الزي الشرقي الرجالي يطرح بديلاً قوياً للأناقة الأوروبية

بعد سنوات من هيمنة الملابس الرجالية ذات الطراز الأوروبي الغربي وتنوعها ما بين البدلة والقميص والبنطلون، بدأت رياح التغيير تهب في المواسم الأخيرة حيث عمل مجموعة من المصممين الآسيويين على قلب المعادلة، ليعودوا بموضة الأزياء الهندية والبنجابية للرجال، ويحولها من مجرد زي تقليدي خاص بمنطقة معينة، إلى أسلوب عصري يميز أناقة الرجل أينما كان. المتتبع لأسابيع الموضة على مستوى العالم، سيلاحظ حضورا قويا لهذا الطراز الآسيوي في تصميم الملابس الرجالية، حيث ظهرت مؤخرا على منصات “الكات ووك” في كبريات عواصم الأزياء العالمية، مثل أسبوع نيويورك، وروما، ودبي، ونيودلهي، وكراتشي. ويبدو أن حمى هذه الموضة آخذة بالامتداد والانتشار ما بين الجيل المعاصر والشاب، الذي يبحث عادة عن الموديل السبورشيك، الكاجول، والعملي. وربما يعود سبب هذا الجنوح نحو آسيا، والاهتمام المتزايد من قبل دور الأزياء بابتكار خطوط حديثة وإدخالها على إسلوب الملابس، هو استشعار هؤلاء المصممين بحاجة السوق لمفهوم مختلف وبديل جديد للشكل الأوروبي والغربي الكلاسيكي المعروف للرجال، خاصة في تلك المناطق التي تتمتع بأجواء مناخية حارة ومشمسة، إذ يقدم هذا الطراز الهندي أو الباكستاني حلولا عملية ومريحة للأناقة الرجالية، حيث تمتاز قصَاته بالانسيابية والرشاقة مع غنى واهتمام بالتفاصيل خاصة عند الصدر والأكمام. اهتمام عالمي برزت في الآونة الأخيرة، أسماء معروفة ومتميزة في تصميم الأزياء الرجالية الآسيوية، ومنها على مستوى الهند مثلا المصمم ذو الأسلوب الحيوي روهيت بال، الذي عرف بمصمم المشاهير والنجوم، والمبدع العالمي جي جي فالايا، وأشيش سوني، وراجيش براتاب سينج، ورينا داكا، وتارون تاهيلياني، وغلبت على معظم مجموعاتهم لموسمي 2010/ 2011 القادمين، لمسات شرقية وإيحاءات تاريخية مختلفة، تمتد من بداية حضارة مملكة مقدونيا ووصولا إلى إمارة راجاستان، مع نجاح هؤلاء المصممين في إيجاد تناغم وانسجام ما بين الخطوط الغربية المعاصرة والروح الشرقية الأصيلة. وتراوحت موديلاتهم ما بين النمط الفرنسي القديم إلى الملابس الهندية المعاصرة، كما اشتملت على كافة أنواع الموديلات، ومنها زي الكورتا التراثي، والصدريات، والبنطلونات الواسعة والضيقة، السترات، وزي الشيرواني التقليدي بألوان حميمية مثل الأحمر، والأخضر، والنبيذي، والأرجواني الداكن، والبرتقالي، والبني الشوكلاه، مع اكسسوارات مبتكرة كالقبعات المخملية، والحقائب الجلدية الكبيرة، وأحذية مدببة مع أوشحة مطبعة تلتف حول الرقبة. لمسة ملكية امتاز أسلوب المصممين شانتانو، ونيخيل في موضة الأزياء الرجالية لهذا الموسم باللمسة الملكية، والشكل التاريخي المتضمن استشراقات غنية من عصر الأسكندر الأكبر، وعصور الرومان القديمة، مدخلين موضة الكابات المزخرفة، والبنطلونات الواسعة، والصنادل ذات الأربطة (جلاديتر) على غرار المصارعين في ذلك العصر، مع الحزام الجلدي المزخرف، لاستكمال المظهر الرجولي لتلك الحقبة. ومن الباكستان تميز المصمم الشاب حسان شهريار ياسين، في خطه الرجالي ووصل إلى درجة عالية من الحرفية والنضوج الفني، فقدم خلال مجموعته الأخيرة بصمته المتفردة والمعبرة بشكل واضح عن أسلوبه الخاص في أناقة الرجل المعاصر، معتمدا على طرازه الشرقي المستمد من كنوز حضارية وثقافية من تاريخ وتراث بلده الباكستان وكل ما تمثله من جمال وغنى في أزيائها التقليدية، مع مزجها بذكاء وحرفية بخطوط مبتكرة وحديثة، لتدخل ضمن أحدث اتجاهات الموضة العالمية، فحملت خطوطه لمسات راقية من الفرادة والثراء، دون أن تخلو من روح البساطة والعملية التي يفضلها جيل المعاصر، ليهديها للرجل الشرقي الحساس، والمعطاء، الذي يعرف ماذا يريد وما يتوقع من الحياة.