السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«النقد العربي» يدعو إلى تحقيق مستويات متقدمة من التكامل العربي

«النقد العربي» يدعو إلى تحقيق مستويات متقدمة من التكامل العربي
14 ابريل 2011 21:14
طالب صندوق النقد العربي دول مجلس التعاون والبلدان العربية الأخرى بسرعة العمل على الارتقاء إلى مستويات متقدمة من التكامل في ضوء خصائص اقتصادات تلك الدول لدعم التصنيع ورفع الطاقة الإنتاجية واستيعاب الاستثمارات وتوفير الخدمات المساندة، مما يشكل عاملاً مهماً في تكافؤ المكاسب والتكاليف بين الدول ويقلل من استقطاب المنافع إلى دولة واحدة . وقال الصندوق إن تجربة السوق الأوروبية المشتركة تعتبر تجربة وحيدة من نوعها في النظام التجاري العالمي المعاصر، مضيفاً خلال دراسة أصدرها مؤخراً تحت عنوان “مقارنة بين السوق الخليجية المشتركة والسوق الأوربية المشتركة” أن التجربة الأوروبية تقدم نموذجاً بالغ الأهمية للتكامل في مجال الالتزام بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تعمق درجات التكامل بين الدول الأعضاء في السوق. وأضافت الدراسة أن تلك الإصلاحات هي التي تعنى بتطوير آليات السوق المحلية كالسياسات الصناعية وسياسة المنافسة ونظام مشتريات الحكومة، وآلية رقابة السوق المشتركة لحظر التحالفات واحتكارات السوق، وتوحيد الأنظمة التجارية كقوانين الشركات وإنشاء هيئات إقليمية لتنظيم قطاعات الخدمات كالاتصالات والنقل، والاعتراف المتبادل بالشهادات والمهن وغيرها. وأشارت الدراسة التي أعدها الدكتور جمال الدين زروق إلى توصل الاتحاد الأوروبي إلى درجة عالية من التكامل الذي تدعمه الإرادة السياسية من الدول المنضمة إليه للمضي قدماً في انتهاج الإصلاحات الهيكلية التي تساعد على تحقيق التقارب الاقتصادي المنشود، حيث تشكل هذه الإصلاحات حاليا شرطاً أساسياً أمام الدول الجديدة التي تسعى للانضمام للاتحاد الأوروبي. وأكدت الدراسة إمكانية الاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي في مجال تنسيق السياسات النقدية والمالية التي تشكل القاعدة الأساسية للوحدة النقدية الأوروبية، موضحة أن الصعوبات، والتي يمر بها الاتحاد الأوروبي بسبب تفاقم العجوزات المالية لعدد من الدول الأعضاء، تشير إلى أهمية التزام الدول الأعضاء بالانضباط المالي لتجنب حدوث مخاطر نظامية تهدد استقرار الأسواق المالية وفقدان الثقة في عملة اليورو، وما يترتب عنه من مخاوف انسحاب بعض الدول الأعضاء من الاتحاد النقدي نتيجة لذلك. ونوهت الدراسة إلى وجود تباين بين التجربتين الأوروبية والخليجية، حيث منح اتفاق روما الذي أنشئت بمقتضاه المجموعة الأوروبية الاقتصادية مؤسسات “التكامل” صلاحيات أوسع من الصلاحيات السيادية للأجهزة القطرية المتخصصة بحيث تقوم باتخاذ القرارات الاتحادية في العديد من المجالات وتلزم الأجهزة الوطنية المتخصصة بتنفيذها. وأُسس الاتحاد الأوروبي بناء على معاهدة ماسترخت الموقعة في عام 1992، ولكن العديد من أفكاره تعود إلى خمسينات القرن الماضي ومن أهم مبادئ الاتحاد الأوروبي نقل صلاحيات الدول القومية إلى المؤسسات الدولية الأوروبية مع بقاء المؤسسات محكومة بمقدار الصلاحيات الممنوحة من كل دولة على حدا لذا لا يمكن اعتبار هذا الاتحاد على أنه اتحاد فيدرالي، حيث إنه يتفرد بنظام سياسي فريد من نوعه في العالم. وللاتحاد الأوروبي نشاطات عديدة، أهمها سوق موحد ذو عملة واحدة هي “اليورو” والذي تبنت استخدامه 17 دولة من أصل الـ27 الأعضاء، كما له سياسة زراعية مشتركة وسياسة صيد بحري موحدة واحتفل الاتحاد الأوروبي في مارس من عام 2007 بمرور 50 عام على إنشاء الاتحاد وتسعي 3 دول حالياً للانضمام هي كرواتيا، مقدونيا، وتركيا. وبالمقارنة مع دول التعاون يتبين أن الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي احتفظت بصلاحياتها السيادية في المجالات الاقتصادية المختلفة، وأناطت موظفيها في الأجهزة الوطنية المتخصصة بصلاحيات التفاوض للتوصل إلى اتفاق واتخاذ القرارات المتعلقة باللوائح التنفيذية لقرارات المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن مؤسسات التكامل الخليجي تدار على مستويين، فالمستوى الأول يمثل المجلس الأعلى لدول التعاون، إضافة إلى المجالس الوزارية (التي يتفرع منها عدد من اللجان المتخصصة)، التي تقوم بإعداد الدراسات وتقديم التوصيات للمجلس الأعلى، فيما يتضمن المستوى الثاني الأمانة العامة لدول المجلس وعدداً من الأجهزة المتخصصة كالهيئة الخليجية للمواصفات والمقاييس والجهاز الخليجي للتحكيم التجاري، ومكتباً لتسجيل وإصدار شهادات البراءة وحقوق الملكية الفكرية. وأفادت الدراسة بأن قيام السوق الأوروبية المشتركة جاءت على أسس اقتصادية لتحقيق أهداف سياسية، حيث نشأت السوق الأوروبية المشتركة من خلال إنشاء سوق مشتركة في الفحم والحديد والصلب وبناء مصالح اقتصادية مشتركة لتجنب استخدام هذه الموارد الطبيعية لأغراض التصنيع العسكري أو غيرها وأناطت الدول الأعضاء السلطة المشرفة على السوق صلاحيات واسعة لاتخاذ قرارات ملزمة للجميع. وبالمقابل، نشأ مجلس التعاون لدول الخليج على أسس سياسية لتحقيق أغراض اقتصادية تتمثل في دعم الترابط الاقتصادي بين الدول الأعضاء لتحقيق التكامل الخليجي كمرحلة تمهيدية يمكن أن تستخدم مستقبلاً لبناء كيان المجموعة الاقتصادية العربية على غرار المجموعة الأوروبية. وأوضحت الدراسة أن التجربة الأوروبية اعتمدت على تحرير التجارة البينية للسلع بحكم أن نمط التبادل التجاري بين الدول الأوروبية الأعضاء قبل إنشاء السوق كان يتركز على التبادل السلعي والتبادل التجاري بين الصناعات الأوروبية، وبالتالي فقد كان الهدف من إنشاء الاتحاد الجمركي الأوروبي تحرير انسياب السلع إلى أسواق بعضها بعضاً. ولفتت إلى أن التجربة الأوروبية التي قامت في بداياتها على تحرير سوق السلع كمرحلة أساسية لا يمكن أن تكون قاعدة قوية يتعين اتباعها بالنسبة لبقية التجمعات الإقليمية في العالم، وفي المقابل فقد قام التكامل الخليجي في بداياته على إنشاء منطقة للتجارة الحرة لتحرير التبادل السلعي والخدمي البيني، في حين كان نمط التبادل التجاري البيني لا يقوم على السلع أو الخدمات، حيث كانت تشكل التجارة السلعية البينية حصة ضئيلة في تجارتها الخارجية. ولقد كانت أحد أهداف إنشاء منطقة التجارة الحرة الخليجية في العام 1982 دافعاً لتفعيل استراتيجيات تنوع الإنتاج والتصنيع في الدول الأعضاء وتقليل الاعتماد على إنتاج وتصدير النفط والسلع الأولية الأخرى. وأشارت الدراسة إلى أنه على الرغم من هذه الجهود، ظلت درجة اندماج الاقتصادات الخليجية محدودة نسبياً حتى العام الجاري، حيث شهدت دول المجلس تحركاً لقيام الاتحاد الجمركي في عام 2003، واستكمال متطلبات السوق الخليجية المشتركة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©