السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفلام العنف والكرتون مسؤولة عن الانحرافات السلوكية

أفلام العنف والكرتون مسؤولة عن الانحرافات السلوكية
30 أكتوبر 2009 00:15
تؤدي ظاهرة العنف الأسري التي برزت مؤخرا في العديد من مجتمعاتنا العربية إلى مفاسد كثيرة في المجتمع وأصبحت قضاياها تملأ وسائل الإعلام وتدعو إلى الدراسة والبحث والاهتمام، خاصة مع تزايد الحوادث البشعة التي تعتبر جديدة على المجتمعات الإسلامية والأسرة العربية، وتؤكد غياب قيم الرحمة والمحبة والرفق وقلة الوازع الديني وعدم التمسك بمنهج الإسلام في التربية والسلوكيات والمعاملات مع من نتولى مسؤولياتهم ورعاياتهم بما يتعارض مع قوله تعالى: «ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين «المائدة87، وهدي الرسول-صلى الله عليه وسلم: «من لا يرحم لا يرحمه الله». وتقول الدكتورة سهير عبد العزيز -أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، إن العنف الذي يحدث الآن نتيجة طبيعة لانحراف مجتمعاتنا واتجاهها إلى اللا معيارية، حيث تختفي القيم الأخلاقية العليا مثل الحب والعطاء والود والاحترام المتبادل والعطف. وأضافت أن الإعلام لعب دورا خطيرا في نشر سلوكيات العنف والجريمة بين الناس وبدرجة تصل لحد الظاهرة المرضية من خلال الأفلام السينمائية والدراما والكرتون الذي يقدم للأطفال حيث يتم بث لأفكار المخادعة غير الحقيقية عن البطل الذي لا يقهر ويرتكب الجريمة الكاملة ويحطم ويسرق بذكاء ويخدع ولا ينال أي عقاب وهذا يغرس في الأبناء العنف ويجعلهم يتخذون من سلوكيات الشخصيات التي يشاهدونها نموذجا يقلدونه في تصرفاتهم ولهذا تجد الثقافة السائدة في المجتمع هي ثقافة القوة والبطش والعدوانية والصوت العالي. الضغوط النفسية وتضيف أن الأسباب التي أدت إلى هذه الأوضاع كثيرة أهمها زيادة الضغوط النفسية والمادية وكثرة مشاكل الحياة وتعقدها والفقر والبطالة والجهل والمخدرات مما يزيد الشعور بعدم القناعة بقيم العدل والحق وهنا يكون انتشار العنف نوعا من التنفيس والتعويض عن حالة القهر في مجتمعاتنا، موضحة أن انتشار الجرائم نوع من التطور السلبي نحو اللا قيم والذي تسود فيها حالة الارتباك والهزات العنيفة وتغليب الأنانية والجزر المنعزلة وغياب الحب والدفء داخل الأسرة. وتشير إلى أن كثيرا من السلوكيات السلبية مثل الهروب من العمل والغش والخداع تحولت إلى شطارة وأصبح هناك إقدام على ارتكاب العيب بلا خجل من فئات المفروض أنها قدوة وتم تحطيم الرموز التي كانت محل تقدير واحترام من الجميع وإبراز الرموز السلبية التي تسيء إلى قيمنا وهذا كله جعلنا نتحول إلى صورة لا تعبر عن قيمنا وثوابتنا التي ترفض العنف تحت أي مسمى حتى في التأديب وتربية الأبناء فالإسلام يحرص على الرعاية الحانية والقسط والاهتمام بكافة شؤونهم حتى يشبوا أصحاء جسديا ونفسيا. أسلوب التربية ويوضح الدكتور عبدالغني عبود -أستاذ علم التربية بجامعة عين شمس- أن التغيرات التي وفدت على مجتمعاتنا جلبت معاني سلبية لا تتفق مع قيم الإسلام ومنهجه في التربية والتنشئة مما جعل البعض يعتقد أن الرجولة هي الصوت المرتفع والتسلط والقسوة مع الأبناء أو التطاول على الزوجة أو بقية أفراد الأسرة بطريقة قد تؤدي في أحيان كثيرة إلى ارتكاب جرائم وهدم للأسرة والأبناء وهذه التصرفات تؤثر في الأبناء بصورة كبيرة وتجعلهم يكتسبون قيما سلبية تهدد مستقبلهم لأن شخصيات الأبناء تتأثر بأسلوب التربية في الصغر فالشدة والقسوة الفعلية أو اللفظية لها أثر سلبي على الطفل لأنه يولد ومعه النظرة الإيجابية العالية للذات والعنف الأسري والسلوك العدواني يؤثران بشدة على هويته عن الآخرين وهو ما يصيبه في النهاية بالاضطراب والإحباط والعقد النفسية. وقال إن الدراسات التربوية الحديثة أكدت أن اتسام شخصية الأبناء بالاستهتار والفوضوية والعنف وعقوقهم ووجود ميول إجرامية لديهم ترجع إلى سوء التربية واستخدام القسوة والعنف معهم وأن النتيجة التي تترتب على العنف الأسري هي فشل الأبناء في الدراسة والحياة العملية ومحاولة الهروب من المنزل أو التفكير في الانتحار أو اللجوء إلى المخدرات ورفقاء السوء. ويؤكد أن أسلوب التعامل بين أفراد الأسرة خاصة من الآباء يجب أن يقوم على الاعتدال والحرص على تعليم الطفل واحتواء الصغير واحتضان الزوجة بالرفق واللين والمحبة وليس بالشدة والغضب وقسوة القلب ورفع الصوت والعقاب الموجع معنويا وجسديا لأن حسن المعاملة والنقاش والحوار الهادئ من أفضل الأساليب في التقويم وإكساب العادات والسلوكيات السليمة ومن المهم التغاضي عن الهفوات والأخطاء البسيطة التي قد تصدر من بعض أفراد الأسرة أحيانا عن غير قصد أو سوء تقدير للموقف أو عدم إدراك للعواقب. يتعارض مع الشريعة ويقول الدكتور محمد كمال إمام- رئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية- إن الإسلام يتميز بمنهج متكامل يسعى لتحقيق العدل واليسر والسماحة والأمن ويراعي المصالح ويؤكد على معاني الرفق والرحمة والإحسان وترسيخ الترابط الأسري والحرص على تربية وتنشئة الأبناء على القيم والمثل والمبادئ القويمة بما يضمن استقرار المجتمعات ونهضتها. ويضيف أن العنف الأسري يتعارض مع شريعة الإسلام التي تعتبر الأسرة اللبنة الأولى لبناء المجتمع وترابطه وحرصت على الاهتمام بتأسيسها على المودة والرحمة والمحبة والألفة وحسن المعاشرة مصداقا لقوله تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة «الروم 21، كما أكدت نبذ العنف والقسوة والظلم والعدوان على الحقوق، خاصة بين أفراد الأسرة ويقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: «ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم»، فالإسلام جعل الأبناء زينة الحياة الدنيا وأكد ضرورة تربيتهم وتعليمهم وتنشئتهم على القيم حتى يكونوا عونا لوالديهم على متاعب الحياة في المستقبل وامتدادا لأعمالهم الصالحة التي لا تنقطع بعد مماتهم. ويقول إن الإسلام يحرص على تربية الأبناء على الثقة بالنفس والحرية والكرامة واستقلال الشخصية ويدعو إلى نبذ العنف في التصرفات والسلوك ولهذا جعل الإيمان والعمل قرينين لا ينفصلان لأن العمل هو المظهر المادي لسلوك المسلم، والحق سبحانه وتعالى يقول: «فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق، ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب «البقرة الآيات 200-201. وأكد د. كمال إمام أن العنف الأسري تترتب عليه مفاسد كثيرة لأنه يولد العداوات بين أفراد الأسرة ويخلق الضغائن في المجتمع الأمر الذي يؤدي إلى سيادة روح الكراهية والبغضاء والتناحر بين أفرادها مما ينتج عنه التفكك الأسري الذي ينعكس على تماسك المجتمع وسلامته وانهيار كيانه وهذا يتعارض مع التوجيه الإلهي في قوله تعالى: «ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين «المائدة87 ، ولهذا فمرتكبه يكون من المبعدين من رحمة الله تعالى والمستحقين لسخطه وعقابه وغضبه، قال الرسول- صلى الله عليه وسلم: «من لا يرحم لا يرحمه الله». الأخلاق الحسنة ويقول: يجب أن نحرص على التحلي بالأخلاق الحسنة والرفق والحلم والرحمة والمحبة وترويض النفس على الصبر وأن نكون قدوة حسنة لأبنائنا بالابتعاد عن العنف والقسوة والتسلط، يقول الله تعالى: «وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك «الكهف 82، وأن نقتدي بالرسول- صلى الله عليه وسلم- في معاملته لأهل بيته والتأسي بأخلاقه وآدابه ويجب أن نعلم أن حق الولاية والقوامة لا يعني لجوء الإنسان إلى ضرب من تحت يده وقهرهم والتجبر عليهم لأن القوامة أمانة ومسؤولية والإسلام لا يبيح الضرب إلا في حدود ضيقة جدا وبشروط يجب أن تراعى وجعله آخر الحلول عندما لا ينفع الوعظ والنصح
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©