الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: الإسلام لا يرفض ظاهرة سيدات الأعمال

العلماء: الإسلام لا يرفض ظاهرة سيدات الأعمال
13 ابريل 2012
أكد علماء الأزهر أن الدين الإسلامي لا يمنع عمل المرأة بالتجارة، وأن ظاهرة سيدات الأعمال التي انتشرت في كثير من الدول العربية لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، التي أباحت للمرأة الحق في إدارة الأعمال والبيوع وتوقيع العقود بأهلية كاملة. وقال علماء الدين إن السيدة خديجة رضي الله عنها اشتغلت بالتجارة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينكر ذلك وأدار تجارتها وأموالها في الأسواق، وأن نصوص الشرع الحنيف، في عمومها لا تمنع المرأة من مباشرة الأعمال التجارية، أو أن تكون المرأة المسلمة من سيدات الأعمال. (القاهرة) - نبه علماء الدين إلى أن الاستقلال المالي للمرأة التي تشتغل بالتجارة، أمر كفله الشرع، وان الزوج لا يملك الحق في طلب المساعدة المالية من زوجته بغير إذنها. ويقول الدكتور عبد الفتاح إدريس - أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر- إن الإسلام كفل للمرأة ذمة مالية مستقلة عن ذمة زوجها أو وليها، يكون لها بمقتضاها إلزام الآخرين بعبارتها والالتزام بعبارة الآخرين، والتزامها بآثار العقود والتصرفات التي تكون طرفا فيها، فتكون لها أهلية آداء كاملة، تصلح بمقتضاها لإبرام كافة العقود والتصرفات وإنفاذها، بلا توقف على إذن أحد أو إجازته، ولها حق مباشرة العقود والتصرفات والبيع والابتياع، دون رجوع إلى أحد للحصول على إذن وقد مارست النساء في الإسلام الأعمال التجارية المختلفة، وعرف من بينهن أم المؤمنين السيدة خديجة، رضي الله عنها، فقد كانت لها تجارة واسعة، وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من الذين ضاربوا لها بمالها، فلما بعث، صلى الله عليه وسلم، بالدين الحنيف لم ينكر ذلك، وهذا خير دليل على أن للمرأة ذمة مالية مستقلة، تكون بها أهلا للإلزام والالتزام، وأن لها مباشرة الأعمال التجارية المختلفة بيعا وشراء وكراء ورهنا وغيرها. مباشرة العقود والصفقات ويؤكد إدريس أن نصوص الشرع الحنيف، في عمومها لا تمنع المرأة من مباشرة الأعمال التجارية، أو أن تكون المرأة المسلمة من سيدات الأعمال، ومن هذه النصوص، عموم قول الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون”، ولفظ المؤمنين أو الذين آمنوا يشمل بعمومه الرجال والنساء، وقد خاطب الله تعالى في هذه الآية النساء ضمن من خاطبهم بها، فأمرهن بترك البياعات حين النداء لصلاة الجمعة، ويعد هذا خير دليل على أن الإسلام لم يمنع المرأة من مزاولة الأعمال التجارية، ومن الآيات الدالة على ذلك أيضا آية المداينة من سورة البقرة، فقد صدرت بقول الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه”، وآية المداينة تدل على جواز إجراء الأعمال التجارية، وعلى جواز الإقراض، وما يلزم لهذه التصرفات من توثيقها بالإشهاد عليها أو كتابة صك بها، حتى لا يكون ثمة نكران أو جحود، وقد خاطب الله تعالى بها الذين آمنوا كذلك، فيدخل في عمومها النساء حيث يجوز لهن القيام بهذه الأعمال الواردة في الآية الكريمة، ويدل على هذا أيضا قول الحق سبحانه “يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود”، والأمر في الآية بالوفاء بالعقود متوجه إلى كل الذين آمنوا، فيشمل بعمومه الرجال والنساء، وتدل الآية على أن للمرأة البالغة العاقلة أهلية مباشرة العقود والتصرفات والصفقات المختلفة، ويجب عليها تبعا لذلك الوفاء بما تقتضيه هذه العقود والتصرفات، من التزامات متقابلة على كل طرف فيها في مقابلة الآخر. المرأة الموظفة وبينما يحتج بعض علماء دين بأن ظاهرة سيدات الأعمال دخيلة على المجتمع الإسلامي يرى الدكتور محمد رأفت عثمان -عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية الشريعة بالأزهر سابقاً - أن المرأة لها دورا في المجتمع لا يقل أهمية عن الدور الذي يقوم به الرجل في شتى المجالات التي تستطيع القيام لها ولا تتعارض مع طبيعة المرأة، وهو حق شرعي لها مع الأخذ بعين الاعتبار ماهية هذا العمل فالقوانين العربية مثلا نصت على انه يحق للمرأة العمل بكافة الأعمال التي توافق طبيعتها، ويجب مراعاة طبيعة المجتمع الذي تعيش فيه. ويضيف الدكتور رأفت عثمان أن الإسلام ضمن للمرأة حياة السعادة والتقدم إن هي التزمت خط الإيمان، وسلكت طريق العمل الصالح كالرجل تماماً: “من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة” وأي عمل تقوم به المرأة لله تعالى فلا ينكر لها جزاؤه وثوابه، فعمل المرأة له الأجر كعمل الرجل عند الله لأنهما من مصدر واحد وعلى مستوى واحد، وفي ذلك يقول الله تعالى: “فاستجاب لهم ربهم إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض”، والمرأة شريكة الرجل في الجنة كما هي شريكته في دار الدنيا، وفي ذلك يقول الله تعالى: “ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة”. الزوجة الصالحة وإذا كان الدين الإسلامي يبيح للمرأة العمل والاشتغال بالتجارة فإن الدكتور أحمد عمر هاشم -عضو مجمع البحوث الإسلامية وأستاذ الحديث بجامعة الأزهر- لا يرى مانعا من الزواج من صاحبة المال مدللا على ذلك بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: “تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك” ويقول: الدين هو أهم المطالب التي ينبغي على راغب الزواج أن يجعله نصب عينيه، فيتخير الزوجة الصالحة ذات الدين فهي التي تعينه على دينه ودنياه وآخرته، وتصون شرفها وعفافها، وتحفظ على زوجها كرامته، فيأمن معها ويسكن إليها، وتشرق بينهما المودة والرحمة، لذا نهى الإسلام عن أن تكون مطالب الحسن أو المال مقصودة لذاتها، فإن الزوج لا يأمن معها غائلة الفتنة، فقد يهلك المرأة حسنها وقد يطغيها مالها، روى ابن ماجة بسنده عن عبدالله بن عمرو: “لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأَمة سوداء ذات دين أفضل”، وكما حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الزواج لأجل الجمال أو المال من دون مراعاة الدين، ورغب في الزواج من المرأة الصالحة المتدينة الجميلة الأمينة ورسم الصورة المشرفة للزوجة المثالية في المجتمع الإسلامي، فقال صلى الله عليه وسلم: “خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا أقسمت عليها أبرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك”، وإذ تحقق مطلب الدين في المرأة - كما يقول الدكتور أحمد عمر هاشم - فلا مانع أن يجتمع معه المال أو غيره من الجمال والحسب، أما مراعاة المال وحده دون الدين فهذا ما نهى عنه الإسلام، وحذرت منه الأحاديث السابقة، وكذلك الحال بالنسبة للحسب أو الجمال، فلا ينبغي أن يكون المال وجهة المسلم التي يقصدها من وراء الزواج من سيدة تشتغل بالتجارة، ويجب على المسلم أن يسمو بالزواج وحكمته بعيدا عن المادة. استقلال الذمة المالية يقول الدكتور أحمد عمر هاشم، محذراً من المساس بمال الزوجة من دون إذنها،: لا تفرق أحكام الشريعة الإسلامية في التعامل المالي والاقتصادي بين الرجل والمرأة، ولكل منهما شخصيته الكاملة المؤهلة لكل تعامل مالي يبيحه الإسلام، كما أن الذمة المالية كفلها الإسلام للمرأة مستقلة عن الرجل سواء كان أباها أو زوجها أو أحد أقربائها، وليس من حق الزوج إجبار زوجته على مساعدته ماليا أو الإنفاق عليه، وإنما يجب أن يكون القرار بكامل إرادتها من دون التعرض لأي ضغوط، وإذا مارس الزوج أي ضغوط فهو آثم شرعاً، لأن الإنفاق عليه ليس من حقوقه الشرعية عليها، وإنما إن فعلت تثاب على ذلك، وإن لم تفعل لم تأثم ولا تعتبر ناشزا لرفضها طاعته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©