الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

من قلب حلب.. «إذا غادرنا المدينة اعتبروا أن الثورة انتهت»

من قلب حلب.. «إذا غادرنا المدينة اعتبروا أن الثورة انتهت»
5 أغسطس 2016 00:08
بيروت (أ ب) مع دخول الحرب الأهلية في سوريا عامها السادس، أحكمت قوات الحكومة السورية، مدعومة بالقوات الجوية الروسية، الخناق مرة أخرى على مقاتلي المعارضة في حلب، وعلى مناطقهم التي يسيطرون عليها في الأحياء الشرقية، حيث كانوا يأملون في إقامة عاصمة بديلة للمعارضة التي لا يزال مسلحوها يقاومون في معركتهم الأخيرة. ويقول المحامي السوري محمد الخندقاني، البالغ من العمر 28 عاماً، والذي تخلى عن منحة دراسية لدراسة الاقتصاد في ألمانيا كي يبقى في مسقط رأسه حلب بعد أن استحوذت عليها قوات المعارضة في 2012: «كان لدي أمل في أن تأتي إدارة جديدة تحمل معها الخلاص من نظام بشار الأسد». لكن بعد أربع سنوات من الحصار بين أطلال أكبر المدن السورية، والتي كانت ذات يوم قلباً تجارياً نابضاً، بات حلم الخندقاني بعيد المنال بعد أن أغلقت قوات النظام السوري، بمساعدة جوية روسية، شريان الحياة للمنطقة التي تسيطر عليها المعارضة بعد أسابيع من القتال الضاري. وأوضح الخندقاني، أن حالة الحصار والإهمال من المجتمع الدولي الذي يزعم مساندة قوات المعارضة جعلته مجرداً من «الشعور الضئيل بالاستقلال والحرية»، مضيفاً: «إن كل ما يخاف عليه الآن هو طفلاه وزوجته ووالدته وأقاربه الآخرون». والخندقاني، الذي يعمل متطوعاً مع المجلس الطبي في المدينة ويوثق خسائر الحرب، هو من بين عشرات آلاف السوريين المحتجزين في الجزء الذي تسيطر عليه قوات المعارضة من حلب، ويناضلون للبقاء من الحصار الخانق على مدينتهم التي كانت مزدهرة في غابر الأزمان. ويتم الآن ترشيد تناول الخبز والدواء، وبينما بدأ الوقود في النضوب، يعتمد المتطوعون على الدراجات الهوائية في القيام بمهامهم مروراً بهياكل المباني والأطلال التي تراكمت في أزقة وحارات وشوارع المدينة. وبالنسبة إلى هؤلاء الذين بقوا وسط حصار القوات الحكومية الأخير الذي بدأ في السابع عشر من يوليو الماضي، تعتبر معركة حلب نقطة مفصلية في الحرب الأهلية السورية. وقال «الخندقاني»: «لقد رأيت أشكال الموت كافة، فشاهدت الناس يختنقون ويحترقون ويفقدون تحت الأنقاض»، مضيفاً: «أفضل الموت على أن أعيش في المنفى أو أن أعيش تحت سطوة ذلك النظام مرة أخرى». ولطالما كانت حلب، بتاريخها الممتد إلى آلاف السنين، ذات أهمية رمزية وسياسية في الحرب الأهلية التي تمر بها سوريا. وبزغت المدينة كميدان رئيس للمعركة بعد أن استحوذت قوات المعارضة التي تواجه نظام بشار الأسد على أجزاء منها في صيف العام 2012. ومنذ ذلك الحين، امتدت المعارك الضارية إلى أحياء حلب كافة، وحولت المدينة إلى أجزاء يسيطر عليها النظام وأخرى تسيطر عليها المعارضة، بينما قتل عشرات الآلاف من سكانها وأجبر عشرات الآلاف على الفرار بأرواحهم. ووصف عبدالسلام عبدالرازق، المتحدث باسم جماعة «نورالدين زنكي» المعارضة بعد زيارة أخيرة للمدينة قائلاً: «كنت وكأنني أمشي في شوارع هيروشيما، فقد كانت حلب أشد دماراً وأكثر سوءاً مما يظهر على شاشات التلفاز»، وتفصل أكوام الرمال والمباني المهجورة المليئة بثقوب الرصاص بين المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في الغرب والجنوب وتلك الخاضعة للمعارضة في الشرق والشمال. وفي الجزء الشرقي من المدينة، لم يتبق سوى القليل من علاج الربو لدى طبيبة النساء الوحيدة المتبقية لعلاج والدتها المسنة، ولا تكاد تستطيع تحمل أسعار الغذاء المرتفعة منذ أن طوّقت القوات الحكومية المنطقة التي تعيش فيها. وربما تضطر الطبيبة التي كشفت عن اسمها الأول فقط، فريدة، إلى حماية أفراد أسرتها الذين يعيشون في منطقة تسيطر عليها الحكومة، بوقف عملها الطبي. ورغم ذلك ليست لدى فريدة، البالغة من العمر 37 عاماً، أية خطط للرحيل، وتؤكد: «إذا أخلينا المدينة، اعتبروا أن الثورة قد انتهت».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©