الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جموح الشباب والتعامل الإنساني

جموح الشباب والتعامل الإنساني
15 يونيو 2017 20:39
لدينا مشكلة في التعامل مع تدين أو عدم تدين الشباب، وما يزيد منها أنهم العنصر المؤثر في كل أمة، وهم أعلى نسبة في منطقتنا التي تعد منطقة شابة، على عكس أوروبا التي توصف بالعجوز وتخشى من انقراض سكانها. ومن فطانة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم وإدراكه لهذا الأمر أنّه تعامل بإنسانية راقية في إيصال معنى الدين والتدين إلى هؤلاء الشباب، حتى في لحظات النَزَق والتهور وغلبة النفس أو الرغبة، وإليكم ثلاثة مواقف للتعامل مع تلك اللحظات. جاء فتى في جمع من الناس، وقال يا رسول الله ائْذَنْ لي بِالزِّنَا! الطلب فيه جرأة وسط الذين أقبلوا عليه يزجروه، فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: أقروه، أي اتركوه، مقرًّا بحقه في السؤال، ثم قال: ادْنُهْ، أي اقترب مني، لتبدأ المرحلة الثالثة في التعامل، مخاطباً مشاعر الفطرة السوية والقياس المنطقي فيه: قال: أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ. قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لاِبْنَتِكَ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ. قَال: أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ؟ واستمر صلى الله عليه وآله وسلم في ذكر درجات القرابة من النساء، لتأكيد المعنى لدى الشاب الذي ما انفك يقول جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ، لما رآه من رحمة ومن احترام عقله، فوضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده على صدره وقال: «اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ». تأملوا لو أتى شابٌّ إلى مساجدنا وطرح نفس السؤال، كيف سيكون تعامل الناس والإمام معه؟ موقف آخر بطله خوات بن جبير رضي الله عنه يقول: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرَّ الظهران: فخرجت من خبائي فإذا أنا بنسوة يتحدثن فأعجبنني.. وجئت فجلست معهن. وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قُبَّتِه فقال: أبا عبد الله ما يجلسك معهن؟ فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هبته واختلطت قلت: يا رسول الله جملٌ لي شرد فأنا أبتغي له قيداً، فمضى واتبعته، فألقى إلى رداءه، ودخل الأراك فقضى حاجته وتوضأ وأقبل والماء يسيل من لحيته على صدره، فقال: أبا عبد الله ما فعل شراد جملك؟ ثم ارتحلنا فجعل لا يلحقني في المسير إلا قال: السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شِراد ذلك الجمل؟ فلما رأيت ذلك تعجلت إلى المدينة، واجتنبت المسجد والمجالسة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فلما طال ذلك تحيَّنت ساعة خلوة المسجد، فأتيت المسجد فقمت أصلي، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بعض حجره فجأة فصلى ركعتين خفيفتين، وطولت رجاء أن يذهب ويدعني، فقال: طوِّل أبا عبد الله ما شئت أن تطوِّل، فلست قائماً حتى تنصرف، فقلت في نفسي: والله لأعتذرن إلى رسول الله ولأُبْرِئْن صدره، فقلت: والذي بعثك بالحق ما شرد ذلك الجمل منذ أسلم، فقال: رحمك الله ثلاثًا، ثم لم يعد لشيء مما كان. انظروا إلى هذا المعنى الراقي من الاستيعاب! موقف ثالث من الاستيعاب، يقول أبو محذورة الجمحي رضي الله عنه: «خرجت في عشرة فتيان مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى حنين، وهو أبغض الناس إلينا، فقمنا نؤذن نستهزئ بهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ائتوني بهؤلاء الفتيان، فقال: أذنوا. فأذنوا فكنت آخرهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: نعم هذا الذي سمعت صوته، اذهب فأذن لأهل مكة». في المواقف الثلاثة أُنكِر المنكر بنوع من الاستيعاب لجانب التطرف والانطلاق بالمعاصي، ويقابل ذلك الحاجة إلى التعامل مع نَزَق التطرف في طلب الطاعات، وهو موضوع المقال القادم بإذن الله تعالى. الحبيب علي الجفري
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©