهاءها، ما دعا الجيش السعودي إلى تزويد صفوفه على الجبهة بقوات إضافية تم استقدامها من مناطق عدة في المملكة إلى مطار جازان مساء الخميس الماضي. وتتركز المواجهات على ثلاثة محاور هي جبل دخان، وجبل الدود، وجبل رميح، كما أن موقعي المعرسة والحصامة في محافظة العارضة المجاورة لمحافظة الخوبة من الجهة الشرقية، والقريبين من محاور الاستهداف يشهدان أيضاً عمليات تسلل يرد عليها الجيش السعودي بإطلاق النار، وإن كانت بشكل أقل من سابقاتها، وشهدت فجر الخميس الماضي قصف قامت به إحدى طائرات الأباتشي السعودية يعتبر أول تدخل لها في الحرب. ونتج عن هذا القصف اكتشاف موقع متقدم للاتصالات يستخدمه عناصر الحوثيين عثر فيه على أجهزة اتصالات متقدمة جداً، حسب أحد المصادر في الجيش السعودي طلب عدم الكشف عن اسمه لمشاركته في الجبهة، إضافة إلى العثور على أجهزة لفك الشفرات، قال المصدر، إنها لا تستخدم سوى للجيوش الرسمية ولا تباع إلا لدول، مما يعني وقوف دولة بجانب “الحوثيين” في هذه الحرب. المشهد في جبل دخان ويشكل جبل دخان أحد تفرعات سلسلة جبال السروات المعروفة، ويقع جزء منه على الأراضي السعودية لا يتجاوز امتدادها الخمسة كيلومترات، وتقع على سفحه من الجهة السعودية محافظة الخوبة التي استطعنا الوصول إليها مساء الخميس الماضي والوقوف على منتصف الطريق الفاصل بين سفح جبل دخان وقمته برفقة جنود من وحدات المظليين التابعة للجيش السعودي، ولم يسمح لنا باستخدام أي إضاءة لقربنا من المنطقة المفترضة لتمركز “الحوثيين”. وفي النقطة الأخيرة التي استطعنا الوصول إليها على الجبهة السعودية، أثارت انتباهنا إضاءة خافتة ومتناثرة على أحد الجبال القريبة، وحين استفسرنا عن مصدر هذه الإضاءة، أوضح لنا مرافقونا أنها إحدى القرى اليمنية، وهذا تفسير يؤكد صعوبة السيطرة على الحدود بوضعها الحالي، نظراً لاقتراب القرى وتداخل منازلها على جهتي الحدود. ويتبع لمحافظة الخوبة عدد من القرى وهي التي تشهد العمليات العسكرية الجارية منذ مطلع الشهر الجاري. لا نهاية قريبة في الأفق ولم تستبعد معلومات الخطوط الأولى للجيش السعودي انتقال محاولات التسلل إلى الأراضي السعودية من قبل عناصر المتمردين “الحوثيين” إلى مكان آخر من الحدود البرية المشتركة التي تتجاوز الـ1800 كيلومتر، ما ولد شعوراً بأن المواجهات العسكرية ليست قريبة من نهايتها، خصوصاً أن عمليات التسلل ما زالت مستمرة عبر منطقة المواجهات الحالية التي اعتبرها الجيش السعودي منطقة عسكرية مغلقة أمام المدنيين بمساحة تتجاوز الـ400 مليون متر مربع، وهو ما دفع إلى وصول قوات إضافية من وحدات المظليين مساء الخميس الماضي لدعم زملائهم على خط النار. وتشترك أربع مناطق سعودية في الحدود مع اليمن، هي المنطقة الشرقية في الجهة الشرقية من الحدود وتستحوذ على المسافة الأطول، تليها منطقة نجران ثم منطقة عسير وهي الأقل مساحة مشتركة في هذه الحدود، ويأتي في جنوب غرب الحدود منطقة جازان، حيث تشترك مع اليمن في حدود برية تحدها من جهة الجنوب والشرق. من السعودي ومن اليمني؟ تدور المواجهات العسكرية الآن في ثلاث من المحافظات الحدودية هي الحرث والخوبة والعارضة، والتي تشكل حدودها مع اليمن جغرافيا صعبة التضاريس، إضافة إلى التقارب بين قاطني ضفتي الحدود في كل شيء، من أشكال السكان المتشابهة، والعادات الاجتماعية التي تصل درجة التطابق، سواء في اللباس وحتى الحديث بـ”اللكنة” المحلية الموحدة على ضفتي الحدود، مما جعل أحد ضباط الجيش السعودي على الجبهة طلب عدم ذكر اسمه يؤكد أن هذا الأمر يشكل صعوبة أكثر تحول دون السيطرة التامة على الحدود ومنع دخول المتسللين بشكل دائم، وقال مضيفاً “لا نستطيع معرفة المواطن السعودي من المواطن اليمني في هذه المنطقة”. وأوضح ضابط سعودي لم يذكر اسمه “إنه يوم الاثنين الماضي اعتقل أفراد وحدته عدداً من المتسللين الحوثيين بلغوا ثمانية أشخاص، ثم اتضح فيما بعد خلال التحقيقات الأولية معهم أن أحد هؤلاء الثمانية باكستاني الجنسية، لكنه يتقن اللكنة الحدودية المشتركة لأبناء منطقتي صعدة اليمنية وجازان السعودية”. جغرافيا التضاريس الوعرة تشكل محافظة داير بني مالك التي تقع على في أقصى الغرب من الحدود الإدارية بين منطقتي جازان وعسير، وتتبع منطقة جازان، منطقة الحدود الأصعب مع اليمن من حيث وعورة التضاريس الجبلية، لكنها إلى الآن لم تشهد محاولات تسلل من قبل المتمردين الحوثيين. وتلك الجغرافيا الوعرة التي تتكون من جبال شاهقة الارتفاع تتخللها أودية ضيقة وعميقة جداً تغطيها أشجار كثيفة، يستغلها المهربون الخبراء بسلك دروبها في إرشاد المتسللين إلى أقصر الطرق وأكثرها بعداً عن أعين رجال حرس الحدود السعودي للوصول إلى مبتغاهم لا سيما إدخال كميات كبيرة من المخدرات، حيث كانت كانت آخر إحصائية سعودية رسمية للمضبوطات منها في الأعوام الثلاثة الماضية، أشارت إلى أن قيمتها تجاوزت مائة مليون دولار. وتزداد خطورة التهريب عبر الحدود مع ضبط كميات كبيرة من الأسلحة كشفت عنها السلطات السعودية في أوقات سابقة، كان ضمنها قطعة سلاح استخدمت في الهجوم الذي نفذه عدد من عناصر تنظيم القاعدة في السعودية على القنصلية الأميركية في مدينة جدة عام 2004، وثبت عبر تتبع رقمها من المصنع أنها ضمن شحنة أسلحة بيعت للجيش اليمني. ولم تستبعد السعودية حدوث ما يجري حالياً على حدودها الجنوبية مع جارتها اليمن، فمنذ عام 2004 أدركت الرياض أنها مهددة بانتقال شظايا ما يحدث على أراضي الشقيقة الجنوبية، وسعت إلى إنشاء حاجز حدودي على أراضيها يفصلها عن جنوب الحدود وما يحدث فيه، ولا يسمح لأي متسلل عبورها إلا من خلال المنافذ الرسمية بين البلدين، لولا أن جهوداً رسمية بذلتها صنعاء حينها مع القيادة السعودية أحبطت تنفيذ هذا المشروع، الذي استؤنف العمل على تنفيذه قبل أقل من شهر. رحلة 100 كيلومتر إلى الخط العسكري مشاهدات طريق جازان الخوبة حتى الدغارير في الطريق الممتد من مدينة جازان إلى محافظة الخوبة الذي تبلغ مسافته نحو 100 كيلومتر، وعند أحد التقاطعات كنا ننتظر عند الإشارة المرورية برفقة سائق التاكسي الذي يقلنا إلى أقرب نقطة للجيش السعودي، وصادف مرور رتل من الآليات العسكرية متوجهاً للجبهة، قابله بعض الموجودين معنا على ذلك التقاطع بحماسة اضطرتهم للنزول من مركباتهم والتلويح للجنود المعتلين لآلياتهم بعلامات النصر والهتافات المشجعة لهؤلاء الجنود. ومع وصولنا إلى أول نقطة أمنية تابعة لشرطة المنطقة، إضافة إلى وجود عدد من آليات تابعة للجيش السعودي، كنا قد تجاوزنا مسافة الـ40 كيلومتراً من جازان في الاتجاه إلى الخوبة ومن ثم جبل دخان، ومنعنا أفراد الأمن من مواصلة السير برفقة التاكسي، الأمر الذي دعانا للتنسيق مرة أخرى، وإجراء بعض الاتصالات، لنتمكن من المرور بعد مغادرة التاكسي للمنطقة التي نوجد فيها. وحين استطعنا المرور وتجاوز نقطة الأمن، وجدنا الأمر أشبه بالوضع العادي، فالمحال التجارية مفتوحة، والسكان منهمكون في أعمالهم، منهم من يعمل في مزرعته، ومن يعمل في متجره، فكل منهم يعمل على إدارة شؤونه اليومية بشكل طبيعي جداً، إلى أن اقتربنا من قرية الدغارير التي لا تبعد عن محافظة الخوبة سوى 30 كيلومتراً تقريباً، هنا لم نعد نرى سوى الزي العسكري الذي يرتديه الأشخاص في كل مكان على جانبي الطريق، والثكنات العسكرية الموزعة بطريقة توحي بالدقة والتنظيم، ولم نر على الطريق إلا الآليات العسكرية التي تنتشر في أرجاء المكان، وعلمنا أن كل القرى حولنا أخليت من السكان الذين توزعوا بين مخيم الإيواء في محافظة احد المسارحة التابعة لمنطقة جازان، وبين عدد من الشقق المفروشة في محافظات المنطقة، ومع هذه المشاهد العسكرية إلى أن وصلنا الخط الأول للجبهة في جبل دخان. من التقينا بهم من العسكر في تلك المنطقة، كانت معنوياتهم عالية رغم علمهم بمقتل أحد زملائهم ذلك اليوم، تتغير ملامحهم حين نسأل عن أحداث ذلك اليوم ونذكر مقتل زميلهم، وتنم عن وجوم وصمت إلا من عبارة واحدة “كلنا فداء الوطن” هذه الكلمة التي يكررونها لدفع الروح المعنوية العالية، ويذكرون الحوثيين بأنهم عصابة تحاول إثارة الفوضى في المملكة عبر تسلل عناصرها من الحدود السعودية
المصدر: الخوبة - السعودية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©