الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء.. حصن الأمة والملاذ في المحن والفتن

العلماء.. حصن الأمة والملاذ في المحن والفتن
24 ابريل 2014 20:55
شدد علماء الأزهر على ضرورة توقير العلماء، وإعطائهم المكانة اللائقة بهم، وعدم النيل منهم، أو تشويههم، أو الإساءة إليهم، مؤكدين أن العلماء حصن الدفاع الأول عن الأمة، بمعتقداتها وشرائعها، ولن تنهض الأمم إلا بالعلماء، لذا فقد استحقوا المكانة العالية في الإسلام، ونالوا عن جدارة وراثة الأنبياء. وقد أكد علماء الأزهر أن العلماء في أوقات الصراعات والخلافات مطالبون بالعمل على توضيح الحقيقة، ونصح الجميع بأن يسيروا في الخط الذي رسمه الله لعباده ودعا إليه نبينا محمد، والعمل في صف واحد من أجل مصلحة المسلمين ودرء الخطر عن دينهم وبلادهم. أحمد مراد (القاهرة) يقول الدكتور عبدالحكم الصعيدي، الأستاذ بجامعة الأزهر: الإسلام الحنيف جعل للعلماء مكانة رفيعة، ومنزلة عالية، حيث تقتص آثارهم، ويقتدي بأفعالهم، وقد علت مكانتهم وعظم شأنهم وقدرهم كما قال الله تعالى: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ»، وحقوق أهل العلم يجب أن تكون محفوظة لهم حيهم وميتهم، شاهدهم وغائبهم بالقلوب حبا واحتراما، وباللسان مدحا وثناء، مع الحرص على التزود من علومهم، والإفادة من معارفهم، والتأدب بآدابهم وأخلاقهم، والبعد عن النيل منهم أو اللمز لهم أو الوقيعة فيهم فإن ذلك من أعظم الإثم وأشد اللؤم، والواجب على المسلم أن يحفظ للعلماء قدرهم، ويعرف لهم مكانتهم، وينزلهم منازلهم، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه». دعوة الأمة وإرشادها ويصف د. الصعيدي العلماء بأنهم حجة الله في الأرض، وأعلم بما يُصلح المسلمين في دنياهم وأخراهم لما آتاهم الله من العلم، ولما حباهم به من الفقه والفهم، فهم لا يلقون الأحكام جزافا، ولا يصدّعون صفوف المسلمين، ولا يكتمون الحق على الناس غمطا لهم أو تكبرا، ولهذا أمر الله بالرجوع إليهم دون غيرهم، وسؤالهم دون سواهم وهذا في آيٍات كثيرة في القرآن منها قوله تعالى: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، وقوله تعالى: «وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لَعَلِمَه الذين يستنبطونه منهم»، وهذه دعوة للمسلمين بأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة فيما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يثبتوا ولا يستعجلوا بل يردوا ذلك إلى الرسول والرد إليه صلى الله عليه وسلم هو الرد إلى سنته، وإلى أولي الأمر منهم أي أهل العلم والنصح والعقل. ويؤكد أن العلماء هم الذين لهم الصدارة في دعوة الأمة وتوجيه مسارها وإرشادها، وإن لم يكن الأمر كذلك اتخذ الناس أشخاصا جهالا فأفتوهم بغير علم ودلوهم بغير فهم، وعندئذ يحل الوهن ويعظم الخلل وتغرق السفينة، يقول ابن مسعود رضي الله عنه «عليكم بالعلم قبل أن يقبض وقبضه بذهاب أهله.. عليكم بالعلم فإن أحدكم لا يدري متى يفتقر إلى ما عنده وستجدون أقواما يزعمون أنهم يدعون إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم وإياكم والتبدع والتنطع والتعمق وعليكم بالعتيق». حصن الدفاع الأول ويوضح الدكتور القصبي زلط، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن العلماء حصن الدفاع الأول عن الأمة، بمعتقداتها وشرائعها، ولن تنهض الأمم إلا بالعلماء، لذا استحقوا المكانة العالية في الإسلام، ونالوا عن جدارة وراثة الأنبياء وهو فضل لا يعطى إلا لمن هو أهل له، وقد حرص الإسلام منذ البداية على توقير العلماء، وإعطائهم المكانة الخاصة بهم، والتحذير من النيل منهم، أو تشويههم، أو الإساءة إليهم. ويقول: للعلماء مكانة عظيمة حفظها لهم الشرع، لعظم قدرهم في الأمة، فطاعتهم طاعة لله عز وجل وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتزام أمرهم واجب، قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم...»، وقال ابن عباس رضي الله عنه في تفسير أولي الأمر منكم: «يعني أهل الفقه والدين وأهل الله الذين يعلمون الناس معاني دينهم، ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر، فأوجب الله طاعتهم». ويضيف زلط: وأدلة بيان منزلة العلماء في الشريعة كثيرة، من بينها، شهادة الخالق سبحانه لهم على أعظم مشهود وهو التوحيد، قال تعالى: «شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم»، فضلا عن أن العلماء هم الوسيلة والطريق لتبيين الأحكام الشرعية فهذا العلم يتوارثه أهله فيأخذه الخلف عن السلف بالتلقي، وهؤلاء العلماء يبينون أحكام الله عز وجل للناس، ومن فضل العلماء أيضا أنهم أهل الفهم عن الله عز وجل قال الله تعالى: «وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون». شرف عظيم لهم وقال زلط: العلماء أيضا أهل الخشية من الله عز وجل، وهذا شرف عظيم لهم، يقول الله تعالى: «إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء» وقال ابن كثير -رحمه الله: «أي: إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى كانت المعرفة به أتم، والعلم به أكمل وكانت الخشية له أعظم وأكثر»، كذلك هم ورثة الأنبياء وهم المفضلون بعد الأنبياء على سائر البشر، كما أن نجاة الناس منوطة بوجود العلماء فيهم، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينزعه من العلماء ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبْق عالم، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا». وتشدد الدكتورة إلهام شاهين، الأستاذ بجامعة الأزهر، على أن العلماء مطالبون بالاهتمام بكل مصيبة تحل أو نكبة تقع وتذكير الناس وبيان ما وقعوا فيه وأن يكونوا هم القدوة الصالحة في العمل الصالح والبحث عن مسببات غضب الله ونقمته وعلاجها بالتوبة والاستغفار وإصلاح الأوضاع وإذا استمرأ المسلمون المعاصي ولم ينكرها من بيده الأمر والحل والعقد وهم العلماء يوشك أن يعم الله الأمة بغضب منه وإذا وقع غضب الله وحلت نقمته فإن ذلك يشمل المحسن والمسيء فقال الله سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ»، وعلى العلماء بالذات مسؤولية كبيرة أمام الله في تبصير الناس وإرشادهم وبيان الصواب من الخطأ والنافع من الضار. توضيح الحقيقة تضيف الدكتورة إلهام شاهين، قائلة: واجب العلماء في وقت الصراعات والخلافات توضيح الحقيقة، ومناقشة كل جماعة، ونصح الجميع بأن يسيروا في الخط الذي رسمه الله لعباده ودعا إليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن تجاوز هذا واستمر في عناده لمصالح شخصية أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله فإن الواجب التشهير به والتحذير منه ممن عرف الحقيقة حتى يتجنب الناس طريقهم وحتى لا يدخل معهم من لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه ويصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله باتباعه في قوله جل وعلا: «وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»، وكثرة الفرق والجماعات في المجتمع الإسلامي أمر يحرص عليه الشيطان وأعداء الإسلام من الإنس لأن اتفاق كلمة المسلمين ووحدتهم وإدراكهم الخطر الذي يهددهم ويستهدف عقيدتهم يجعلهم ينشطون لمكافحة ذلك، والعمل في صف واحد من أجل مصلحة المسلمين ودرء الخطر عن دينهم وبلادهم وإخوانهم مسلك لا يرضاه أعداء الأمة فلذا هم يحرصون على تفريق كلمة المسلمين وتشتيت شملهم وبذر أسباب العداوة بينهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©