السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«إدلب» السورية: العنف يزداد سوءاً

«إدلب» السورية: العنف يزداد سوءاً
9 ابريل 2012
منذ 15 عاماً يؤذن المؤذن للصلاة خمس مرات في اليوم من مئذنة المسجد الذي يرتفع فوق أسطح المنازل المتواضعة المحيطة به. وعندما سأل الجنود الذين انتشرت دباباتُهم عبر أرجاء المدينة، المؤذنَ حول ما إن كان مقاتلون من الثوار يستعملون المئذنة، قال لهم: "أقسم أن لا أحد غيري يصعد إلى هناك". غير أنه في أحد أيام الأحد مؤخراً، عندما كانت "أريحا" تتعرض لقصف شبه دائم، ضربت قذيفة المئذنة متسببةً في سقوط الحجارة ومكبرات الصوت على سطح المسجد والمنازل المجاورة التي كان يختبئ السكان داخلها. في ذلك اليوم، لم يُصب أحد من الحي بمكروه، لكن العشرات قُتلوا في أماكن أخرى من المدينة، كما يقول النشطاء. ويقول زاهر، وهو مقاتل من الثوار المحليين مصاب في ذراعه المضمدة: "لقد حاولوا إصابتها عدة مرات من قبل. في أول مرة، سقطت القذيفة هنا على الجار، وفي المرتين الثانية والثالثة سقطت على جارين آخرين، لكن في المرة الرابعة أصابوها"، مضيفاً: "لقد كان هدفهم تدمير المئذنة". وبعد مرور أسابيع في هذه المدينة الواقعة على سفح جبل بمحافظة إدلب الواقعة شمال غرب البلاد، مازال جزء كبير من الأنقاض في المكان الذي وقع فيه: في الأزقة الضيقة، وعلى الأسطح، وفي المنازل المحيطة بالمئذنة التي كانت تنتصب على ارتفاع 100 قدم، لكنها تقلصت اليوم إلى ثلث ذلك الارتفاع. نظام الأسد يقول إنه شرع في انسحاب تدريجي من إدلب وفق مقترح سلام يرعاه المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان. لكن النشطاء والثوار في المحافظة التي تعرضت لهجوم حكومي الشهر الماضي، يعتقدون أن العكس هو ما يحدث، ويرون أن مهلة مخطط السلام التي تنتهي في العاشر من أبريل منحت قوات النظام حافزاً إضافياً لتعيث في الأرض فساداً خلال الأيام المقبلة، كما يقول أحمد عاصي، وهو من نشطاء المنطقة. ويضيف عاصي: "من خلال التعامل مع الناس بمثل هذه الطريقة الوحشية، ربما يعتقدون أن السكان سيقتنعون بأن لا قدرة لديهم على التصدي للنظام". وبينما يستعد السكان لهجوم آخر، يحاول بعضهم إصلاح ما لحق بممتلكاتهم من أضرار. ففي حي البزار بأريحا، ضربت قذيفة باب أحد المحال التجارية في الجهة المقابلة من الشارع، وقد ترك الرصاص على سقيفته المعدنية ثقوباً لا تخطئها العين. كل شيء في الداخل دمّر: القدور والمقالي التي كانت تحوي فواكه لزجة في الماضي، ومنضدة المحل، وحتى الجدران. ويقول مالك المتجر، وهو يقوم باستبدال ما تضرر من قرميد الجدران: "لقد كان لدينا مال وسلع، لكن كل ذلك راح اليوم". لم يقم المالك باستبدال واجهة المحل المفقودة، لذلك أصبح المحل يبدو كفجوة مفتوحة على الشارع. عدد من المتاجر الأخرى التي تصطف على الساحة المركزية لأريحا والتي كانت تكتظ بالناس في الماضي، استُبدلت واجهاتها الزجاجية بجدران من الطوب استعداداً لهجوم آخر. وقد كان ثمة سبب وجيه لذلك. فعلى بعد أقل من 100 قدم من البازار، كانت دبابتان تجثمان على طول شارع جانبي وبرجاهما مصوبان في اتجاه المحال التجارية. يوسف، رجل متقدم في السن كان يعيش بالقرب من المسجد قبل أن يتعرض منزلُه للتدمير، أشار إلى منزل أحد الجيران قائلاً إن السكان قاموا بإخراج أختين من تحت الأنقاض خلال قصف سابق. وقال يوسف: "لقد هاجموا أريحا كمجموعة من الخنازير. لم يسلم أي منزل هنا من نيرانهم"، مضيفاً: "لقد تركنا منزلنا لأننا لم نعد نجرأ على دخوله". وفي منطقة إدلب، هناك أحياء بأكملها باتت خالية من النساء والأطفال بعد أن فروا جميعاً إلى بر الأمان في تركيا، والعديد من محال بيع اللحوم لم تعد تعبأ بفتح أبوابها، لأن الناس لم تعد تشتري اللحم لأنها لا تعرف ما إن كانت ستبقى مدة كافية لطهيه. ويقول مقاتل من الثوار من جبل الزاوية المجاور: "النظام في أيامه الأخيرة، لذلك فهو يحاول تدمير أكبر قدر ممكن". وفي قرية جبلية بأعلى طريق منحدر فوق أريحا، مازالت بعض المنازل تحمل ندوب القصف بينما تحمل أخرى آثار النار. ففي مساء أحد الأيام قبل بضعة أسابيع، كان أبو أيمن وعائلته يجلسون في الشارع عندما ضربت ثلاث قذائف شقة فوقهم. جدار مطبخ تلك الشقة تحطم نصفه الآن، وأجزاء الخزانة والمواد العازلة والسيراميك متراكمة على الأرضية. وبعض أجزاء المنزل الذي يملكه تاجر ثري غادر البلدة قبل أشهر بسبب الخطر، كان من الصعب التنقل عبرها بسبب أكوام الأنقاض المتراكمة. كل الزجاج في غرفة الجلوس كان مهشماً، ماعدا الثريا التي مازالت عالقة بالسقف، والتي كانت الشيء الوحيد الذي لم يتضرر في البيت. ويقول أبو أيمن: "إنهم يقصفون عشوائياً، لا يهمهم أين ستضرب قذائفهم". وفي سرمين إلى الشمال، أُحرق منزل أم أمين قبل أسبوعين، ومازالت رائحة قوية ولاذعة منتشرة في غرفتين تحوَّل لون جدرانهما إلى أسود فاحم. ففي ذلك اليوم، بدأ الجيش قصف القرية في الصباح، وبحلول الظهيرة كان قد شرع في مداهمة المنازل. وتقول هذه الأم لخمسة أطفال: "لقد خفتُ على أطفالي، لاسيما أنهم صغار، وأضافت: "لقد سمعنا قصصاً كثيرة عن أولاد يؤخذون ويُقتلون". فرت العائلة قبل بدء الهجوم، وقد أخبرها أحد الجيران بأن خمسة عشر جندياً اقتحموا منزلها بحثاً عن أسلحة. وعندما لم يجدوا شيئاً، أضرموا النار في المنزل، وصبوا الجازولين في الغرف لإحداث اشتعال قوي. وتقول أم أمين وهي تحمل طفلاً صغيراً في حضنها: "لقد سمعنا أصوات الدبابات عندما كنا مغادرين... وعندما عدنا، كانت الغرف مثل الفحم". مراسل «لوس أنجلوس تايمز» أريحا (سوريا) ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©