السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تهاوي الفائدة يهدد بتراجع نصيب البنوك من الودائع

تهاوي الفائدة يهدد بتراجع نصيب البنوك من الودائع
24 أكتوبر 2009 00:44
وضع الخفض السادس لأسعار الفائدة على الودائع الذي أقره البنك المركزي المصري البنوك في مأزق سيولة جديد بعد أن عزز إحباط المتعاملين جراء تدني العائد المترتب على الودائع. ووفقا لقرار خفض سعر “الكوريدور” بمقدار ربع بالمئة ليصبح متوسط أسعار الفائدة السائد في البنوك المصرية 8.25%، ورفع الفائدة إلى 9.75% على الاقراض، يكون هذا العائد قد فقد نحو 3.75% خلال العام الجاري، هبوطاً من 12% عائداً على الودائع الطويلة الأجل. واعتبرت بنوك أن الاستجابة الفورية لهذا القرار يعني فقدان شرائح واسعة من عملائها الذين قد يتجهون الى أوعية استثمارية اخرى في مقدمتها البورصة أو العودة للمضاربة في سوق العقارات. وإذا حاولت البنوك، وقد فعل بعضها ذلك، الإبقاء على اسعار العائد على الودائع لديها للاحتفاظ بالعملاء مع خفض أسعار الفوائد على القروض، فإن ذلك يعني تراجع هامش أرباحها والتأثير السلبي على مراكزها المالية. ويستند البنك المركزي في قراراته المتوالية بخفض الفائدة واستمرار نزيف النقاط إلى تراجع التضخم. ويشير البيان الصادر عن البنك المركزي إلى أن معدل التضخم في المستوى العام لاسعار المستهلكين استمر في الانخفاض ليسجل ادنى مستوى له خلال ثلاثين شهراً عند 9 بالمئة في اغسطس الماضي مقابل 9.9 بالمئة في يوليو. وسجل معدل النمو الاجمالي للعام المالي 2008-2009 نحو 4.7 بالمئة وهو نمو أفضل مما كان متوقعاً. وتواصل لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري اتخاذ القرارات اللازمة لاحتواء التأثيرات السلبية على الاقتصاد المصري الناتجة عن الأزمة المالية العالمية. ضغوط ويعتقد الكثيرون ان قرارات خفض الفائدة تأتي استجابة لضغوط رجال الاعمال والمستثمرين الراغبين في خفض كلفة التمويل لمشروعاتهم الجديدة الى جانب رغبة البنك المركزي في تنشيط الاستهلاك عبر دفع اصحاب المدخرات لسحب مدخراتهم وإعادة ضخها في السوق ومساندة السياسات الحكومية الرامية للحفاظ على معدل نمو معقول خلال العام الجاري. ورغم محدودية الخفض في المرة الاخيرة والذي لم يتجاوز حوالي ربع بالمئة، إلا أن هذا الاجراء تسبب في ارتباك البنوك خاصة تلك التي اطلقت مؤخرا منتجات جديدة وأوعية ادخارية جاذبة بأسعار فائدة مميزة في إطار المنافسة على قواعد التمويل التي باتت معرضة للتأكل مع خفض الفائدة. ووجدت معظم البنوك نفسها مضطرة للإبقاء على أسعار الفائدة المميزة للأوعية الجديدة حفاظاً على مصداقيتها أمام العملاء ورغبتها في اثبات تواجدها بالسوق لاسيما وأنها كانت تدخل لأول مرة مجالات عمل جديدة بالنسبة لتاريخها المصرفي، مثل منتجات الصيرفة الاسلامية. ويرى خبراء مصرفيون أنه إذا كان الخفض الأخير محدوداً فإنه يعكس مخاوف البنك المركزي المصري من وجود بعض الضغوط التضخمية في المستقبل، ويؤكد من جهة أخرى إصرار المركزي على اتخاذ القرارات التي يرى أنها في صالح الاقتصاد الكلي. ويشير هؤلاء الخبراء الى انه رغم هذه التخفيضات، ما يزال القطاع المصرفي يعاني اختلالاً واضحاً ومستمراً في توظيف الودائع المتزايدة في ظل فائدة متدنية لا تزيد على 8.25 بالمئة على الإيداع ليلة واحدة بين البنوك “الكوريدور”. وتشير أحدث احصاءات البنك المركزي لأداء القطاع المصرفي الى الاستمرار في ارتفاع اجمالي الودائع حتى وصل الى 82 مليار جنيه في يونيو الماضي مقابل 75 مليار في مايو بزيادة 7 مليارات جنيه خلال ثلاثين يوماً. بينما لم تتعد أرصدة الإقراض لنفس الفترة 439 مليار جنيه مقابل 431 مليارا، أي أن هناك تراجعاً في معدلات التوظيف بنحو ثمانية مليارات جنيه خلال شهر، لتدفع بذلك معدل القروض إلى الودائع إلى 53.1 بالمئة في يونيو الماضي مقابل 53.6 بالمئة في مايو. ويؤكد خالد السلاوي، رئيس قطاع ائتمان الشركات في بنك الاسكندرية، وجود قصور في طلب الائتمان من جانب العملاء، مشيراً الى أن عنصر الفائدة وحده ليس محفزاً على الائتمان وكثير من المستثمرين اضطروا لتأجيل خططهم التوسعية بفعل الأزمة المالية. وقال “ترتب على هذا الأمر إحجام المستثمرين عن طلب القروض بضغط من الحالة الانكماشية التي مرت بها السوق خلال النصف الأول من العام”. ضغف الطلب وأكد أن أسعار الفائدة الحالية مكلفة، إذا أخذنا في الاعتبار وجود أزمة سوقية خاصة بضعف الطلب على السلع والمنتجات. وأشار السلاوي إلى أن معظم البنوك المصرية تسعى في الوقت الراهن لعدم فقدان عملائها وبالتالي تضطر للتنازل عن جزء من أرباحها والإبقاء على أسعار فائدة معقولة. ولم يعد أمام البنوك سوى ابتكار منتجات جديدة تلبي احتياجات العملاء والدخول في مجالات تمويلية غير تقليدية لتشغيل أموالها وتحقيق عوائد جيدة على الودائع، وهو الأمر الذي بات أكثر وضوحا خلال الشهور الأخيرة، بحسب السلاوي. وتتصارع البنوك على اقتناص الصفقات الكبرى سواء بمفردها أو عبر الاشتراك فيما يعرف بالقروض المشتركة. أما الدكتور حافظ الغندور، مدير عام البنك الأهلي المصري، فيؤكد أنه “لا أحد يستطيع الحكم على جدوى القرارات المتعلقة بتسعير الفائدة داخل السوق سوى مسؤولي لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي وفق ما يتوفر لديها من بيانات وحقائق تمس جميع أطراف السوق”. وقال “هناك تشابك بين السياسة النقدية والسياسة المالية للدولة وحجم البيانات التي تعرض على تلك اللجنة والتي على أساسها يتم النظر في تعديل أسعار الفائدة كل شهر”. وأضاف أن السياسة الحالية تستهدف تعظيم عائد الاستثمار المباشر وتعويض الاستثمارات التي فقدتها السوق على خلفية الأزمة المالية والتي تجاوزت 9 مليارات دولار في عدة شهور. وأشار الغندور إلى أن الالتفات إلى المؤشرات غير المشجعة لحركة الائتمان داخل القطاع المصرفي المصري لن يحول دون الاستمرار في تلك السياسة التوسعية التي ينتهجها البنك المركزي. سياسة انكماشية وبين أن الاعتراضات كانت غائية في ظل ظروف العام الماضي التي كانت تسمح للبنك المركزي بإقرار الفائدة المرتفعة على الودائع والقروض، رغم أن تلك كانت تمثل سياسة انكماشية تهدف لكبح جماح التضخم دون النظر الى انعكاس ذلك على مناخ الاستثمار النشط في ذلك الوقت. وقال إن النمو في حجم الائتمان لا يتعلق بعنصر الفائدة وحده إذا نظر إلى جميع أطراف السوق من بنوك وعملاء ومناخ اقتصاد كلي. وأشار الغندور إلى أن مسؤولي السياسات النقدية أمامهم مناخ عام للاقتصاد الكلي يتسم بضعف الطلب على السلع والخدمات وبتراجع ملحوظ في الموارد العامة وما لحق بكل ذلك من سمة انكماشية ظهرت بوضوح في النصف الأول من العام الحالي وهذا ينعكس على حالة عملاء الائتمان فيما يتعلق بحاجتهم الفعلية لطلب الائتمان. وأوضح مدير عام البنك الأهلى أن أي ظرف انكماشي داخل السوق يفرض على العميل المنتج تأجيل أي خطط متعلقة بطلب الائتمان بغرض التوسع في الانتاج، وهو ما حدث لدرجة أن كثيرين أرجأوا خططهم التوسعية انتظاراً لما ستؤول اليه الأوضاع السوقية. وقال “بعض المستثمرين لجأوا إلى اكتناز السيولة المتاحة لديهم في صورة ودائع بنكية وهي كلها ظروف تؤدي الى تراجع عرض الائتمان من جانب البنوك”.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©