الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تضخ 20 مليار جنيه لإنقاذ الشركات العامة

الحكومة المصرية تضخ 20 مليار جنيه لإنقاذ الشركات العامة
9 ابريل 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - بدأت الحكومة المصرية تنفيذ سلسلة من الإجراءات المالية في إطار خطة شاملة لإنقاذ شركات قطاع الأعمال العام المتعثرة والتي تعرضت لأضرار كبيرة خلال العام المالي الماضي على صعيد الربحية أو المبيعات أو هشاشة المراكز المالية بفعل تزايد وطأة الديون على هذه الشركات. وتشمل الخطة الحكومية التعجيل بإتمام اتفاقيات تسوية المديونيات التاريخية المتراكمة على هذه الشركات بعد تعرض هذه الاتفاقيات لأزمات متتالية مع البنوك الدائنة مما يهدد الاتفاقيات بالفشل بسبب عدم قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها تجاه البنوك أو تعسف البنوك، وعدم رغبتها في ضخ ائتمان جديد لهذه الشركات والتمسك الحرفي ببنود اتفاقيات التسوية. وتسعى الحكومة المصرية إلى تطبيق هذه الاتفاقيات لضمان استمرار النشاط في الشركات لا سيما أن عدداً كبيراً من الشركات يعتمد على القروض المصرفية في عمليات التشغيل ومنها شراء المواد الخام وسداد أجور العمال، إلى جانب اعتماد صندوق الشركة القابضة للغزل والنسيج، التي تضم أضخم قوة عمالية في قطاع الأعمال العام تقدر بنحو 160 ألف عامل، في سداد أجور العاملين بالشركات التابعة من حصيلة بيع الأراضي غير المستغلة المملوكة للقطاع العام. ورغم تقبل البنوك لاتفاقيات مبادلة الديون بالأصول والأراضي غير المستغلة، فإن هناك عقبات ظهرت أثناء التنفيذ الفعلي منها عدم توفير الأراضي بالمواصفات المتفق عليها أو وجود مشكلات قانونية تتعلق بعقود ملكية الأراضي وغيرها مما ترتب عليه تعرض الشركات التي تعتمد في استمرار نشاطها على اتفاقيات الديون لمخاطر شديدة دفعت بعضها للتوقف عن العمل في بعض فترات العام، وكذلك العجز عن سداد أجور العاملين بها واللجوء لصندوق الطوارئ في وزارة القوى العاملة لسداد الأجور. دور أكبر للشركات العامة وعقدت وزارة قطاع الأعمال العام المصرية سلسلة من الاجتماعات مع مسؤولي عشرة بنوك عامة واستثمارية لبحث أسباب توقف هذه البنوك عن مساندة الشركات العامة وسبل المساندة في المرحلة المقبلة على ضوء قرار استراتيجي يتضمن استمرار الملكية العامة، جنباً إلى جنب مع الملكية الخاصة على خريطة الاقتصاد المصري، وأن دور هذه الملكية العامة سوف يتصاعد في السنوات المقبلة لإحداث نوع من التوازن الاقتصادي بالبلاد ومنح فرصة لتطبيق مشروعات للعدالة الاجتماعية سوف تلعب فيها هذه الشركات العامة دوراً فاعلاً. وأسفرت الاجتماعات عن موافقة البنوك على العودة لتمويل أنشطة هذه الشركات ورصد نحو عشرة مليارات جنيه كحزمة تمويلية لإنقاذها من التعثر خلال العام الجاري وإعطاء قطاع الغزل والنسيج المهدد بالانهيار أولوية قصوى للحصول على نصيب الأسد من هذا التمويل. كما تم الاتفاق على قيام وزارة قطاع الأعمال بتوفير محفظة جديدة من الأراضي كبديل للأراضي التي رفضتها البنوك لأسباب تتعلق بالنواحي الفنية أو القانونية حتى تستطيع البنوك الحصول على هذه الأراضي ورهنها مقابل سرعة إتاحة التمويل الجديد. كما تم الاتفاق على بحث آلية إيجاد ضمانة حكومية للمديونيات المستقبلية لشركات قطاع الأعمال العام والتي كانت قائمة في فترات سابقة عندما كانت موازنات هذه الشركات تدخل ضمن الموازنة العامة قبل أن يجري فصلها بموجب القانون المنظم لقطاع الأعمال العام. وتشمل الخطة الحكومية للإنقاذ رصد عشرة مليارات جنيه أخرى كاستثمارات عامة عبر شركات قطاع الأعمال العام خلال موازنة العام المالي المقبل 2012 ـ 2013، وبالتالي تتوافر لهذه الشركات حزمة تمويلية في حدود عشرين مليار جنيه، بالإضافة إلى مواردها الذاتية مما يمكنها من مواصلة الصمود في العام المقبل والعودة لتحقيق أرباح، لا سيما أن عدداً من هذه الشركات تعرض لهزات مالية عنيفة منذ اندلاع ثورة يناير حيث تراجعت مبيعاتها وأرباحها التشغيلية بمعدلات كبيرة. ويرى خبراء اقتصاديون ورؤساء شركات عامة أن الإجراءات الحكومية الأخيرة هي خطة إنقاذ شاملة لشركات قطاع الأعمال العام التي كان بعضها مهدداً بالإفلاس، وأن الحزمة المالية المرصودة للإنقاذ تكفي لتغيير واقع الشركات بشرط حسن كفاءة وإدارة توظيف هذه الموارد المالية الكبيرة. الحصان الأسود واعتبر الخبراء أن بعض الشركات العامة سوف يكون “الحصان الأسود” في المرحلة القادمة لمساعدة دور الدولة في السوق في ظل تنامي وتوحش حلقات الاحتكار في العديد من السلع المهمة ومن ثم لن تستطيع الحكومة تنفيذ برنامجها الإصلاحي في مجال العدالة الاجتماعية من دون أن تتملك ذراعاً اقتصادية قوية تتمثل في شركات عامة ذات كفاءة تنتج سلعا وخدمات بجودة عالية وأسعار تنافسية. وشدد الخبراء على أهمية أن يتوازى مع عملية الضخ المالي تعزيز مبادئ الإفصاح والشفافية والحوكمة في الشركات العامة لضمان درجة عالية من الكفاءة الإدارية تمنع هدر الموارد، حيث إن بعض الشركات يمتلك مزايا تنافسية شبه احتكارية في بعض المجالات، كما يمتلك أصولاً غير مستغلة في خطوط الإنتاج أو الأراضي والعقارات ومنافذ البيع والتوزيع والمخازن وغيرها. ويؤكد محمد يوسف، القائم بأعمال وزير قطاع الأعمال العام، أن دعم دور الشركات العامة في المرحلة المقبلة هو توجه استراتيجي سواء للحكومة نظراً لوجود عدم رضاء شعبي عن برنامج الخصخصة ورغبة المصريين في أن يكون للحكومة دور ملموس في التصدي لشبكات الاحتكار في مجالات السلع الرئيسية. وقال إن خطة الإنقاذ سوف تسهم في إعادة الشركات لممارسة دورها في التخفيف من الاختناقات الخاصة ببعض السلع ويعزز إنتاجها معدلات النمو العام، حيث إن القطاع العام لايزال يستحوذ على حصة كبيرة من الناتج القومي الإجمالي وستشمل خطة الإنقاذ العديد من الشركات وإن كانت تتركز بصفة أساسية على قطاع الغزل والنسيج باعتباره القطاع الأكثر استيعابا للعمالة والأكثر تعرضا للتعثر المالي. وأوضح أن الخطة لا تتضمن ضخا ماليا فقط، ولكن تشمل أيضا إسناد أعمال لهذه الشركات في إطار خطة الاستثمارات العامة للدولة أو مشروعات مشتركة بين هذه الشركات لأن التعثر الأساسي الذي تعرضت له هذه الشركات هو حرمانها من الحصول على أعمال حكومية طيلة السنوات الماضية ومن ثم كان حجم الأعمال لديها أقل من طاقتها الإنتاجية وحدث الاختلال المالي الذي اضطرت الدولة إلى معالجته عبر ضخ أموال جديدة أي أن الدولة تحملت أخطاء سياسات حكومية كانت تهدف إلى تصفية هذه الشركات وبيعها بأثمان بخسة. ويؤكد محمد بهي الحفناوي الرئيس الأسبق لشركة “عمر أفندي”، التي أعيدت إلى حوزة الدولة بعد فسخ عقد بيعها لمستثمر سعودي، أن القطاع العام دفع ثمن تجاهل الحكومات المتعاقبة لمشاكله وقيام هذه الحكومات باحتضان القطاع الخاص وإسناد أعمال ومشروعات حكومية بمبالغ كبيرة لشركاته وتضخم القطاع الخاص على حساب الحكومة بينما عانت الشركات الحكومية من التعثر والخسائر وتراجع الأعمال رغم أن الشركات الحكومية لديها رصيد كبير في السوق وخبرات متراكمة، إلى جانب دورها الاجتماعي الذي كانت تؤديه في مساندة الطبقة الوسطى للحصول على احتياجاتها من السلع والخدمات. وأوضح الحفناوي أن الأموال التي سوف تضخها الحكومة في هذه الشركات هي استثمارات عامة لن تضيع خاصة إذا تم استخدامها في تجديد خطوط إنتاج أو إدخال تكنولوجيا حديثة في المصانع أو شراء مواد خام أو تنفيذ مشروعات للبنية التحتية لتطوير أوضاع الشركات ويجب التعامل مع هذه الأموال بأعلى درجة من الكفاءة والشفافية والرشد حتى تؤتي خطة الإنقاذ ثمارها بتصحيح أوضاع هذه الشركات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©