السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حسين الحمادي: رؤية محمد بن زايد للتعليم... أربعة أهداف وثماني خصائص

حسين الحمادي: رؤية محمد بن زايد للتعليم... أربعة أهداف وثماني خصائص
6 مايو 2018 23:55
عرض - خالد عمر بن ققة ( 2 ــ 7) يُقدِّم كتاب «محمد بن زايد والتعليم».. الصادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، شرحاً مفصّلاً، لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وليّ عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، للتعليم، كونه يمثل «المستقبل» الذي تتبنَّاه دولة الإمارات العربية المتحدة، تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. ويعدُّ هذا الكتاب المكوّن من إسهامات بحثيّة لمسؤولين وعاملين في قطاع التعليم، عملاً مؤسساً وجامعاً، ومُوجَّهاً لكلّ الشركاء في العملية التعليمية من جهة، ومُميّزاً بوضوح بين الرؤية السياسية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبين قراءات الباحثين لها من جهة ثانية، إضافة إلى أنه يقدم إجابات، بعيداً عن الصخب الإعلامي، لأسئلة من قبيل: كيف تُقْرَأ رؤية محمد بن زايد للتعليم؟ وما مدى إمكانيَّة تطبيقها؟ وهل هي خطاب سياسي عام أم رهان مستقبلي؟ وما علاقتها بتصور سموه العام لإنتاج أفكار إيجابية؟ وكيف للإمارات من خلال التعليم أن تَرْكَن إلى النوعية؟.. إلخ. إجابات تلك الأسئلة وغيرها، سيتضمنها هذا العرض في سبع حلقات، متصلة من حيث وحدة الموضوع، لكنها منفصلة فيما يخصُّ القضايا التي يتطرق إليها كل باحث، وفي ما يلي نص الحلقة الثانية، الخاصة بإسهام معالي حسين بن إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم. يَنْطلق معالي حسين الحمادي، وزير التربية والتعليم، في قراءته لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، من أمرين: الأول أن التعليم بالنسبة لسموه، يمثل العمود الفقري للتنمية والأساس الصلب للتقدم والنهضة، والأمر الثاني أن رؤية سموه تتحرك تخطيطاً وتنفيذاً في فضاء الزمن بِبُعْدَيْه الحاضر والمستقبل، ويشغل التعليم فيها مكانة عالية وموقعاً محورياً ضمن أولويات سموّه، واهتماماته الوطنية وفلسفته التنموية. الرأي السابق، يمكن التَّسليم به من ناحية الخطابين السياسي والإعلامي، وهو قول عام، ويمثل نتيجة منطقية للنقاشات الدائرة على الساحة المحلية، وحتى على السَّاحات العَالميَّة بالنظر إلى متابعات مختلفة، منها: ما تشهد عليه حالة الانبهار والدهشة، ومنها ما يعد نظرة نقدية، وثالثة تحاول تقليد الإمارات، ورابعة تطرح عدة تساؤلات حول أفق المشروع ومستقبله، لكن ما تفصيلاته من حيث المتابعة العلميّة المحايدة، والتي تعمل بالأساس على تحويل رؤية سموه إلى وقائع؟.. إجابة هذا السؤال نجدها ضمن هذا الإسهام الثري، الذي يقدمه حسين الحمادي لرؤية سموه في مجال التعليم.. فلنتابع. رؤية إنسانية يذهب حسين الحمادي إلى إبراز جوانب من رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، بشأن التعليم لجهة تشكيلها تصنيفات أو محددات، يمكن الاستناد إليها، سواء لتكوين مرجعية فلسفية وقيمية لرؤية سموه، أو عند تطبيقها بما يخدم السياسة العامة للدولة، حيث يصنفها بأنها: أولاً: رؤية شاملة ومتكاملة، حيث لا يقتصر اهتمام سموّه على التعليم الحكومي أو العام فقط، وإنما كذلك يهتم بالتعليم الخاص ويعدّه شريكاً أساسياً في منظومة التعليم بالدولة، كما يهتم سموّه بالتعليم المهني والفني، والبحث العلمي، والانخراط القوي في دراسة العلوم الحديثة والتكنولوجيا، ويركز كذلك على القيم والأخلاق والتراث في مناهج التعليم. ثانياً: رؤية واعية، بمعنى أنها تنطلق من قراءة دقيقة لمتغيرات الواقع المحلي والإقليمي والدولي، وما تفضي إليه هذه المتغيرات من تحولات كبرى في المجالات كافة، تعمل الأمم الحَيّة على الاستعداد للتعامل معها، بل تحويل تحدّياتها إلى فرص. ثالثاً: رؤية واضحة، بمعنى أنها لا تقتصر على المبادئ العامة أو الخطوط الرئيسة، وإنما تهتم بالتفاصيل والخطط والسياسات، وتنير الطريق نحو تحقيق الأهداف وبلوغ الغايات التي تريدها هذه الرؤية وتستهدفها. رابعاً: رؤية طموح، بمعنى أنها لا تضع حدوداً أو سقوفاً لما تريد تحقيقه، لأنها تنطلق من الثقة بالنفس وبالقدرات الوطنية، وتؤمن بأن التخطيط السليم القائم على العلم، الذي تسنده الإرادة القوية والإدارة الفاعلة والقيادة الواعية، يؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة مهما بدت كبيرة وعظيمة. خامساً: رؤية وطنية، بمعنى أنها تنطلق من موقع الوطن، فدولة الإمارات العربية المتحدة، في قلب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، وعقله، وهو موقع يجعل سموّه دائم الحركة والتفكير والعمل من أجل وضع دولة الإمارات العربية المتحدة في أعلى مراتب التقدّم في العالم. سادساً: رؤية إنسانية، بمعنى أنها تنظر إلى التعليم بصفته حقاً إنسانياً لا تحجبه اعتبارات الجنس أو النوع أو العمر أو غيرها، لذا فإن سموه داعِمٌ قوي لتعليم المرأة جنباً إلى جنب الرجل، ولتعليم أصحاب الهمم، كما أنه من القادة المعروفين بدعم التعليم على المستويين الإقليمي والدولي. مدرسة الشيخ زايد هذه المحددات الستة لرؤية سموه حول التعليم، تعود خلفياتها في نظر الحمادي إلى جملة من الروافد أسهمت في تشكيلها، منها: المنبع الأول، وهو مدرسة زايد، إذ يرى الحمادي، أنه «لا يمكن الحديث عن فلسفة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، في الاهتمام بالتعليم وطبيعة نظرته إليه وإلى موقعه في حاضر دولة الإمارات العربية المتحدة ومستقبلها، دون التعرّف إلى الجذور الأولى لهذه الفلسفة التي تمتد إلى مدرسة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فقد ظل ملازماً له حتى وفاته، رحمه الله، وخلال هذه الفترة كان سموّه من أقرب المقرّبين إلى الوالد المؤسس». هنا يورد الحمادي ما رواه دفيد ماك، سفير الولايات المتحدة الأميركية الأسبق لدى دولة الإمارات العربية المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي، إذْ عبّر بوضوح عن طبيعة عن تلك العلاقة بقوله: إن لقاءه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، كان دائماً يُعقد في الساعة السابعة والنصف صباحاً، قبل بدء الدوام الرسمي في غالبية دوائر الدولة، وقد سأل السفير ماك ذات مرة سموّه: في أي ساعة باكرة تبدأ؟ فأجاب بأنه «يبدأ يومه بالاستيقاظ مع المرحوم والده وإعطائه كوباً من الحليب، ثم تأدية صلاة الفجر معه». ويضيف الحمادي روافد أخرى أسهمت في تشكيل رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حول التعليم، منها: ما يميّز سموّه من صفات رجل الدولة، القائد الذي يجيد قراءة الماضي والحاضر والمستقبل، ويمتلك شجاعة المبادرة واتخاذ القرار، ويجعل مصلحة بلده في قمّة أولوياته، وتجربة سموّه الذاتية، خلال المراحل المختلفة في حياته التعليمية والمهنية، ووعي سموه بتجارب التنمية والتقدّم في العالم، في كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا وكوريا الجنوبية واليابان وغيرها، حيث نظرت تلك الدول جميعها إلى التعليم بوصفه مسألة أمن قومي، وكذلك إيمانه بأن التعليم هو مستقبل العالم في كل المجالات. ويقف حسين الحمادي عند بعض ملامح رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حول التعليم، مع اعترافه بأنها من العمق والشمول، بحيث لا يمكن الإحاطة بكل جوانبها وتفاصيلها ومعانيها في هذه المساحة الصغيرة من الكتاب، لكن ملخص رؤية سموه يتمثل في اعتبار «التعليم هو مستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة»، وهذا يندرج ضمن رؤية عامة للقيادة الإماراتية يحتل المستقبل فيها أولوية قصوى، لهذا نجد المستقبل حاضراً على الدوام في رؤية سموه، ويتلازم ذلك مع حضور قوي كذلك للتعليم في هذا الفكر.. لكن كيف ينعكس ذلك على الواقع العملي؟ مع آدم سميث الواقع أن التعليم والمستقبل في تلازمهما أو تداخلهما أو تشكيلهما لثنائية، كوّن الأول منظومة فكرية ومعرفية وتقنية وأخلاقية، والثاني زمناً مقبلاً يتم العمل من أجل كسب رهانه عبر التأسيس له في الحاضر.. ليقترنا على الدوام بأهداف عامة مرجوة، ذكرها حسين الحمادي مفصَّلة، ونذكرها هنا مختصرة، وهي: أولاً: الاستعداد لمرحلة ما بعد النفط، حيث يُعدّ الاهتمام بالتعليم في رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، خطوة أساسية في استعداد دولة الإمارات العربية المتحدة للتعامل مع المستقبل بتحدّياته وفرصه، خاصة انتهاء عصر النفط. ثانياً: تنمية الموارد البشرية. وهنا يعود الحمادي إلى «آدم سميث» في كتابه الشهير «ثروة الأمم»، حيث أكد أهميّة توجيه الموارد نحو التعليم، لأن هذا سوف يؤدي إلى تكوين ما سمّاه سميث «رأس المال الدائم»، وعنى به المعرفة والعلم والمهارة وغيرها من جوانب المعرفة التي تشكّل «جزءاً من ثروة الشخص الخاصة، إلى جانب كونها جزءاً من ثروة المجتمع». وتنظر الدول المتقدّمة إلى «كل مولود جديد على أنه عقل يفكر ويدان تعملان»، ولا تعدّه عبئاً أو مشكلة كما يحدث في بعض الدول النامية، لأنها ترى في البشر ثروة تحتاج إلى تنمية لتحقق التقدّم وتقود النهضة. هذه الرؤية هي نفسها التي يتبنّاها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، وهي تجسد نظرة شمولية تقوم على الاستثمار في رعاية الشباب، وتنمية مهارات الجيل الجديد بفكر جديد ومتطور، وبناء الكوادر البشرية. ثالثاً: خدمة المشروعات الوطنية الكبرى: حيث يرتبط مستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة بالعديد من المشروعات الوطنية الكبرى التي تلهم من خلالها المنطقة والعالمين العربي والإسلامي، مثل: مشروع الطاقة النووية للأغراض السلمية، ومشروع الطاقة المتجددة، ومشروع الفضاء.. وغيرها، وهذه المشروعات تحتاج إلى كوادر مواطنة مدربة ومؤهلة، وإلى خبرة علمية، ومعرفة تكنولوجية عالية، وهذا كلّه لا يتحقق إلا من خلال التعليم الذي يشمل المرأة أيضاً، بوصفها ركناً أساسياً من أركان الثروة البشرية في دولة الإمارات العربية المتحدة. رابعاً: التعليم حق للجميع «متحدون في المعرفة»، ويتجلى ذلك في النظرة الثاقبة لسموه، والتي تقوم على تطبيق شعار «البيت متوحد» في مجال التعليم، إذ تكفل دولة الإمارات العربية المتحدة التعليم للجميع. ومن ناحية أخرى، فإن التعليم الذي يصنع مستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة له سماته وخصائصه المميزة في رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، وفكره، ولعلّ أهم هذه الخصائص والسمات: التفوّق والتميّز (لا النجاح فقط)، لأن المنافسة القوية في مضمار التقدّم العالمي لا يخوضها سوى المتميزين والمبدعين والقادرين على امتلاك ناصية العلم الحديث والاستفادة منه، وتعزيز التفوق في مجال العلوم والتكنولوجيا، لأنه من دونها لا يمكن الحديث عن تقدّم حقيقي أو موقع متميز على خريطة العالم، ودعم الصناعة الوطنية باعتبارها الطريق الأساسي لتحقيق التنوع الاقتصادي واقتصاد المعرفة في مرحلة ما بعد النفط، وأن تكون مخرجات التعليم في خدمة الاقتصاد الوطني، بمعنى أن تكون متوافقة مع حاجات سوق العمل من ناحية، ومسارات الاقتصاد الوطني من ناحية أخرى، والاهتمام بالتعليم الفني والمهني، بوصفه أحد أهم روافد العملية التنموية في دولة الإمارات العربية المتحدة. الاستنارة.. والعرب وإضافة إلى ما سبق، هناك ثلاث خصائص ذات طبيعة معرفية وقيمية وأخلاقية تتعلق بالتعليم في رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الأولى: الاستنارة، حيث يقف التعليم حائط صد ضد التطرّف والإرهاب، وهو أهم حل لمواجهة التحديات الفكرية والتيارات الظلامية التي تهدد المنطقة والعالم، فالطالب المنفتح والمزوّد بمهارات التحليل والنقد، لا خوف عليه من الأفكار السامّة التي تبثّها جهات معادية تستهدف تلويث أفكاره وحرفه عن مساره الصحيح. والثانية: تعزيز القيم الأخلاقية، حيث أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، مبادرة «التربية الأخلاقية»، في يوليو 2016، دعماً للتطور الأكاديمي، ولإشاعة قيم التعاون والانفتاح والتسامح. والثالثة: الجمع بين الأصالة والمعاصرة، أي الانفتاح على العالم وعلى العصر، مع الحفاظ على الأصالة والتراث الوطني العريق والاعتزاز به، وزرع هذا الاعتزاز في عقول النشء والشباب وقلوبهم. وينتهي الحمادي في ورقته إلى مسألة تتعلق بفضاء رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وامتدادها خارج جغرافية الإمارات لتشمل التعليم في الدول الخليجية والوطن العربي كله، فبالنسبة لدول الخليج العربي فقد أطلق سموه في 17 أبريل 2017 «جائزة محمد بن زايد لأفضل معلّم خليجي»، وترتكز هذه الجائزة التي تغطي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على خمسة معايير: التميز في الإنجاز، الإبداع والابتكار، التطوير والتعلم المستدام، المواطنة الإيجابية والولاء والانتماء الوطني، وأخيراً الريادة المجتمعية والمهنية. أما بالنسبة للدول العربية، فإن سموه ينظر إلى مسألة التعليم عربياً من موقع أهمية قضايا التقدّم والتخلّف، ودور هذه القضايا في التحولات السياسية والاجتماعية والأمنية في المجتمعات العربية، وارتباط كل ذلك بواقع الإنسان العربي ومستقبله، وحالة السلام والاستقرار على الساحة العربية، وهذا كله يعتمد على تطوير التعليم. يتبع
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©