الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

المأساة العربية في قالب يمزج الكوميدي بالعبث

المأساة العربية في قالب يمزج الكوميدي بالعبث
18 أغسطس 2008 21:29
في يومه الثامن، شهد مهرجان دبي لمسرح الشباب واحدا من أهم عروضه، إن لم يكن أهمها على الإطلاق، سواء على مستوى المفردات والعناصر، أو على مستوى العمل ككل، فقد شاهد الجمهور، مساء أمس الأول، عملا أكاد أقول إنه متكامل نصا وإخراجا وتمثيلا وعناصر فنية· فالنص الذي أبدعه طلال محمود قام المخرج الشاب مروان عبد الله بتنفيذه إبداعيا مستخدما كافة أدوات الفن المسرحي، فكان عرض ''عنمبر'' (مركبة من عنبر وعمبر) لفرقة مسرح دبي الأهلي· يبدأ العرض بحوار شبه عبثي بين الشخصيتين الوحيدتين على الخشبة، بما يذكر بـ''انتظار غودو''، لكن العمل ينتقل فجأة إلى الواقعية الجادة، فنجد الممثلين حسن يوسف وإبراهيم محمود يأخذا العمل نحو حوارات وقضايا عربية مهمة، فهنا ثمة شخصان يأتيان من باب التاريخ لمعالجة الرهن، أحدهما ''عنبر/ أو عنترة العبسي'' يعيش في الماضي وأمجاده، والآخر ''عمبر'' الذي يحاول الانتقال للعيش في الزمن الراهن والحداثة· وما بين مشهد حربي يمضي بشراسة، ومشهد حب يعيشه عنبر بقسوة وخسارة على نحو تراجيدي، تمضي مشاهد العرض لتحكي لنا مأساة الإنسان العربي في الزمن المعاصر، تقول لنا كيف تبعثرت حروف العربية، وتسخر بشفافية من الحلم العربي في أغنية ''دا حلمنا/ طول عمرنا''، وتقدم مشهدا مأساويا لمحمد الدرة في حضن والده، وتتناول موضوع الحجاب والنقاب بشكل نقدي ساخر، وتعالج حرية الفتاة في اختيار شريك حياتها وغلظة الوالد في قمعها بصورة كوميدية، مع استخدام موفق لخيال الظل، حيث الممثل يؤدي دور الفتاة بشكل رائع، وينتهي عنبر مجنونا، فيما يذهب عمبر نحو أفق أزرق يوحي بالمستقبل، ويختتم العرض بأغنية ''زهرة المدائن'' لفيروز، ويغني معه الجمهور ''يا قدس/ يا مدينة الصلاة'' العتيقة· في هذا العرض اشتغال على المؤثرات الصوتية والإضاءة بشكل جيد، وقد استطاع المشرف على السينوغرافيا أن يخلق مناخا ملائما لمفردات العمل الغني بالتنويعات، فمنذ البداية تواجهنا شبكة العنكبوت التي تظلل الخشبة، بما تحمله من دلالات· ويغتني العمل بالتحول من حال الكوميديا الجاد إلى حال الفكاهة البسيطة ثم إلى حال المأساة والتراجيديا ثم إلى حوار العبث المسلي والهادف في آن، وهكذا وجدنا أنفسنا أمام عرض لا يبدو أنه العمل الأول للمخرج- إخراجيا، فمروان عبد الله المعروف ممثلا ناجحا، نجح هنا في أن يكون مخرجا واعدا أيضا، وذلك من خلال سيطرته على عناصر العمل وتوجيهها على نحو مبدع· وقد استطاع الممثلان القيام بدوريهما بشكل أبرز قدرات كل منهما على الابتكار والإبداع، وبلا أي افتعال أظهر الممثلان طاقة حركية هائلة في الأداء، وكانت حركة ذات دلالات تعبيرية قوية، ويظل أداؤهما لمشهد محمد الدرة من أقوى مشاهد العرض رغم أنه مشهد قصير لم يدم سوى ثوان قليلة·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©