السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أرويو والانفصاليون

26 أغسطس 2008 00:03
منذ ثلاثة أسابيع، كان من المفترض أن توقع الرئيسة الفلبينية جلوريا ماكاباجال أرويو على اتفاقية سلام تتنازل فيها الدولة بموجبها عن جزء من جزيرة ''مندناو''- الجزيرة الرئيسية في جنوب الفلبين- إلى الانفصاليين المسلمين، الذين يحاربون لعقود من أجل تأسيس دولة إسلامية؛ ولكن التوقيع على تلك الاتفاقية تعطل بعد أن قام مسؤولون محليون في الأقاليم ذات الأغلبية المسيحية بتقديم احتجاج إلى المحكمة العليا· ورداً على ذلك، قام بعض أعضاء ''جبهة تحرير المورو الإسلامية'' بأعمال عنف استمرت يومين، وأسفرت عن مصرع 33 شخصاً وحرق عشرات المنازل؛ وضعت تلك التطورات اتفاقية السلام في مهب الريح كما وضعت السيدة أرويو أمام خيار عسير: إما إنقاذ مفاوضات السلام أو التخلي عنها، والاعتماد على القوة في مقاومة المتمردين· وهما خياران يحملان في طياتهما مخاطر جسيمة· يقول المحللون إنه كي تنجح أي اتفاقيات سلام فلابد أن تعمل الرئيسة على استرضاء المعارضة المسيحية التي تحس بالمرارة، وترى أن أي اتفاقية مع الثوار المسلمين سوف تسمح لهم بالتعدي على المناطق المسيحية، وهو أمر يتنافى مع الدستور، كما جاء في وثيقة الاحتجاج المقدمة للمحكمة العليا بهذا الشأن، والتي ستصدر قرارها النهائي بشأنها في نهاية الشهر الحالي· وإذا ما صدر حكم رأت الرئيسة أنه يصب في مصلحتها، فإنها سيغدو بإمكانها المضي قدماً في توقيع الاتفاقية مع المسلمين، أما إذا لم تر ذلك، فليس أمامها في مثل هذه الحالة سوى أن تتقدم بمسودة اتفاقية أخرى تكون مقبولة دستورياً· ويشك الكثيرون في الفلبين في أن الاتفاقية مع المسلمين ليست سوى حيلة من جانب الرئيسة أرويو لمد فترة ولايتها المقرر أن تنتهي عام 2010؛ ومما يعزز هذا الشك أن الحكومة في صياغتها للاتفاقية التي كانت تزمع توقيعها مع المسلمين، لم تستشر أطرافاً خارجية كما لم تنشر الوثيقة على الملأ· وعلى رغم أن إدارة أرويو قد بدت مرتبكة في البداية بسبب المعارضة التي واجهتها الاتفاقية، فإن هناك مؤشرات عديدة على أنها ستمضي قدماً في توقيعها، مع العمل في نفس الوقت على تهدئة واسترضاء المعارضة، وهو ما يبدو واضحاً من التصريح الذي أدلى به السكرتير الصحفي للرئيسة، والذي قال فيه إن الحكومة لن توقع الاتفاقية في صورتها الحالية، ووعد بإجراء استشارات واسعة النطاق مع الجماعات والقطاعات غير المسلمة في ''مندناو''· ويرى العديد من المراقبين أن موقف الجيش سوف يكون مؤثراً في هذا الشأن أيضاً، حيث يرى بعض قادته شن هجوم على حركة المورو الإسلامية برمتها، في حين يرى آخرون الاكتفاء بشن هذا الهجوم على الفصيل الذي قام بأعمال العنف الأخيرة· إلى ذلك، تتعرض الحكومة الفلبينية لضغط من بعض الدول الأجنبية التي تدعوها إلى مواصلة التفاوض مع المسلمين لحل النزاع الذي طال لعقود، من أبرز هذه الدول ماليزيا التي سبق لها وأن توسطت بين مانيلا والثوار خلال السنوات الخمس الماضية والتي ضخت استثمارات ضخمة في جزيرة ''مندناو'' وفي المناطق التي يسكنها مسلمون خلال السنوات الأخيرة· أما الولايات المتحدة، فهي تتلهف لوضع نهاية لهذا الصراع في إطار حربها ضد الإرهاب، حيث وعدت هي الأخرى بضخ ملايين الدولارات في ''مندناو'' وخصوصاً في المناطق الإسلامية بمجرد التوصل لاتفاقية سلام، كما قامت بإرسال المئات من الخبراء العسكريين المتخصصين في مقاومة التمرد الى الجزيرة، كما تتطلع شركات نفطها الكبرى مثل ''إكسون'' إلى القيام باستثمارات كبيرة في المناطق ذات الأغلبية الإسلامية· وحذر جيلكبلي وادي- الأستاذ في معهد الدراسات الإسلامية في جامعة الفلبين- من أن أرويو يجب أن تعمل من أجل إصلاح الضرر، الذي تسببت فيه من خلال عدم قيامها بضم الآخرين إلى العملية السلمية ومن بينها الكونجرس، والحكومات المحلية والمجموعات غير الحكومية، والجماعات السكانية في ''مندناو''· ويشير محللون آخرون إلى أن الفشل في التوصل لعملية سلام سيكون مكلفاً للغاية، لأن الصراع سوف يمتد في هذه الحالة، كما سيصبح الانفصال خياراً مطروحاً من قبل البعض· كارلوس كوندي- مانيلا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©