الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ظمآن.. لا يرتوي!

8 نوفمبر 2009 23:26
ليس أسوأ من الطمع سلوكا، ولا من الجشع أسلوب حياة، ليس أكثر بشاعة من إنسان لا يكفيه «نصيبه»، على كثرته وثرائه ووفرته، فيطمع في نصيب الآخرين على «قلته»، يأكل أكثر من حاجته حتى لا يفيض من طعامه ما يسد جوع جائع، يأخذ ما له وما لغيره، فلا يقنع ولا يرضى. قال صديقي الطبيب «الحكيم»، بعد أن وضع «نظارته» على الطاولة، ربما ليريح عينيه من رؤية الأشياء: الطماع إنسان مريض يستحق الرثاء قبل الهجاء، مريض عضوياً وليس نفسياً فقط. قال الدكتور يحيى بلبع عالم القلب وعاشقه: الطمع يقود إلى قائمة مخيفة من الأمراض العضوية ذات المنشأ النفسي، وما أكثرها وأصعبها وأخطرها، فالطماع لا يشعر أبداً بالقناعة، لا يستمتع بمشاعر الرضا، لا يعرف التسامح، لا تعرف الرحمة طريقاً إلى قلبه، وفي الطب الحديث تتصدر المشاعر الإيجابية عوامل السلامة الصحية.. القناعة والرضا والتسامح، عناوين لسكينة النفس، والسكينة هي المظلة التي يستظل بها البدن من هجير الحياة وضغوطها.. والطماع محروم من كل هذه المشاعر النبيلة الجميلة.. ومحروم من سكينة النفس وسلامة البدن. بعد أن نحى جانبا موسوعة القوانين التي أمامه، ربما ليستريح من السباحة المرهقة في بحور «الجنائي والمدني والإداري والدستوري»، قال صديقي المستشار طلبة الجزار، أحد أعلام القانون وعلمائه: مشكلة الطماع أنه لا يشبع، هو جائع حتى لو خنقته التخمة، يكابد الظمأ حتى لو شرب المحيط، يعدو حتى تنقطع أنفاسة فلا يصل أبدا، لأنه لا يعرف لماذا يعدو ولا إلى أين يتجه. يضيف، بعد أن سحب كتاباً «قديماً» من مكتبته، وثبت «نظارة» القراءة على أرنبة أنفه، في «حديث أرواح» يقول جبران خليل جبران: رأيت وحشاً على جزيرة جرداء، له رأس بشري و«حوافر» من حديد، كان يأكل من الأرض ويشرب من البحر بلا انقطاع.. فدنوت منه وسألته «ألم تبلغ كفافك بعد؟، أليس لجوعك من شبع أو لظمئك من ارتواء؟».. فأجابني «نعم، لقد بلغت كفافي، بل لقد مللت الأكل والشرب، ولكني أخاف أن لا تبقى إلى غد أرض لآكل منها وبحر لأرتوي من مائه». صلاح الحفناوي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©