14 ابريل 2011 20:15
سافرت وتغربت في بريطانيا من أجل الدراسة والعمل و كانت – في ذات الوقت- تعاني ألم فقدان زوجها وهي لا تزال صبية لم تتجاوز التاسعة عشرة من العمر، لكنها جعلت من ترملها المبكر دافعا ومحفزا وتحديا أثبتت فيه لنفسها ولكل من عرفها أنها قادرة على تحمل الصدمة ومواصلة حياتها من جديد في الوقت الذي ظن فيه الجميع أنها ستنهار ولن تستطيع أن تربي طفليها في غياب من يعيلهم ويحنو عليهم.
لحياة أم سعيد (مريم السبوسي) جوانب أجمل من ذلك إذ لم تنسها غربتها عاداتها وتقاليدها وعشقها للأكل الشعبي حيث عادت من سفرها بعد أن تعلمت واطلعت على ثقافات الغير تنشئ مطبخا شعبيا تقف فيه جنبا إلى جنب مع عمالها تعلمهم الطبخ وتعد الولائم وتسكبها ساخنة شهية لأصحابها ممن عرفوا نفسها بالطبخ ولذة ما يخرج من بين يديها المعطاءتين.
كفاح أمٍ
تتحدث مريم السبوسي عن حياتها وكيف تدرجت حتى افتتحت مطبخها الشعبي وتقول :» تزوجت وعمري 13 سنة وأنجبت ولدين (سعيد وعبيد ) وتوفي زوجي بعدها ب6 سنوات فضاقت بي الدنيا وصرت أفكر كيف سأربي أولادي بدونه فهو معيلهم وسندهم، و لجأت لطلب فرصة عمل في دوائر حكومية وخاصة لكنني لم أحظ بوظيفة لأنني لم أنهي دراستي الثانوية ولا أحمل أي مؤهل آخر، فبدأت أعمل من المنزل بإعداد البهارات والمخللات والسمن العربي من بعض المواشي الموجودة لدي وأعد المالح وأعطيه لعامل يبيعه لي في شبرة العين (سوق العين القديم ) وأطبخ للناس في بيتي ويأتون لأخذ الولائم التي أعدها لهم حيث تميزت منذ صغري بنفسي العالي في الطبخ».
تصر أم سعيد على أنها أم مكافحة وتقول : أنا أم مكافحة ولا أخجل من الحديث عن ذلك حيث كنت أربي أولادي وأصرف على مدارسهم من ذلك العائد الذي وبرغم بساطته كان يكفينا.
وفي نفس الوقت عدت للدراسة في مراكز تعليم الكبار فإذا ما خرج ولداي لمدارسهم خرجت لأدرس أنا أيضا وأعود مع عودتهم هكذا حتى حصلت في الثانوية العامة على معدل 87 وصادف وقتها أن وزارة الخارجية قدمت منحا لطلاب إماراتيين ليكملوا دراستهم الجامعية في الخارج فتقدمت بطلب وتم قبولي «
غربة وأطفال وعمل
وتضيف: «سافرت إلى بريطانيا مع أبنيّ اللذين أكملا دراستهما في المدارس البريطانية هناك، بينما التحقت بالجامعة ودرست إدارة الأعمال، في تلك الفترة عملت أيضا في سفارة الإمارات في لندن، لأني كنت محتاجة للعمل فالراتب الذي كانت تمنحنا إياه وزارة التعليم العالي لم يكن كافيا والحياة في بريطانيا غالية جدا فلا بد من الدراسة والعمل وما ساعدني أن ولداي يتأخران في المدرسة، لذا لم أكن أقلق كثيرا عليهما.
تكمل أم سعيد: بعد أن أنهيت دراستي عدت بأولادي إلى الدولة حيث أنهى سعيد وعبيد الثانوية العامة وحصل سعيد على بعثة دراسية، وهو الآن في أمريكا يدرس إدارة الأعمال والموارد البشرية أما عبيد فقد رفض أن يتركني لوحدي وبقي بجانبي يعمل ويساعدني ويحلم بأن يكمل دراسته الجامعية يوما ما. تشير أم سعيد إلى أنها فكرت بعد عودتها من السفر بأن تفتح مطبخا شعبيا تطبخ فيه الأكلات والحلويات الشعبية لما تمتلكه من مهارات ولأنها عرفت مدى إقبال الناس على في تجربتها قبل السفر، لكنها لم تكن تملك رأس المال الكافي فقامت بالطبخ في منزلها، وبدأت تبيع مأكولاتها من جديد لأحبائها ومن يعرفونها ويطلبون منها إعداد أكلات مختلفة لهم إلى جانب الأكلات الشعبية.
تقول أم سعيد: أجيد اعداد الباستا والبيتزا بأنواعها والسلطات والمقبلات العربية والغربية فأنا مثقفة وأطالع الانترنت وأحب إتقان عملي، وبقيت على ذلك مدة عام بأكمله حتى جمعت رأس مال وعام ونصف آخرين وأنا أجهز القدور والمواقد اللازمة للانطلاق في مطبخي، أعمل من بيتي وأصرف على تجهيز مطبخي، وحين أعملت كل الإنشاءات فيه جلبت لي عمالا أغلبهم عرب وعلمتهم واحدا تلو الآخر طبخ الأكلات الإماراتية القديمة وإعداد الحلويات إذ لا يمكنها أن أتعهد بولائم الأعراس لوحدي».
قائمة أم سعيد
تعد أم سعيد الكثير من الوجبات الإماراتية الأصيلة، وتذكرها قائلة :» نقدم أطباقا معروفة في المجتمع الإماراتي منذ قديم الزمان وبعض الأطباق المبتكرة، وهناك أطباق تعتبر «فوالة» أي أنها أطباق جانبية تقدم للترحيب والضيافة، وهي عدة أنواع الفوالة المالحة كالهريس والعرسيه والمضروبة والثريد مع المرق وعصيدة الملح والقرص المفروك وغيرها، وهناك الفوالة الحلوة مثل الخبز المحلى والجباب واللقيمات والخنفروش والبلاليط وعصيدة السكر والبوبر (اليقطين) وخبيصة السكر وخبز الخمير والقرص بالتمر والقرص بالسكر، بالإضافة إلى الأطباق الرئيسية مثل البرياني بأنواعه لحم ودجاج وسمك والمكبوس بأنواعه وغيرها، أما الأكلات المبتكرة الخاصة بمطبخي فهي المطفي (لحم وخضار مطبوخ على البخار) وخبيصة البوبر والبوبر هو القرع وخبيصة بالمكسرات والمرقوقة وعصيدة الجزر وخبز بالروب مع اللحم المشوي.»
المصدر: العين