الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الأجور المنخفضة في أميركا تبني قصوراً في الصين

الأجور المنخفضة في أميركا تبني قصوراً في الصين
17 نوفمبر 2009 00:04
ثمة نوع غريب يشبه مدن الأشباح في إقليم فوجيان على الساحل الجنوبي الشرقي للصين. فهناك الكثير من المنازل خاوية ومغلقة وقد غادرها البالغون ممن في سن العمل، فقط بقيت الأجيال الأكبر سناً تربي أحفادها. التحول، كما يروي المؤلف والصحفي الأميركي باتريك رادن كييف، هو أن الأجداد يعيشون في منازل فاخرة بنايات واسعة خرجت من بين مزارع الأرز. المنازل بناها أطفالهم البالغون الذين يعملون في وظائف منخفضة الأجر غالباً في مطاعم أو مصانع الملابس في الولايات المتحدة ويرسلون بتحويلاتهم إلى الصين. وفي الواقع أن الأحفاد الذين نشأوا في الصين هم فعلياً أميركيون أرسلوا إلى الصين لأن أباؤهم يعملون كثيراً إلى حد يجعلهم غير قادرين على رعاية أطفالهم. والأطفال الذين يتوزعون بين ثقافتين يبقون حتى يكبروا إلى حد يكفيهم للعودة إلى الولايات المتحدة للدراسة. ويعزو كييف الذي يتناول كتابه “رأس الأفعى” الهجرة وتهريب أو الاتجار في البشر من الصين إلى الولايات المتحدة الترتيبات الغريبة إلى أخلاقيات العمل الضارية وذيوع روح المشروعات بين مهاجري فوجيان والدوافع القوية بالقدر نفسه للتواصل مع الأقارب في الصين. وفي محاضرة ألقاها في واشنطن، تتبع كييف جذور هذه المنافسة الاجتماعية والهجرة التي أدت إلى حدوث نمو اقتصادي في فوجيان في الثمانينات. ويقول كييف: “في البداية افترضت أن هؤلاء الناس لا بد أن يكونوا معوزين. في الواقع كان الاقتصاد ينمو بحو 10 في المئة في العام في هذه المنطقة”. هذا النمو جعل الناس يدركون جيداً وضعهم الاقتصادي. وقال: “فجأة تجد جارك وقد صارت لديه ثلاجة (مبرد) أوسيارة وانت لا شيء. هذا بالأساس ما دفع الناس إلى الرحيل”. وقسم كبير من المهاجرين الصينيين إلى الولايات المتحدة منذ منتصف الثمانينات جاءوا من فوجيان كثيرين منهم بطريقة غير قانونية يتزعمهم مهربون محترفون. هؤلاء المهربون الذين يعرفون باسم - رؤوس الأفاعي- هم الذين قادوا زبائنهم الصينيين في رحلات خطرة غالباً ما تضمنت رحلة مدتها شهر بعربة تجرها الثيران عبر المناطق الجبلية في ميانمار، حيث تعين عليهم تحاشي زراعات الأفيون الخطرة- ومن ثم التسلل إلى تايلاند. وفي بانكوك وببضعة أوراق مزورة ومسؤولين مرتشين في وقت لاحق، يرتب “رؤوس الأفاعي” لعملائهم الطريق إلى الولايات المتحدة غالباً على متن سفن قديمة متهالكة كبيرة في الغالب لعبور المحيط. في بعض الأحيان كان مئات الأشخاص يتزاحمون على متن زورق طوله 12 متراً وعرضه 6 أمتار ومعهم قدر قليل من الطعام وثمة حمام واحد للجميع. وقرب الإقليم من البحر جعل قسم كبير من سكان فوجيان أفضل استعداداً للرحلة مقارنة بسكان المناطق الداخلية في الصين. إنهم خبروا البحر واعتادوا على مخاطره- ولم تكن الرحلة إلى الولايات المتحدة إلا رحلة صيد أخرى. وبرزت تجارة “رؤوس الأفاعي” في دائرة الضوء عام 1993 عندما جنحت سفينة “جولدن فينتشر” أمام ساحل مدينة نيويورك وعلى متنها نحو 300 مهاجر صيني غير شرعي. وتم التعرف إلى “رأس الأفعي” في هذه الرحلة وهي سيدة من فيوجان تدعي الأخت بنج وتمت إدانتها وسجنها عام 2005. وبحدسهم التجاري، انتشر قسم كبير من أهالي فوجيان عبر الضواحي الأميركية. وكتب كييف عام 2008 أثناء رحلة إلى فوجيان في إطار إعداد كتابه يقول: “الأمر شبه المؤكد أن المطعم الصيني الكائن في المركز التجاري القريب من منزلك يديره أناس من فوجيان أليس كذلك؟”. وأهالي فوجيان في أميركا وفروا المال لشراء منازل ضخمة لأسرهم في القرى. وقال كييف “هذه المنازل صارت رموزاً للوضع، فكلما كانت أطول واكثر قبحاً كلما كانت أفضل”.
المصدر: واشنطن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©