الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكايات من التراث

حكايات من التراث
4 سبتمبر 2008 01:09
لما أخبر الهدهد النبي سليمان ''عليه السلام'' أن في سبأ قوماً تحكمهم ملكة ويعبدون الشمس، كتب إليها سليمان كتاباً وأرسله مع الهدهد، فانطلق حتى أتاها وصار بحذاء رأسها وهي على سرير ملكها تنظر إلى طائر من فوقها فألقى الكتاب في حجرها فنظرت إليه ونظر الناس إلى طائر رمى إليها الكتاب، فجمعت أهل الرأي وقالت ما ذكر الله تعالى (قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم· إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم· ألا تعلوا عليّ وائتوني مسلمين) ''النمل: ،29 ''31 فأجابوها: (قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين· قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون· وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون) ''النمل: 33 ،''35 فبعثت وفداً، أربعين رجلاً من رجالها وبعثت معهم بمائة وصيفة ووصيف ولدوا في شهر واحد، لهم ذوائب وقصاص، والزي واحد، وبعثت بمائة فرس نتجت في يوم واحد ألوانها واحدة· وبعثت بحق رصاص فيه من الجوهر والزمرد والياقوت الأحمر والأصفر والأبيض والأسود، ملحم لا يوصل إليه ولا ينكسر· وبعثت بخرزة غير مثقوبة، وكتبت إليه: اثقب هذه الخرزة بغير حديد ولا علاج أنس أو جن· وبعثت إليه بخرزة مثقوبة ثقباً ملتوياً وسألته أن يدخل فيه خيطاً· وقالت للوفد: إن قبل الهدية فهو ملك من الملوك ويهون علينا محاربته، وإن ردها ولم يقبلها فهو نبي، وقد كتبت إليه كتاباً، فادفعوه إليه واسألوه عما في الحق وأن يفصل بين الذكر والأنثى من الوصائف والوصفاء، وأن يميز الخيل وأيها نتج قبل صاحبه وعن الولاء وعن قرابة ما بين ذلك· فلما قدم الوفد إلى سليمان قرأ الكتاب وقال لعلمائه: من يميز بين الجواري والغلمان ولا ينزع ثيابهم؟ فأعلموه أنه لا علم لهم بهم· واشتد إعجابه بما جاءه من قبلها وشق عليه بعض ما سألته عنه· وعلمه الله من حكمته، فدعا بالغلمان والجواري فأمر بطشت فملئ ماء ودعاهم واحداً بعد واحد وقال: اغسلوا أيديكم فكان الغلمان إذا غسلوا أيديهم حدروا الماء حدرا والجواري يصببن الماء صبا، فميزهم على ذلك· ودعا بالخيل، فقال: نتجن في يوم واحد· وقال: هذا خال هذا، وهذا عم هذا، وهذا ابن عم هذا، وابن أخ لهذا· ثم دعا بالخرزة التي لم تثقب فوضعها بين يديه ثم قال لمن حضر: من يثقبها؟ فتكلمت دودة بين يديه فقالت: يا نبي الله أنا أثقبها على أن تجعل رزقي في الخشب· قال: نعم، فلزمت الدودة الخرزة تثقبها حتى خرجت من الجانب الآخر في ثلاثة أيام، ثم انطلقت لرزقها· ثم دعا بالحق فحركه، ثم قال: فيه جوهر عدة الجوهر كذا وكذا، والزمرد كذا وكذا، والياقوت الأحمر كذا، والياقوت الأصفر كذا والأبيض كذا· حتى فرغ من جميع ذلك والوفد ينظرون· ثم دعا بالخرزة الملوي ثقبها وقال لمن بحضرته: أيكم يأخذ هذه الخرزة الملوي ثقبها فيدخل فيها خيطاً؟ فأجابته دودة تكون في الصفصاف وقالت: أنا أدخله فيها على أن تجعل رزقي في الخشب· قال سليمان: ذلك لك فأخذت خيطاً فأوثقته في رأسها ودخلت في الخرزة من ثقبها حتى خرجت من الجانب الآخر ثم انطلقت إلى رزقها في الخشب· ثم إن سليمان ردّ جميع ما أمرت به إليها وقال كما ذكر الله ذلك في كتابه: (أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون· ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بل ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون) ''النمل: ،36 ·''37 ثم قال سليمان حين ولّى الوفد إليها: (أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين، قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين) ''النمل: ،38 ·''39 وكان سليمان إذا أصبح جلس بجلسائه مجلساً يقضي فيه بين الناس ويأمرهم بأمره، فلا يزال فيه حتى يؤذيه حر الشمس· قال سليمان: أريد أعجل من هذا، قال رجل من الإنس، يقال له آصف بن برخيا: قد علمت اسم الله الأكبر وأنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك· لما دخلت بلقيس ملكة سبأ على سليمان، تركها ثلاثة أيام فقال لها قومها: ما تقولين في أمر هذا الرجل؟ أتدخلين في طاعته أم تحاربينه؟ وهل تيقنت أنه نبيّ؟ قالت: سأعلمكم منه ما تعرفون أهو نبي أم ملك من هذه الملوك· انظروا إليه، إذا أنا دخلت عليه فأمرني بالجلوس فهو ملك، فإن الملوك لا يجلس عندهم إلا بإذنهم· وإن لم ينهني ولم يأمرني فإنه نبي· وإني سأسأله عن ثلاثة أشياء لا أشك فيها، فإن أخبرني بها فإنه نبي، وأنا داخلة في أمره ولا طاقة لكم به، وإن لم يخبرني فليس بنبي· فلما دخلت عليه سلّمت عليه وحيّته بتحية الملوك، ثم قامت بين يديه لا يأمرها بالجلوس ولا ينهاها عن القيام، حتى إذا طال ذلك عليها رفع سليمان رأسه لها وقال: ''إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين'' ''الأعراف: ''128 فمن شاء فليجلس ومن شاء فليقم· قالت: الآن علمت أنك نبي·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©