السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ملل الأطفال شعور بعدم الاكتراث يصنعه التدليل المفرط وترف العيش

ملل الأطفال شعور بعدم الاكتراث يصنعه التدليل المفرط وترف العيش
15 ابريل 2012
يتساءل الأهالي دوما عما إذا كانت هنالك طريقة مثلى للتعامل مع الأبناء بحسب مراحلهم العمرية. ولا يخفون مخاوفهم من الانعكاسات السلبية لتسارع نمط الحياة والتطور التكنولوجي على مفهوم التربية عموما. وهم في حيرة من أمرهم، حول ما إذا كانوا يسلكون درب آبائهم باعتماد الأساليب التقليدية، أم يقتنعون بضرورة مواكبة كل جديد خاصة أنها تنعكس على سلوكات أطفالهم ولعل أبرزها تذمرهم الدائم وعدم إشباع رغباتهم وهي الظاهرة التي يعزوها مختصون إلى الرفاهية. نسرين درزي (أبوظبي) - تؤكد الأبحاث الميدانية التي تراقب التغيرات الطارئة على سلوكات الأطفال خلال سنوات الدراسة، أن حالة الملل الواضحة عند شريحة كبيرة منهم سببها رغد العيش. ويوضح أخصائيون أن الرفاهية المتواصلة التي يحيا بها صغار السن، قد لا تكون مرتبطة بالثراء. وإنما بقدرة الحصول على الألعاب وبتلبية الرغبات بشكل واضح من دون الشعور بقيمة الأشياء أو بالتعب الذي يبذل لإحضارها. نضوج صحي مراكز الألعاب المنتشرة بكثرة لم تكن معهودة بهذا الشكل في الماضي، وهي تعتبر اليوم دليلا واضحا على الأهمية التي باتت تطرح لتطوير وسائل الترفيه الخاصة بالأطفال. حتى أنه من كثرة ارتيادها، لم تعد تشكل لهم الملاذ الأكثر إمتاعا، وذلك بعكس ما هو مفترض لسنهم، مما يدل على حال الدلع ومستوى الترف المعنوي التي وصلت إليه فئة كبيرة من الصغار. عن أهمية متابعة عملية النضج عند الطفل منذ عامه الأول، يقول الاستشاري الأسري الدكتور سمير غويبة إن إحاطة الطفل بعدد هائل من الألعاب أو قيامه بالكثير من النشاطات في وقت ضيق، يعرضه لحالة من التشتت. ويوضح أن عدم التركيز هذا يؤدي مع الوقت إلى الشعور بالملل وعدم الاكتراث بالأمور التي تعتبر مثالية بالنسبة لطفل آخر ينشأ في ظروف تربوية معتدلة وطبيعية. ويقول غويبة إنه من المفيد جدا أن يفكر الأهالي بضرورة الحضانة في حياة الأطفال قبل بلوغهم سن الدخول إلى الروضة. ويؤكد أنه وفقا للدراسات والأبحاث، فإن الطفل الذي نشأ وسط بيئة تتمتع بأجواء الرعاية والتدريب والاعتماد على النفس، هو طفل متوازن ذهنيا وجسمانيا. ويقول «على الأهالي بغض النظر عن ظروفهم المهنية أو المالية، أن يوفروا لأبنائهم مجتمعات تناسب سنهم بحيث يساعدونهم على النضوج الصحي. فأن يكبر الصغير ويكتسب وزنا ويزداد طولا، لا يعني أنه ينضج». ويذكر غويبة أن من الأخطاء التي يرتكبها الأهل، التمادي في التصاقهم بأبنائهم مما يقلل من قدرة الأبناء على التصرف بمفردهم وبمعزل عن مساعدة الكبار. ويضيف أن دور الحضانة تشكل فرصة ملائمة للتشجيع على هذا الفصل الذي من شأنه أن يعزز من ثقة الأطفال بأنفسهم. وهذا ما يحتاجون إليه عند دخولهم إلى عالم الروضة الأكثر التزاما ومسؤولية. انعزالية عند الحديث عن مفاهيم التربية الحديثة لابد من الإتيان على ذكر الوسائل التقنية التي دخلت عالم الأطفال من دون استئذان. بدءا بأجهزة الكمبيوتر وما يندرج تحتها من أدوات وألعاب، ومرورا بظاهرة الشاشات المتحركة والهواتف الذكية التي لها أول وليس لها آخر. وهنا عدا عن مساوئ الإدمان على هذه الأجهزة التي تشد عقول الصغار إلى حد يدعو للاستغراب، فإن ثمة سؤالا يطرح بإلحاح. هل يدرك الأهالي مدى المخاطر الجسيمة معنويا وصحيا والتي تلحق بأبنائهم جراء هذا الانجذاب المفرط؟ المخاطر المعنوية تتمحور حول الانعزالية التي يحيط الطفل بها نفسه أمام أي شاشة ناطقة. ولهذا الأمر سلبيات كثيرة قد تصل إلى حد الانطواء وعدم الاكتراث بالتعامل مع الآخرين أو الرغبة في الخروج من المنزل والجلوس بين الناس ولاسيما الأقارب. وبالانتقال إلى الضرر الذي تتركه الشاشة على العيون، فهل السبب ساعات المشاهدة الطويلة أم درجة الاقتراب من الشاشة؟ إلى ذلك، يقول استشاري الأطفال الدكتور علي الهنداوي إن ترك الأطفال لوقت طويل أمام جهاز التلفزيون من دون مراقبة يتسبب بأذيتهم من ناحية النظر والعمود الفقري والركبتين. ويقول «من المعروف أن المشاهدة لساعات متواصلة، تترك أثارا على عيون الكبار كالاحمرار وعدم القدرة على التركيز، فكيف الأمر إذا ما قسناه بالنسبة لصغار السن؟ هو حتما أكثر سوءا ويؤثر مع الوقت على إمكانية النظر بوضوح. وقد تكون له سلبيات كثيرة تصل إلى ضعف في قدرة عمل العين مما يضطر الطفل إلى وضع النظارات». وينصح الهنداوي بالتأكد من أن وضعية الطفل عند المشاهدة صحيحة، بحيث يجلس بعيدا عن الشاشة بما لا يقل عن مترين إلى مترين ونصف إذا أمكن. ويشدد على ضرورة ترك مجال للاستراحة بمعدل كل نصف ساعة من التركيز النظري، سواء بالنسبة للتلفزيون أو الألعاب الإلكترونية أو أجهزة الكمبيوتر. ويؤكد الهنداوي خطورة شراء الألعاب التي لا تحمل تصنيف «وكالة الغذاء والتنمية الأوروبية» أو «وكالة الزراعة والتنمية الأميركية (FDA)». ويذكر أنهما الجهتان الوحيدتان في العالم اللتان تعطيان صلاحية أو عدم صلاحية استخدام أي منتج لأن الانتباه لابد أن يشمل المادة نفسها للعبة. وما دون ذلك يعتبر استهتارا في سلامة الصغار الذين قد يتعرضون للسوء في أي لحظة من جراء الألعاب. ويلفت إلى أن الضرر لا يقتصر على الأمور المباشرة وإنما قد يؤثر سلبا على نفسية الأطفال وشخصيتهم وسلوكاتهم. شروط السلامة مراكز الألعاب بما فيها من وسائل ترفيهية وألعاب قفز تناسب الصغار، تعتبر سيفا ذا حدين. وهي كذلك بما تتضمنه من ألعاب إلكترونية تتناسب مع من هم أكبر سنا. كما أن الدخول إليها لا يفسح المجال لسماع أي نقاش يدور فيها، ولا حتى لإجراء مكالمة هاتفية. فهدير المعدات الترفيهية المصحوبة بالأصوات المرتفعة، هو سيد الموقف. ويذكر سعيد عبدالله، الذي يعمل مشرفا على قسم نشاطات الأطفال في أحد هذه المرافق، أن العمل في مثل هذه المرافق يتطلب الكثير من التركيز والمتابعة ولاسيما خلال الإجازات والمناسبات، حيث يكون أكثر إرهاقا من أي وقت آخر. ويقول «فكلما كان الإقبال كثيفا تطلب الأمر تشديد الصيانة على أجهزة اللعب التي يتم استهلاكها بشكل أكبر». ويشرح أنه تطبيقا لشروط السلامة المتبعة، فإن أي قاعة للعب، لابد وأن تضم في ركن منها أدوات الإسعافات الأولية حتى وإن كانت كافة المعدات الموجودة خاضعة للرقابة وآمنة بأقصى درجات الحرص. ويتحدث عبدالله عن «قسم القفز» الذي يرغب الأطفال بدخوله من كافة الأعمار والذي يتم تجهيزه بالكامل بأدوات إسفنجية واقية، موضحا «هنا يمكن للأهل أن يتركوا أبناءهم وهم مطمئنون بأنهم يمضون وقتهم بمرح لامتناه من دون الحاجة لأن يرافقهم شخص بالغ. أما الأطفال دون الخامسة من العمر، فمن الأفضل أن تتم مراقبتهم لأنهم بالعادة لا يرتاحون إلا بالقرب من ذويهم». وبين مخاوف الأهالي ونصائح المتخصصين، يتفق علماء على حقيقة أن الطفل الذي يختلط بمجتمع فيه من مختلف الأعمار، هو طفل تتفتح لديه طاقات كثيرة بعكس الطفل الذي يبقى معظم الوقت في البيت يرى الوجوه نفسها. وبمعنى آخر، فإن الطفل الذي يسعى أهله إلى انفتاحه على المجتمع ومنعه من التعلق بأمر ترفيهي واحد وحسب، يتمتع بشخصية منطلقة على المحيط الخارجي. وأكثر من ذلك يمكن الملاحظة بأنه طفل اجتماعي وقليل الخجل وأكثر استعدادا لطرح الأسئلة وانتظار الأجوبة التي تعلق في ذهنه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©