السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قطاع غزة: كارثة إنسانية وعقاب جماعي

قطاع غزة: كارثة إنسانية وعقاب جماعي
19 يونيو 2010 13:37
اثنان من مواطني القطاع في المتوسط يموتان يومياً بسبب أمراض يستدعي علاجها الحصول على إذن للسفر نحو الخارج -------------------------- إدموند ساندرز -غزة ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور" --------------------------------------- في أعقاب الهجوم الشرس الذي شنته إسرائيل في الحادي والثلاثين من مايو المنصرم على سفن أسطول الحرية، وجهت انتقادات غير مسبوقة إلى الحصار الذي ظلت تفرضه الدولة العبرية على قطاع غزة منذ ثلاث سنوات. فبالإضافة إلى الحصار البحري على القطاع، تفرض كل من مصر وإسرائيل قيوداً مشددة على حركة البضائع والأفراد عبر حدودهما. ويتأثر بهذه القيود حتى المرضى الفلسطينيون الذين تضطرهم ظروفهم وحالاتهم المرضية إلى السفر للعلاج خارج القطاع. ومن جانبها تدافع إسرائيل عن سياساتها المطبقة وتصفها بالضرورية لمنع وصول الصواريخ وغيرها من الأسلحة إلى مقاتلي حركة "حماس"، خاصة الحركة التي تسيطر على القطاع تواصل تمسكها بعدم الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود. ويصف المسؤولون الإسرائيليون التقارير الواردة عن تردي الأوضاع الإنسانية في القطاع بأنها مبالغ فيها. بل نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي وجود أزمة إنسانية أصلاً في القطاع. جاء ذلك خلال لقاء تلفزيوني له أجري مؤخراً. لكن حسب رأي الخبراء فإن توصيف الوضع الحالي في القطاع ليس بالأمر السهل. فعلى حد قول "كريس جانيس"، الناطق الرسمي باسم وكالة الغوث والأشغال التابعة للأمم المتحدة، وهي الوكالة التي تقدم المعونات للاجئين الفلسطينيين: "نحن لا نتحدث هنا عن كارثة طبيعية ناشئة عن فشل موسم الأمطار. فالذي نقصده أن غزة ترمز إلى كارثة سياسية ذات أبعاد وعواقب إنسانية مثيرة للقلق". وعليه، فهناك من يحاجج بالتحسن المطرد لمستويات الإعمار في القطاع. لكن يلاحظ آخرون أن عدد القتلى من المدنيين في القطاع أثناء الحملة العسكرية التي نفذتها إسرائيل قبل 18 شهراً، يزيد عن مجموع عدد القتلى المدنيين في إقليم دارفور السوداني طوال العام الماضي 2009. وصحيح أيضاً أن أمراض سوء التغذية لا تزال أبعد من أن توصف بأنها حالة طارئة مثيرة للقلق. لكن في الوقت نفسه يتزايد اعتماد أعداد أكبر من الغزيين على المساعدات الغذائية الدولية، أكثر مما يفعل الصوماليون. ومن ناحيتهم، لا يبلغ المسؤولون الصحيون عن انتشار أوبئة الكوليرا والحصبة والإسهالات. ومع ذلك فإن نسبة تلوث المياه في القطاع تصل 90 في المئة، وهي نسبة تجعلها غير قابلة للشرب. وفي المتوسط يلقى اثنان من مواطني القطاع يومياً حتفهم تحت تأثير الأمراض التي تستدعي الحصول على إذن للسفر نحو الخارج، بسبب البيروقراطية والقيود المشددة المفروضة على هذه الإجراءات، وفقاً لإحصاءات منظمة الصحة العالمية. وعلى حد وصف محمود ظاهر، رئيس مكتب منظمة الصحة العالمية في غزة، فإن هذه ليست من نوع الكوارث التي يشاهدها الناس في المناطق الأخرى من العالم. فالقطاع يظل على حافة الكارثة دائماً. ومن دون تقديم المساعدات اللازمة من المجتمع الدولي، فإن من السهل أن يتحول الوضع الحالي إلى كارثة حقيقية. وبين العبور على امتداد نصف ميل إلى محطة تفتيش "إريز" والوصول إلى غزة، ليس هناك سوى التضاد الصارخ. ففي الجانب الإسرائيلي هناك مراكز التسوق والإشارات المرورية. أما في قطاع غزة فهناك العربات التي تجرها الحمير وقطعان الأغنام التي تعبر الشوارع. وفي وسع المرء أن يرى الصبية والأطفال الصغار وهم ينبشون ركام وحطام المباني التي هدمتها القنابل الإسرائيلية بحثاً عما تبقى من مواد المباني. وفي ممرات الشوارع الجانبية، عادة ما ترى العاطلين وأصحاب المحال التجارية وهم يدخنون ويرشفون أكواب الشاي بحثاً عن زبائن نادراً ما يأتون. وفي الوقت نفسه تنتشر في القطاع كثير من مظاهر الحياة الطبيعية. فالمحال التجارية تكتظ بالمواد الغذائية والإلكترونيات والأثاثات والملابس، وهي بضائع يتم تهريب معظمها من مصر عبر الأنفاق السرية. وتقدم المقاهي المنتشرة في القطاع مختلف المشروبات. كما وصلت مؤخراً قافلة من سيارات هيونداي موديل 2010 إلى القطاع. وفي موسم العطلات المدرسية الصيفي الحالي، عادة ما تخرج العائلات إلى الشاطئ من أجل النزهة والترفيه وتناول المأكولات والمشروبات والمرطبات خارج المنازل. لكن لننتقل إلى مستشفى الشفا، حيث يحدثنا مديرها العام الدكتور حسين عاشور، عن أن الوضع في مؤسسته الصحية المكتظة بالمرضى أبعد من أن يكون طبيعياً. ذلك أن المستشفى تصارع من أجل الإبقاء على أبوابها مفتوحة أمام المرضى في ظل القيود التي تفرضها إسرائيل ومصر على عبور المواد والمعدات الطبية اللازمة. فقد ظل قسم الرنين المغناطيسي مغلقاً منذ عام كامل بسبب عدم تمكنه من الحصول على قطع الغيار اللازمة لإصلاحه. وهناك نقص حاد في الأصباغ الطبية التي تستخدم في تشخيص أمراض السرطان، وكذلك نقص مماثل في البطاريات المستخدمة في أجهزة غسيل الكلى. ولا تقل مدة انتظار المرضى للعمليات غير الطارئة مثل إزالة الفتاق واللوزات عن 18 شهراً. ومنذ بدء الحصار تقلص اقتصاد غزة المحلي الضعيف أصلاً. وبالنتيجة أصبح يعيش نحو ثلثي سكان القطاع تحت خط الفقر، بينما تتجاوز معدلات البطالة بين الشباب 40 في المئة. إلى ذلك أغلق ما يزيد على 95 في المئة من مصانع القطاع أبوابها. ليس ذلك فحسب، بل تدهورت صناعة صيد الأسماك التي ظلت مزدهرة على الدوام، إلى حد أرغم المواطنين على الاعتماد على المعونات الغذائية الخارجية. وعلى حد قول "ساري باشي" -رئيس منظمة "جيشا" الإسرائيلية المدافعة عن مواطني قطاع غزة- فإن الهدف هو ممارسة ضغط مستمر على "حماس" عن طريق تخريب الاقتصاد المحلي. وهذا ما يجب وصفه بأنه عقوبة جماعية لسكان القطاع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©