الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة الفنزويلية.. والضغوط الإقليمية

18 يونيو 2017 22:42
مع استمرار حالة الانهيار الاقتصادي وتصاعد حدة الاستياء الشعبي في فنزويلا، يتعزز الاعتقاد السائد الآن بأن التغيير السياسي قد يكون وشيكاً بأقرب مما يتصوّر كثيرون. وربما باتت الطريقة التي سيحدث بموجبها هذا التغيير أكثر وضوحاً. وهناك احتمالان، ينطوي الأول على أمل حدوث انتقال سلمي نحو حكم ديمقراطي، وينطوي الثاني على الخوف من أن تشهد فنزويلا أحداث عنف. وحتى الآن، لم يُظهر نظام الرئيس مادورو أي ميل لإرساء أسس حكم ديمقراطي يمكنه أن ينقذ البلد من أزمته، بل إنه بادر بدلاً من ذلك إلى اعتقال وسجن المزيد من قادة المعارضة، ولجأ إلى العنف من أجل وضع حدّ للمظاهرات التي عمّت أرجاء فنزويلا، وأمر بتنفيذ أحكام قاسية بحق مئات المدنيين داخل المحاكم العسكرية التي أنشأها لهذا الغرض. واليوم الاثنين 19 يونيو، سينعقد اجتماع في المكسيك يشارك فيه وزراء خارجية من دول أميركا الشمالية والجنوبية للخروج بموقف جماعي ضد الممارسات العنيفة لنظام مادورو. وبسبب عناد الرئيس وتمسكه بموقفه، فسيتوجب عليهم التركيز على تحديد أسماء المشاركين في الإجراءات القمعية من أجل محاسبتهم. وسيعتمد احتمال تحقيق الانتقال السلمي للسلطة على مدى رغبة هؤلاء المسؤولين غير الفنزويليين في إبقاء الرئيس في السلطة. وخلال الشهر الماضي، انتشر خبر تسريب تسجيل صوتي سرّي إلى وسائل الإعلام يفيد بأن فريقاً من الجنرالات الفنزويليين، في مركز القيادة العسكرية، كانوا يتباحثون حول هذا الموضوع. وقال أحدهم: «ستأتي اللحظة التي سيتحتم علينا عندها استخدام القناصة ضد المتظاهرين في الشوارع لأن الرئيس لا يمكنه أن يُبقي الأمور على الحال التي كانت عليها في بداية الأزمة، ولا بوسعه أيضاً الاعتماد على الخطط السابقة للتصدي للمتظاهرين المعارضين للحكومة»، وخلال المواجهة العنيفة التي شنتها حكومة مادورو ضد التظاهرات التي اندلعت عام 2014، وعمّت بعض المدن واستمرت لفترة طويلة، لم تبادر النائبة العامة «لويزا أورتيجا دياز» بأي عمل يُذكر ضد انتهاكات القوى الأمنية التي انتشرت على نطاق واسع ضد المتظاهرين، وشملت الاعتقالات العشوائية وممارسة العنف ضد المحتجّين السلميين. بل إن بعض القضاة ذاتهم شاركوا في التحريض على قمع المتظاهرين، وبادروا إلى توجيه تهم جرميّة ضد ضحايا التعذيب والمعارضين السياسيين. والآن، بدأت النائبة العامة ذاتها بالحديث حول حقوق المتظاهرين، واشتكت من استمرار الاعتقالات العشوائية من طرف قوات الأمن، وطلبت من المحاكم الإفراج عن عشرات المعتقلين. وأعلنت يوم 24 مايو الماضي، بعد نشر التسجيل السري للجنرالات، أن مكتبها يحقق بتهم جنائية ضد العشرات من رجال الأمن بسبب انتهاكاتهم لحقوق الإنسان. وبادرت مؤخراً إلى تحدّي الاقتراح الذي عرضه الرئيس مادورو لإعادة كتابة الدستور الفنزويلي. ويمكن تفسير هذا التغير المفاجئ في موقف النائبة العامة ومطالبتها بالاحتكام إلى حكم القانون إلى التغيرات الكبرى التي حدثت على الأرض منذ تظاهرات عام 2014، خاصة منها تزايد الغضب الشعبي على الحكومة، وتردي الأوضاع الاقتصادية، والنقص الحاد في المواد الغذائية والأدوية. وهناك تغير أساسي آخر. فقد بدأ العديد من الحكومات في الأميركتين مؤخراً بالإعلان عن شجبها العلني لنظام كاراكاس. وبعد أحداث عام 2014، فرض الرئيس السابق باراك أوباما عقوبات اقتصادية وتجارية على بعض كبار المسؤولين الفنزويليين المتهمين بممارسات فساد وانتهاك لحقوق الإنسان. وواصلت أيضاً الإدارة الجديدة للرئيس دونالد ترامب العمل بخطة أوباما وفرضت المزيد من العقوبات على المسؤولين الفنزويليين، بما في ذلك أعضاء في المحكمة العليا. وبعد أن التزم رؤساء دول أميركا اللاتينية الصمت على ما يجري في فنزويلا منذ أحداث عام 2014، عمدوا أخيراً إلى حلّ عقدة لسانهم، وفي شهر مارس الماضي، أصدر رؤساء دول البرازيل والتشيلي والمكسيك والبيرو بياناً مشتركاً يدعو فنزويلا إلى الالتزام بتنفيذ ثلاث خطوات باتجاه إرساء أسس الحكم الديمقراطي، وهي: إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتنظيم انتخابات عامة، وإعادة العمل بقواعد الفصل بين السلطات الثلاث: التشريعية والقضائية والتنفيذية. * مديران إداريان في فرع الأميركتين لمنظمة حقوق الإنسان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©