الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

القوى العاملة المُسنة تهدد طموحات الصين الاقتصادية

القوى العاملة المُسنة تهدد طموحات الصين الاقتصادية
9 مايو 2018 01:34
الصين تتجه نحو قنبلة زمنية ديموغرافية موقوته. في عقد آخر، سيكون عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً أكبر من إجمالي عدد سكان الولايات المتحدة. إن قوتها العاملة تتقلص، ولا يتم ولادة عدد كافٍ من الأطفال. ولكن عندما كانت لي يوان يوان، وهي أستاذة جامعية، تتوقع طفلها الثالث في العام الماضي، ضغط مديرها في العمل في مدينة تشينجداو الشرقية على إنهاء الحمل أو الاستقالة. هي رفضت، لكنها تعرضت لضغوط عصبية ما جعلها تعيش في كابوس. «كيف لا أقلق بشأن ذلك؟» قالت يوان يوان خلال حملها: «يمكن أن ينتهي بنا المطاف بتربية ثلاثة أطفال من دون أي دخل». في الصين التي تتمتع بأحد أدنى معدلات الخصوبة في العالم، لا يزال الأزواج محبطين لأنه لا يسمح لهم بتعدد النسل، مما يمكن أن يساعد في تجديد شباب السكان المُسنين. وقد جادل بعض الخبراء على مر السنين بأن تباطؤ النمو السكاني يمكن أن يساعد في تخفيف الضغط على الصين لخلق وظائف جديدة، بينما تزيد التكنولوجيا من الإنتاجية. ويؤكد آخرون أن مشكلة الشيخوخة تلوح في الأفق على الصحة الاقتصادية طويلة الأجل للصين، مما يمثل نقطة ضعف في طموحاتها العالمية بشأن الموارد والتكنولوجيا والصناعة في خضم نزاع تجاري عميق مع الولايات المتحدة. القيود المفروضة ويخفف المسؤولون الصينيون القيود المفروضة على المواليد، ويقولون إنهم مترددون في إجراء تغييرات مفاجئة وجريئة على السياسة طويلة الأمد. يقول بعض علماء الديموغرافيا إن التحركات بطيئة للغاية لتغيير الوضع القائم. بينما تمكن جميع الأزواج من إنجاب طفلين دون عقوبة منذ أن تخلت الصين عن سياسة الطفل الواحد في عام 2016، ينص قانون تنظيم الأسرة على العقوبات المفروضة على أولئك الذين لديهم المزيد. يقوم وكلاء الحكومة المحلية بتطبيق القانون بغرامات، وكثيراً ما يضغط أرباب العمل في الولاية على النساء للالتزام بحدود الميلاد المسموح بها. الصين لا تستطيع تحمل مثل هذا الوضع كثيراً، حيث يحذر المشرعون والباحثون وأولياء الأمور من ذلك. هؤلاء المعارضون لقيود الولادة يأملون أن يكون عام 2018 هو العام الذي ترفع فيه القيود تماماً. مع ذلك، لا يمكن لبكين أن تترك هذا الأمر برمته، فمن المتوقع أن تواصل التدخّل في تحديد عدد المواليد، والذي يقول بعض الديموغرافيين إنه كان دائماً مبنياً على التخمين وغير ضروري حتى قبل أربعة عقود. لقد أشارت بكين في شهر مارس إلى حدوث تغيير ملحوظ، معلنة أنها ستحل محل اللجنة الوطنية للصحة وتنظيم الأسرة (الجهة التي تفرض قواعد الولادة) مع وزارة جديدة للصحة. لكن لم يكن هناك أي تعهد برفع قيود الولادة. حالة من عدم اليقين وقد ترك هذا بعض الآباء في حالة من عدم اليقين، بما في ذلك سيدة أعمال تبلغ من العمر 34 عاماً في جنوب الصين طلبت أن يتم التعرف عليها من خلال اسمها كاي. لقد كانت متحمسة لكن مشوشة بتلك الأخبار، متسائلة إذا ما كانت ستضطر إلى دفع غرامة تبلغ نحو 12 ألف دولار لولادة طفلها الثالث العام الماضي: «هل هذا يعني أن الطفل الثالث أصبح قانونياً الآن؟». وقد حصلت كاي وزوجها على قرض لدفع غرامة قدرها 7 آلاف دولار لولادة طفل ثانٍ قبل عدة سنوات، عندما كانت سياسة الطفل الواحد سارية المفعول. وفي مواجهة الغرامات الباهظة من فرع تنظيم الأسرة المحلي لولادة طفلها الثالث، باعت متجر ملابس كانت تملكه في مقاطعة فوجيان. وقالت: «من الصعب أن ننفق على تربية الأطفال، ونحن لا نعرف ما يجب فعله». وحذر مخططو تنظيم الأسرة من التغيير الجذري في سياسات الولادة. وقال وانج بيان، الذي كان نائباً لمدير لجنة تنظيم الأسرة، لصحيفة «وول ستريت جورنال» العام الماضي: «إن الواقع الأساسي للدولة هو أن لديها عدداً كبيراً من السكان». «تقوم الحكومة الصينية بتعديل وتحسين سياسة تنظيم الأسرة بطريقة ثابتة وحذرة وواقعية». وقال وانج في مؤتمر صحفي العام الماضي، إن الابتكار التكنولوجي والتقدم الصحي سيترك الصين مع ما يكفي من العمال. وأضاف: «الصين ليس لديها نقص سكاني. ليس الآن، ليس خلال 100 عام»، ليس من الواضح ما سيكون موقف وانج بعد إعادة التنظيم. اتجاه ديموغرافي واضح إن التزام الصين بالقيود المفروضة على الولادة يتحدى اتجاهاً ديموغرافياً واضحاً: فالقوى العاملة فيها آخذة في التقلص والسكان يتقدمون في السن بسرعة. بحلول عام 2050، سيكون هناك 3 متقاعدين لكل عامل، وفقا للتقديرات الرسمية، مقارنة مع 8 متقاعدين لكل عاملين الآن. وبغض النظر عما تفعله الحكومة الآن، فقد فات الأوان لتغيير الاتجاه العام بشكل كبير بسبب المواقف الاجتماعية، كما يقول علماء السكان مثل جو باو تشانج، أستاذة الديموغرافيا في جامعة رنمين في بكين. وقال: «كان ينبغي عليهم رفع جميع قيود الولادة قبل عام 2010». مهما كانت الخطوات التي يتخذونها الآن، فإن اتجاه الصين المنخفض الخصوبة لم يعد قابلاً للانعكاس». يمكن للشيخوخة السكانية أن تضر الاقتصادات لأن تجمُّع العمالة المتقلص يميل إلى رفع الأجور، في حين يتطلب تزايد عدد المسنين زيادة الإنفاق على المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية. في سيناريو أسوأ، قد يؤدي تباطؤ النمو ونقص العمالة إلى عدم قدرة الصين على رعاية مئات الملايين من المتقاعدين. وكانت الزيادة السريعة في عدد السكان عاملاً رئيسياً في خفض وكالة موديز لخدمات المستثمرين للتصنيف السيادي للصين في مايو 2017. ومن المتوقع أن تؤدي رعاية المسنين إلى تآكل المدخرات المنزلية والخزائن الحكومية، مما يحد من قدرة الحكومة على سداد ديون مرتفعة بالفعل، على حد قول موديز. ومن المتوقع أن يتباطأ معدل النمو الاقتصادي المحتمل في الصين إلى نحو 5% خلال السنوات الخمس المقبلة. يذكر أن معدل نمو الصين في عام 2017 بلغ نسبة 6.9%. تقلص القوى العاملة وقالت ماري ديرون، وهي محللة من مودي للمخاطر السيادية: «إن الصين مثيرة للاهتمام وفريدة من نوعها للغاية، لأنها تتقدم في العمر بسرعة كبيرة أكثر من أي بلد آخر». حاولت البلدان التي تواجه تقلص القوى العاملة تخفيف أثر رفع سن التقاعد أو الاعتماد على الهجرة. سنغافورة، التي لديها سياسات ليبرالية للهجرة، والتي تقدم «مكافأة أطفال» تصل إلى 10 آلاف دولار سنغافوري (7500 دولار أميركي) نقداً، وكذلك منح دعم لأولياء الأمور تجاه الصحة والتعليم، لديها عدد متزايد من السكان على الرغم من انخفاض معدل الخصوبة البالغ 1.16. لقد أعادت اليابان عودة المتقاعدين إلى العمل، وأحياناً بمساعدة التكنولوجيا التي تعوّض أوجه القصور المرتبطة بتقدم العمر. وعلى الرغم من أن أدنى معدل تقاعد في العالم هو 55 سنة، فإن بكين كانت بطيئة في تنفيذ خطة لزيادة سن التقاعد تدريجيا وسط معارضة شديدة. وكان المسؤولون قد أشاروا في البداية إلى أنهم سوف يقدمون الخطة في العام الماضي. وقد تم استبعادها من الإجراءات التي تم كشف النقاب عنها، والتي قالت فيها بكين إن وزارة الصحة الجديدة «ستتعامل بفعالية مع شيخوخة السكان»، مع اتخاذ تدابير لتطوير قطاع رعاية المسنين وإصلاح الرعاية الصحية. لم تؤد التغييرات السابقة في السياسة إلى إصلاح هذا الاتجاه - ولم ينجح حتى إنهاء سياسة الطفل الواحد. فارتفع عدد المواليد الجدد بمقدار 1.3 مليون في عام 2016، وهو العام الأول لتخفيف القيود على المواليد، وهذا أقل من نصف التوقعات الرسمية، حيث بلغ إجمالي عدد المواليد 17.86 مليون في عام 2015، وفقا للمكتب الوطني للإحصاء. في عام 2017، تباطأت حالات الولادة إلى 17.23 مليون، أي أقل بكثير من التوقعات الرسمية لأكثر من 20 مليون. في جيل نشأ من دون إخوة، فإن عقلية الطفل الواحد متجذرة بعمق. تم توسيع سياسات إجازة الأمومة ولكن بعض النساء يقولن إن أخذ الإجازة مرتين هو عائق مهني. ووجدت دراسة أجرتها رابطة نساء عموم الصين أن 53% من استطلعت آراؤهن مع سياسة طفل واحد لا يردن طفلاً ثانياً. * الكاتب:: ليان تشى وفانفان وانغ
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©