السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فلسطين تودع محمود درويش بالورد والدموع

فلسطين تودع محمود درويش بالورد والدموع
14 أغسطس 2008 00:12
في أول جنازة رسمية تقيمها السلطة الفلسطينية منذ وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات عام ،2004 شيّع الفلسطينيون أمس جثمان الشاعر محمود درويش في بلدة رام الله وسط حشد رسمي وشعبي تقدمه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس الحكومة سلام فياض، وعدد من الوزراء والمسؤولين، كما حضر رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دوفيلبان ممثلا لبلاده، وهو كان على معرفة شخصية بالراحل، ووصفه في كتابه ''فندق الأرق'' بأنّه رجل يحمل ضوء نجمة حزينة''· حيث تمّ دفن الشاعرالراحل، تنفيذاً لوصيته، فوق تلة مشرفة على الضفة الغربية، على مقربة من مدينة القدس التي كان لها موقع استثنائي في وجدانه· كما أمّ مفتي القدس الشيخ محمد حسين الصلاة على روح الشاعر· وقد وصل جثمان درويش إلى رام الله قادماً من العاصمة الأردنية عمان، على متن مروحية عسكرية، ترافقها أخرى تقل أعضاء الوفد الفلسطيني الذي كان توجه صباح أمس إلى عمان لاستقباله· وقد بقي جثمان الفقيد في مطار ماركا العسكري بعمان مدة ساعة ونصف الساعة تسنى خلالها للمسؤولين والإعلاميين الأردنيين إلقاء نظرة عليه قبل نقله إلى رام الله· وشارك في مراسم استقبال ووداع جثمان الشاعر الكبير في عمان كبار المسؤولين الفلسطينيين، وممثلو وقادة القوى الفلسطينية، إضافة إلى ذويه وعلى رأسهم والدته الحاجة حورية، التي جاءت على كرسي متحرك· ووضع جثمان الراحل على مركبة عسكرية عبرت رام الله من الشمال إلى الجنوب، واجتاز الموكب الجنائزي شارع الإرسال فميدان المنارة ودوار الســـاعة وشــارع يافــا ثــم مســتشفــى أبو ريا، قبل أن يصل إلى قصر الثقافة، الذي أحيا فيه الشاعر الراحل أمسيته الأخيرة، ملقيا آخر قصائده الجديدة ''لاعب النرد''، و''محطة قطار سقط عن الخريطة'' في يوليو الماضي، وهو بات منذ الأمس يحمل إسمه، وبالقرب منه يقع ضريح درويش الذي ينتظر أن يتحول مزاراً لمحبيه وعشاق شعره، كما أطلقت بلدية أريحا بالضفة الغربية إسمه على أحد شوارعها· في حين غطت صور الراحل جدران الشوارع في رام الله، إلى جانب مقولته الشهيرة: ''على هذه الأرض ما يستحق الحياة''· وكانت مراسم التشييع قد بدأت في مقر المقاطعة، حيث سجي جثمان الراحل، وألقى الرئيس عباس كلمة تأبين للشاعر الكبير، معتبراً أن يوم رحيله يوم فارق في تاريخ الثقافة الفلسطينية· واصفاً إياه بأنه أحد أساطير الشعب الفلسطيني، وسيد الكلمة والحكمة المعبرعن قضيته· وقال محمود عباس في كلمته ''الفارس العنيد ترجل عن صهوة الشعر والأدب، ليترك فينا شمساً لا تغيب، ونهراً لا ينضب، من عطاء الخير والبشائر والأمل''· وأكد أن الراحل كان ''بطلا ملتزما متفانيا مضحيا وقائدا في سائر جبهات الصمود والكفاح الأسطوري لشعبه، على امتداد زمن الثورة الممتد عبر العقود إلى إبرام عقدنا الاجتماعي الجمعي، بتأسيس الدولة التي نظم وصاغ بنبض قلبه وروحه دستورها''· وقال عباس: ''إنها أسطورة الشعب المجبولة بأسطورة محمود بتبادلية جدلية، هي الأكمل والأجمل ينقش بمهارة المبدعِ الخلاق ليس فقط ملامح هويتنا بل جدار وعينا، ليكون فينا ومنا ولنا، ويكون لكلٍ منا فيه حصة أو نصيب كما هي مع شعبه وقضيته مع أمته وإنسانيته ليصبح ذلك الخيط الحريري المميز في قوس نصرنا ومنارة عزنا في صِلب نسيجنا الاجتماعي ووحدتنا الوطنية''· كما ألقى الشاعر سميح القاسم كلمة تأبينية مؤثرة في حق الراحل غلب عليها الطابع السياسي، وقد استعمل القاسم في كلمته عبارة ''يا أخاً لم تلده أمي''، وهو ما يعكس العلاقة الخاصة التي ظلت تربط الشاعرين على مدى عقود طويلة بدآها بالاشتغال مبكرا في عالم الصحافة· كما ألقى أحد أشقاء الشاعر الراحل كلمة تأبينية باسم ذويه· ياسر عبد ربه يثمن دور الإمارات في المواقف التاريخية استقبال حافل لجثمان درويش لدى وصوله عمان على متن طائرة إماراتية جمال إبراهيم، عمان - أقيم أمس في مطار ماركا العسكري شرق العاصمة الأردنية عمان حفل استقبال ووداع لجثمان الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، إذ وصل درويش على متن طائرة إماراتية خاصة أمر بها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة (حفظه الله)· وكان في استقبال الجثمان شخصيات رسمية فلسطينية وأردنية، بينهم رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ورئيس المجلس الوطني سليم الزعنون وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه والنائب العربي في الكنيست الإسرائيلي أحمد الطيبي· وحضر المراسم مندوبان عن الملك عبد الله الثاني الأميرعلي بن نايف ووزيرة الثقافة الأردنية نانسي باكير والممثل عن الجامعة العربية محمد صبح· كما شارك أدباء وشعراء وفنانون وكتاب أردنيون في الاستقبال إلى جانب الفنان اللبناني مارسيل خليفة الذي غنى كثيرا من قصائد درويش· واصطف حرس الشرف الأردني لتحية الجثمان، بينما حمل 12 ضابطا من جيش التحرير الفلسطيني في الأردن النعش الذي لف بعلم فلسطين وسجوه في قاعة انتظار داخل المطار· وترأست وزيرة الثقافة الأردنية نانسي باكير وفدا أردنيا للمشاركة في تشييع الشاعر الفلسطيني الذي توفي السبت عن 67 عاما إثر عملية جراحية في القلب في الولايات المتحدة· ونقل جثمان درويش إلى رام الله على متن مروحية أردنية إلى مقر الرئاسة الفلسطينية قبل دفنه في تلة في رام الله تطل على القدس· وقال أمين سر اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه في كلمته إن :'' درويش شاعر الأرض والحب والحياة يرحل عنا مودعا لهذا البعد الطيب في طريق عودته الأخيرة لوطنه فلسطين الذي عشق''· وأضاف: ''لمحمود وطن طاف في كل قلب فلسطيني وعربي '' وقال :''عشت فارسا وقضيت فارسا''، مشيرا إلى أنّ ''درويش سيبقى في قلوبنا وسنواصل معك وباسمك دربنا ودرب الحرية والاستقلال''· وثّمن عبد ربه ''دور دولة الإمارات العربية في المواقف التاريخية، والتسهيلات التي قدمها الأشقاء في الإمارات ''· وقالت وزيرة الثقافة الأردنية نانسي باكير: ''لم يمت درويش ولم يرحل من نفوسنا، فكل قصيدة رمز من رموز الحياة، وعزاؤنا هذا الإرث الذي تركه فينا''· وأضافت إن ''هذه اللحظة من أصعب لحظات حياتي، والتي أمثل فيها الحكومة الأردنية في مصاب جلل أدمى القلوب، وأنا أشارك في تشييع رمز من رموز النضال الفلسطيني''· وقالت باكير: ''كل الشعوب تؤكد لك أن مكانتك يا محمود ستبقى في القلب''، مشيرة إلى أنّ ''إبداع محمود سيبقى النموذج، وأن محمود درويش سيبقى مدويا في العالم فقد أوصل دمعة القدس الشريف إلى كل فضاء في العالم''· وقال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون في كلمته ''أنت سياسي عظيم، كنت في اللجنة التنفيذية أصلب الرجال، كنت لا تقبل خطأ ممكن أن يكون، وحتى إذا رأيت الأمور كما تعتقد تنحيت جانبا''· واضاف ''تمهل أيها الشاعر العظيم تمهل لم تترجل لا وداع فأنت في الناس ما غادرت، إن العين لتدمع، والقلب ليجزع وإنا على فراقك لمحزونون''· وقال الدكتور خالد الكركي رئيس الديوان الملكي السابق، رئيس الجامعة الأردنية: ''كيف يمكن للكلام أن يكون في حضرة سيد الكلام، لقد كنا نحبك حيا ونظل نحبك، لماذا تركت الزمن العربي وحيدا، كان عمرك قصيرا، وإبداعك عظيما، ولا نعرف من سيؤنس الشعر بعدك''· ثم اضاف ''لقد انتظرت الموت بنفس الأمير البديع، مت شاعرا أسطوريا، صرت فكرة كما أردت وطائرا فينيقيا لقد صرت كل ما تريد''· وأنشد الفنان اللبناني مارسيل خليفة قصيدتين لدرويش هما '' أحن الى خبز أمي''، و''يطير الحمام''· كما ألقى محمد صبح، ممثل الجامعة العربية، كلمة أشار فيها الى إصرار الجامعة على المشاركة في مراسم وداع الراحل الكبير محمود درويش الذي ''إنضم الى كوكبة المبدعين الراحلين من أبناء فلسطين''، وقال: ''ستبقى يا محمود خالدا في قلوبنا طالما بقي البحر الأبيض المتوسط يهدهد شواطئ يافا وغزة وعكا''· ووصف أحمد الطيبي النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي، الراحل بأنه: ''نيل مصر، وجمرة الشام، وأرز لبنان، ونخيل الخليج، وعذب دجلة والفرات، عاتباً على''الشرايين التي خانت صاحبها''، الذي وإن ودّع الحياة فإنّ روح الشعر الجبارة عنده باقية، وقال: ''إنهض يا صاحب الحاكورة والشجر، فمن سيكتب غيرك غداً القصيدة ؟!''· وودعه بقوله :'' تغيب الشمس ويبقى المطر، ويموت الشاعر ولا يغيب·''·
المصدر: عواصم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©