الأحد 12 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مثقفون ومفكرون يتحاورون حول إشكاليات المناهج

مثقفون ومفكرون يتحاورون حول إشكاليات المناهج
18 أغسطس 2008 01:40
احتضنت المكتبة الوطنية في الجزائر الاسبوع الماضي ندوة بعنوان ''الفلسفة والنقد الثقافي'' استهلها الدكتور عمر بوساحة، أستاذ فلسفة الجمال بجامعة الجزائر، ومدير الندوة بطرح عدد من الاسئلة حول اشكاليات دور الفلسفة اليوم في مواكبة الحركة الثقافية ومساهمتها فيه بالدراسة والنقد والمتابعة المستمرة· وأسهم الدكتور لعموري علِّيش، أستاذ الفلسفة بجامعة الجزائر بمحاضرة بعنوان ''توظيف المنقول في الدفاع عن المعقول: رؤية نقدية وابستيمولوجية''· وقال إنها جاءت بعد قراءة كتاب''التقريب'' للفيلسوف الأندلسي ابن حزم الذي أثار الكثير من الجدل والنقد في عصره، كما عمل على تقريب المنطق المُعقَّد لدى عامة الناس، وجاء كتابُه بمثابة مختصر للألفاظ المستعملة في المنطق ووضع صياغة جديدة له ولقواعده بهدف وضع نص منطقي جديد يكون في متناول العامة للدفاع عن العقل ضد أعدائه وبخاصة الفقهاء· وأضاف عليش أن ابن حزم خالف المنطق الأرسطي عكس ابن رشد، حيث إن ابن حزم أعاد صياغة المنطق الأرسطي صياغة إسلامية جديدة، ودافع عن أهل المنطق والفلسفة بنفس سلاح الفقهاء فوظف القرآن والسنة للدفاع عن المنطق والعقل ودحض مقولة تعارض الفلسفة والدين، بل وذهب إلى القول إن علم المنطق له دورٌ مهم في معرفة الشريعة والفقيه يجب أن يبني فتواه على أسس منطقية ليكون أكثر إقناعاً، وهو ما اعتبره عليش ثورة ابستيمولوجية نقدية لدى ابن حزم في عصره· وألقى بعده الدكتور عبدالحليم بوهلال، أستاذ الفلسفة بجامعة الجلفة محاضرة بعنوان ''دفاعاً عن العقل'' انطلق فيها بسؤال مهم وهو: ما بال الثقافة العربية اليوم تعيش هذه الأزمة الخانقة برغم امتلاكها الكثيرَ من مصادر القوة؟ ثم، إذا كان التفلسفُ قائماً، فما باله يتعارض عند البعض مع بعض مظاهر الثقافة؟! المحاضرة الأخيرة كانت للدكتور لخضر مذبوح، أستاذ الفلسفة بجامعة قسنطينة، بعنوان ''جدلية النقد والإبداع والتطور العلمي والثقافي'' بدأها بالحديث عن التفكير الأسطوري الذي ساد لقرون طويلة في العالم قبل أن يأتي طاليس ويحدث قطيعة نهائية معه ويؤسس للتفكير المادي المحسوس ويضع المنهج التجريبي، ويؤكد أن المعرفة أساسها إنساني وينبغي أن تتأسس على العقل وتحتكم إليه، واعتبر المحاضر أن القرن السادس قبل الميلاد هو القرن الذي قطع فيه الغرب الحبل السري مع التفكير الأسطوري وأسس المعرفة على منطلقات إنسانية معرفية· وعرَّج بعدها المُحاضِر على فلسفة ابن رشد الذي أراد في كتابه ''فصل المقال'' التأسيسَ لفلسفةٍ مستقلة وقال بجواز الخطأ في فهم أي نصِّ وتأويله، ليسعى بذلك إلى تأسيس معرفة تحتمل الصواب والخطأ إلا أن مشروعه العظيم أجهض· وفُتح المجالُ للنقاش والتعقيبات، فقال أحد المتداخلين إن الفقهاء لم يكونوا ضد العقل بل كانوا تحديداً ضد الموروث اليوناني، ونبه آخر إلى الدور الكبير للغزالي في الفلسفة الإسلامية· وتدخل الدكتور محمد جباب لينبِّه إلى أن الغرب لم يقطع الصلة بالتفكير الأسطوري إلا بعد أن برزت قوى اجتماعية وسياسية تكفلت بحمل هذا الفكر الأرسطي وتبنته وقاطعت التفكير الأسطوري، وفي العهد العباسي برزت أيضاً قوى سياسية واجتماعية قامت بتشجيع الفلاسفة وحمايتهم وحمل أفكارهم والدفاع عنها، ولما غابت لم يجد ابن رشد من يحمل أفكاره ويدافع عنه وعنها، فنُكِّل به حياً وميتاً· وتساءل أحد المتداخلين عن أن العولمة الآن تريد تسطيحَ الفكر الثقافي بفرض ثقافة ليبرالية جديدة، فماذا فعلت الفلسفة لمواجهتها عوض الاكتفاء باجترار الأفكار القديمة؟· وعقَّب المحاضرون على هذه المداخلات فقال الدكتور عليش إن الغزالي كان ''شعلة فلسفية'' وعلى يده ظهر التنويريون العرب، لكنه لم يكن جريئاً كابن حزم الأندلسي الذي واجه الفقهاء ''مواجهة أرسطية'' بينما كتب الغزالي ''محك النظر'' و''القسطاس المستقيم'' و''معيار العلم'' لإرضاء الفقهاء· أما الدكتور مذبوح فقال إن الفلسفة ترفض الكبت والمصادرة، وقال إن كبار الإبداعات الإنسانية في التاريخ أبدعها فلاسفة، واعتبر مجدداً أن ابن رشد وكذا ابن خلدون هما من كبار الفلاسفة المبدعين في التاريخ·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©